الخضار تحلّق في درعا.. و"معبر نصيب" أحد المُتهمين


على غير المألوف في مثل هذه الأوقات من السنة، شهدت أسعار الخضار في محافظة درعا ارتفاعاً ملحوظاً، وهو ما أثار استغراب أهالي المحافظة التي تعتبر في طليعة المحافظات السورية المنتجة للخضار والمحاصيل الزراعية الأخرى.
 
وعزت مصادر مطلعة ارتفاع أسعار الخضار في المحافظة إلى مجموعة أسباب من أهمها: ارتفاع أسعار المواد الأولية من بذار وأسمدة ومحروقات ومواد مكافحة، وتراجع كميات الإنتاج الداخلة إلى الأسواق كون الموسم الزراعي أصبح في خواتيمه، إضافة إلى موجة الغلاء التي تضرب البلاد بسبب ظروف الحرب والسياسات الفاشلة، التي يتبعها النظام في التعاطي مع الأمور المعيشية للمواطنين السوريين وتحكم التجار بالأسواق بعيداً عن رقابة النظام أو بمشاركته.

لكن مصادر أخرى، قالت إن "أسباب ارتفاع الأسعار في هذه الفترة تحديداً هي عمليات التصدير، التي استؤنفت مؤخراً بالتزامن مع افتتاح معبر نصيب- جابر الحدودي ودخول البضائع إلى الأردن والسعودية، ومن خلالهما إلى بعض الدول الخليجية"، موضحة أن مئات البرادات المحملة بالخضار والفواكه، عبرت إلى الأردن مؤخراً، فيما تعبر عشرات البرادات الأخرى بشكل شبه يومي.
 
واستشهدت هذه المصادر بإحصائيات النظام، التي أكدت أن أكثر من 300 شاحنة مبردة تحمل أكثر من 6400 طن من الخضار والفواكه والمواد الغذائية المصنعة، خرجت من الأراضي السورية عبر المعبر المذكور باتجاه الأردن، منذ إعادة العمل به في أواخر شهر أيلول الماضي.

فيما عزت مصادر ثالثة أسباب ارتفاع أسعار الخضار، والعديد من السلع الأخرى في سوريا بشكل عام، ومن ضمنها محافظة درعا، إلى عمليات التهريب التي تقوم بها جهات مرتبطة بالنظام، وبعض الميليشيات المتحالفة مع قواته، إلى لبنان.

واستشهد أصحاب هذا الرأي، بشكوى نقلها الإعلام الوطني اللبناني عن مزارعين لبنانيين، أكدوا فيها أن مئات الأطنان من المنتجات الزراعية تدخل لبنان يومياً عبر منطقة البقاع، التي يسيطر عليها حزب الله اللبناني.
 
ونقل الإعلام اللبناني عن المزارعين تهديدهم "بإقفال الطرق والأسواق التي تبيع المنتج السوري بأجسادهم، حرصاً على لقمة عيشهم"، مطالبين الحكومة اللبنانية وسلطاتها المعنية، بوضع حد لظاهرة تهريب المنتجات الزراعية من سوريا، لا سّيما البندورة والبطاطا والقرنبيط والملفوف. وتشكل محافظة درعا المنتج الأساسي لهذه الأصناف.

وأكدت المصادر، أنه في الوقت الذي تصدر فيه الخضار والفواكه السورية أو يتم تهريبها إلى دول الجوار، يعاني المستهلك السوري من صعوبة كبيرة في الحصول على حاجته من هذه المنتجات، بسبب ارتفاع أسعارها بالمقارنة مع دخله المنخفض جداً.

ولفتت المصادر إلى أن كيلو البندورة ارتفع في عدد من مناطق محافظة درعا المُنتجة للخضار، من 200 إلى 400 ليرة سورية، والبطاطا من 225 ليرة سورية إلى 425 ليرة سورية، فيما ارتفع الخيار من 350 ليرة سورية إلى 550 ليرة سورية، والفاصوليا من 600 إلى 1000 ليرة، والباذنجان من 250 إلى 350 ليرة سورية، والرمان من 350 إلى 450 ليرة سورية والعنب من 450 إلى 650 ليرة سورية.

كما ارتفع سعر كيلو البصل في بعض المناطق إلى 500 ليرة سورية، والكوسا إلى 600 ليرة سورية، والفليفلة الحلوة إلى 350 ليرة، وجرزة البقدونس إلى 300 ليرة سورية، حيث تتوقع المصادر أن ترتفع الأسعار خلال الأيام القادمة بشكل أكبر.

وأضافت المصادر أن الفواكه تغيب عن الكثير من مناطق المحافظة، بسبب ارتفاع أسعارها وعدم قدرة الأهالي على شرائها، مؤكدة أن ارتفاع الأسعار حرم الأهالي من تناول الفاكهة رغم حاجتهم إليها.

ولفتت المصادر إلى أن سعر كيلو التفاح يتراوح ما بين 800 و1500 ليرة سورية، والبرتقال بين 500 و800 ليرة سورية والأجاص والدراق أكثر من 1200 ليرة سورية والتين أكثر من 1500 ليرة سورية والليمون الحامض الأخضر ما بين 900 و1200 ليرة سورية.

وأشارت المصادر إلى أن أسعار الخضار وهي إنتاج محلي، ارتفعت بنسب كبيرة في بلد يعيش سكانه أسوأ الظروف الاقتصادية، وأكثرها مرارة، بسبب انتشار البطالة والغلاء، وغياب مصادر الدخل الثابتة.
 
وأكدت المصادر، أن المستفيد من عمليات التصدير والتهريب هما التاجر والمهرب فقط، اللذين يتحكمان بمصير المنتج والمستهلك الداخلي وبمقدرات البلد أيضاً، لافتة إلى أن الأسعار وصلت إلى حد لا يطاق في ظل غياب الرقابة، وإهمال حكومة النظام، وعجزها عن تحقيق الأمن الغذائي للمواطن السوري، الذي بات في التصنيفات العالمية الأفقر بين سكان الدول.

من جهتها نفت مصادر النظام، أن يكون التصدير سبباً في ارتفاع أسعار الخضار والفواكه في البلاد بشكل عام، وذلك على لسان عمر الشالط رئيس غرفة زراعة دمشق التابعة للنظام.

ولفت في تصريح للإعلام الموالي، إلى أن التصدير لم يتوقف في أي وقت من الأوقات، لا في المواسم ولا غيرها، نافياً أن يكون التصدير على حساب حاجة السوق والمستهلك المحلي.

وزعم الشالط  أن ما يتم تصديره هو الفائض عن حاجة السوق المحلية، وهو لا يؤثر على الأسعار في الداخل السوري حسب رأيه.
 
يشار إلى أن محافظة درعا تنتج سنوياً أكثر من 480 ألف طن من البندورة، ما يشكل 50 بالمئة من حاجة سوريا الاستهلاكية، ونحو 80 ألف طن من البطاطا، و7 آلاف طن من الخيار، وعشرات الأطنان من الملفوف والقرنبيط والخس والملوخية والباميا والفاصوليا وغيرها، ما يفترض أن تكون الأسعار فيها أقل مقارنة بغيرها من باقي المحافظات الأخرى.

ترك تعليق

التعليق