أشجار الحور.. مصدر دخل لا يمكن للأهالي الاستغناء عنه في جرابلس


تنتشر زراعة شجر الحور بشكلٍ واسع في منطقة "جرابلس" بريف حلب الشمالي الشرقي، حيث تعتمد مئات الأسر في القرى المحاذية لنهر الفرات على هذه الزراعة كمصدرٍ مهم للدخل وتوفير لقمة العيش.

في هذا الصدد قال الأستاذ "محمد شيخ أحمد" مدير الزراعة في المجلس المحلي لمدينة "جرابلس" في تصريح خاص لـ"اقتصاد"، إنّ زراعة الحور كانت تقوم في السابق على مساحات جيدة من ضفاف نهري الفرات والساجور الموجودة ضمن منطقة "جرابلس"، لكنّ زراعة هذا النوع من الأشجار تراجع بشكلٍ ملحوظ بعد بناء سد "تشرين" وتشكل بحيرة اصطناعية خلفه.

وأضاف: "تقدّر المساحة الإجمالية المزروعة بشجر الحور في (جرابلس) حالياً بنحو 100 هكتار، أكثرها من النوعين الرومي (الأبيض) والشامي، وتعتبر منطقة (الحاوي) وقرية (الجامل) القريبتين من نهر الفرات الأكثر شهرة في زراعة الحور، إذ تزيد نسبة اعتماد الأهالي على هذا النوع من الزراعة فيهما عن 50% من مساحة الأراضي الإجمالية الصالحة للزراعة".


وعن كيفية زراعة أشجار الحور، أوضح "شيخ أحمد" قائلاً إنّ "أولى الخطوات تبدأ من خلال تجهيز قطعة من الأرض المروية العميقة بعدّة فلاحات، وبعدها يتم زراعة نُصب الحور -تؤخذ عبر تقليم الفروع الجانبيّة من جذوع الأشجار التي لا يتعدى عمرها أكثر من عام بحيث لا يقل طول الواحدة منها عن 50 سنتمتراً - في أشهر الشتاء على شكل سطورٍ مستقيمة المسافة بين السطر والآخر بحدود 80-100 سم، وقد تزداد المسافة إلى 120 سم عندما يراد استعمال العزاقات الآلية لأعمال الفلاحة والتعشيب بين سطور الغراس".

ولفت "شيخ أحمد" إلى أنّ الدونم الواحد يزرع بحدود 1000 شجرة، يقوم المزارع برعايتها والعناية بها على مدار 7 سنوات؛ وعند انقضاء هذه الفترة تصبح الأشجار بحجمٍ مناسب ويصبح بالإمكان بيعها والاستفادة من عوائدها التي تقدّر بحدود 1200 دولار أمريكي للدونم الواحد.
 
وعلى عكس أنواع من الزراعات الأخرى، لا تكلف زراعة الحور –كما يقول شيخ أحمد- الكثير من المصاريف، إذ لا يمكن أن تتعدى التكلفة السنوية للدونم الواحد 100 ألف ليرة سورية في أفضل تقدير، وهي تشمل مصاريف المحروقات والأسمدة والمبيدات الحشريّة الخاصة بمكافحة المنّ والديدان، بالإضافة إلى أعمال الكساح والتنظيف.

وأكدّ "شيخ أحمد" على أنّ محلي "جرابلس" يحرص وضمن الإمكانيات المتوفرة على دعم المزارعين وتوفير مستلزمات الإنتاج لهم بنوعيات جيدة وأسعار مناسبة خاصة الأدوية والمحروقات والأسمدة.


مصاعب

بدوره أشار "أبو هشام" أحد مزارعي الحور في منطقة "الحاوي" إلى أنّ زراعة أشجار الحور في عموم منطقة "جرابلس" تعاني مشكلات عدّة من أبرزها: انعدام وجود أسواق خارجية لتصدير الأخشاب، وغلاء الأسمدة والمحروقات والأدوية اللازمة لمعالجة الأمراض التي تصيب الأشجار، فضلاً عن وجود عمليات استيراد لأشجار الحور من تركيا ومنافستها للمنتج المحلي.

وأضاف أنّ "إنتاج (جرابلس) من الأخشاب كان يذهب بمعظمه إلى المناطق الشرقية وقد يصل لمحافظة دير الزور، لكن ونتيجة لسيطرة مليشيا (قوات سوريا الديمقراطية) على مناطق شرق الفرات وعلى مدينة (منبج) تحديداً لم يعد بالإمكان تصدير هذا النوع من الشجر".

وسبق أن مُنِي قطاع الحور بخسائر مادية كبيرة في العام الماضي لعدم وجود أسواق تصريف خارج المنطقة، إذ انخفض سعر الشجرة الواحدة حينها من 3000 إلى 1000 ليرة سورية، لكنّ "أبو هشام" أكدّ أنّه وبالرغم من جميع الصعوبات التي تواجه المزارعين إلاّ أنّ قسماً كبيراً منهم ما يزال يُصِرّ على زراعة أشجار الحور لأنّها مصدر رزقهم الوحيد وأملاً بتعويض جزءٍ من خسائرهم السابقة.

ووفق "أبو هشام" فقد شهد هذا العام تحسناً في أسعار الحور مقارنة بالعام الفائت؛ حيث يتراوح سعر شجرة الحور الواحدة بين 3000 إلى 4000 ليرة سورية (حسب حجمها)، أمّا طن حطب شجر الحور المخصص للحرق فيتراوح بين 200 إلى 220 ألف ليرة.


استعمالات متعددة

لأشجار الحور استعمالات عديدة في ميادين الصناعة والبناء والثروة الحيوانية، ويعدّد "أحمد العوض" وهو صاحب منشرة لقطع الخشب في المنطقة، بعض أوجه استخدامات أخشاب الحور كبناء أسقف البيوت الطينية، وكأعمدة دعمٍ في أعمال الإسمنت المسلح، وأيضاً في صناعة الأثاث المنزلي البسيط كالخِزانات الصغيرة والكراسي.

إضافةً إلى ذلك تستخدم أغصان شجر الحور في صناعة المعاول والرفوش والفؤوس والسلالم الخشبيّة، فيما تستخدم الأوراق كعلف للأغنام والماعز والجمال، كذلك يمكن فرم الأخشاب وتحويلها إلى قطعٍ صغيرة تستعمل لتربية صغار الدواجن، وامتصاص الرطوبة داخل أماكن تربية الأبقار والمواشي. وفق ما أشار إليه "العوض" في حديثه لـ"اقتصاد".

ترك تعليق

التعليق