واشنطن حذرت نيفادا من استخدام أدوات اختبار صينية من الإمارات


 كشف وثائق حصلت عليها وكالة الأسوشيتد برس أن دبلوماسيين ومسؤولين أمنيين أمريكيين حذروا ولاية نيفادا من استخدام مجموعات اختبار فيروس كورونا صينية الصنع التي تبرعت بها الإمارات بسبب مخاوف بشأن خصوصية المريض ودقة الاختبار وتدخل الحكومة الصينية.

توضح الوثائق كيف حاولت الحكومة الأمريكية إبعاد الولاية عن مشروع تشارك فيه شركة بي جي آي غروب، أكبر شركة للتسلسل الجيني في العالم والتي وسعت نطاق انتشارها خلال جائحة فيروس كورونا.

حذرت وكالات الاستخبارات الأمريكية من أن القوى الأجنبية مثل الصين يمكن أن تستغل العينات لاكتشاف التاريخ الطبي أو الأمراض أو السمات الوراثية للمتقدمين للاختبار، على الرغم من أنها لم تقدم أي دليل ملموس.

وتظهر رسائل البريد الإلكتروني والوثائق الداخلية التي حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس من مكتب حاكم ولاية نيفادا، بموجب قانون الحصول على المعلومات، أن السلطات الأمريكية أعربت عن هذه المخاوف على وجه التحديد بشأن شركة بي جي آي.

كتب ويليام باف، الملحق الإقليمي للأمن الداخلي في سفارة الولايات المتحدة في أبو ظبي، في رسالة بريد إلكتروني إلى مسؤولي نيفادا: "آمل أن تكون قيادة فريق عمل نيفادا بشأن كوفيد-19 على دراية بهذا الأمر حتى تتمكن من اتخاذ قرار مستنير ومعرفة بعض مخاوف الحكومة الأمريكية".

قادت التحذيرات التي بعثت بها وزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية مكتب حاكم ولاية نيفادا ستيف سيسولاك في أبريل / نيسان إلى إصدار أوامر لأحد مستشفيات نيفادا بعدم استخدام أي من مجموعات الاختبار التي تم التبرع بها والتي يبلغ عددها 250 ألفاً، حيث رفض المسؤولون مجموعات الاختبار التي تم التبرع بها.

قد تلعب الجغرافيا السياسية دوراً في تحذير الولايات المتحدة، حيث يخوض الرئيس دونالد ترامب وإدارته حرباً تجارية مع الصين، كما مارسوا ضغطاً نشطاً على حلفائهم لعدم استخدام شبكات اتصالات شركة هواوي الصينية، على سبيل المثال، بسبب مخاوف أمنية.

عملية التبرع إلى نيفادا قدمتها أيضاً شركة إماراتية غامضة تسمى غروب 42، والتي دخلت في شراكة مع شركة بي جي آي والتي تتخذ من مدينة شنجن الصينية مقرا لها لإنشاء نظام اختبار سريع في الإمارات.

ولم يرد المسؤولون الحكوميون في الإمارات على طلبات التعليق المتعددة التي أرسلت لهم.

ورداً على استفسارات الأسوشيتد برس، قالت بي جي آي في رسالة بريد إلكتروني أن جي 42 قدمت التبرع إلى نيفادا من تلقاء نفسها دون علم الشركة وأن بي جي آي لم يكن لديها اتصال مباشر مع الولاية.

وحصلت مجموعات اختبارات كوفيد-19 التي تنتجها بي جي آي على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لاستخدامها في حالات الطوارئ وتستخدم في بعض المعامل في الولايات المتحدة - لكن الشركة قالت إنها "ليس لديها إمكانية الوصول إلى عينات أو بيانات المرضى".

وأضافت الشركة: "تأخذ مجموعة بي جي آي حماية بيانات المريض والخصوصية والأخلاق على محمل الجد، وتلتزم بالامتثال الكامل لجميع اللوائح المعمول بها في البلدان التي تعمل فيها".

تعاونت شركتا جي 42 وشركة بي جي آي لإنشاء مختبر مماثل في أبو ظبي في مارس/ آذار، ضمن حملة اختبار جماعية في الإمارات أجرت أكثر من 11 مليون اختبار في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 9 ملايين شخص.

اقترحت الإمارات بناء مختبر مماثل في ولاية نيفادا يقوم بمعالجة العينات من اختبارات تفاعل البوليميرات المتسلسل (بي سي آر). ويمكن لهذه الاختبارات الجينية اكتشاف الإصابة بفيروس كورونا.

جاء العرض غير المعتاد من دولة الإمارات خلال نقص مجموعات الاختبار في الولايات المتحدة.

وفي رسالة بريد إلكتروني تم إرسالها إلى مسؤولي نيفادا في 20 أبريل/ نيسان، زعم باف، ملحق وزارة الأمن الداخلي، دون تقديم دليل أن دقة اختبارات فيروس كورونا التي تقوم بها شركة جي 42 "تبلغ نحو 60٪"، وليست 90٪ كما تزعم الشركة.

لكن شركة بي جي آي زعمت أن اختبارات بي سي آر التي تجريها تتمتع بدقة عالية، في الوقت الذي يمكن أن تؤثر فيه عوامل مثل "عملية جمع وتخزين ونقل العينات" على النتائج.

أثار باف أيضاً مخاوف بشأن المخاطر المحتملة لمشاركة الأمريكيين عيناتهم الطبية مع الشركة.

كتب باف: "لدى السفارة مخاوف بشأن علاقة شركة جي 42 بالحكومة الصينية وبي جي آي، ومخاوف بشأن خصوصية المرضى. التوجيه الذي تلقيناه من وزارة الخارجية الأمريكية هو ضرورة رفض مجموعات الاختبار التي قدمتها شركة جي 42".

استجاب مكتب حاكم نيفادا سريعا في نفس اليوم لتحذيرات باف ومسؤولين أمريكيين آخرين. وكتبت ميشيل وايت، كبيرة موظفي مكتب حاكم ولاية نيفادا، في رسالة بريد إلكتروني أنها "توصي بشدة بإيقاف هذه الاختبارات وأي استخدام لمجموعات الاختبار على الفور".

وذكر سكوت كوربس، المتحدث باسم المركز الطبي بجامعة نيفادا، الذي تلقى إمدادات من شركة جي 42، للأسوشيتد برس أنه في الوقت الذي استخدم فيه المركز الطبي للجامعة 20 ألف مجموعة اختبار قدمتها شركة جي 42، إلا أنه لم يتم استخدام الـ250 ألفا التي تبرعت بها الإمارات لأنها كانت غير متوافقة مع نظام المركز.

حذر المركز الوطني لمكافحة التجسس والأمن في الولايات المتحدة مسؤولي الصحة بالولاية من "التهديدات المحتملة التي تشكلها القوى الأجنبية فيما يتعلق باختبارات كوفيد"، حتى مع موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على الاختبارات الصينية لشركات بي جي آي وغيرها لاستخدامها في حالات الطوارئ.

رفضت السفارة الأمريكية في أبوظبي عرضاً قدمته الحكومة الإماراتية قبل أشهر لإجراء اختبار مجاني لفيروس كورونا لدبلوماسييها بسبب مخاوفها بشأن تورط الصين. ولم تعلن تلك المعلومات أيضاً لما يقدر بنحو 75 ألف أمريكي يعيشون في الإمارات.

وردا على أسئلة من وكالة الأسوشيتد برس، رفضت وزارة الخارجية تقديم أي تفاصيل حول مناقشاتها مع الحكومة الإماراتية، حيث تصر دولة الإمارات على أن جميع البيانات الجينية يتم الاحتفاظ بها بشكل خاص ولا يتم مشاركتها مع بي جي آي.

وقالت وزارة الخارجية: "تشارك الوزارة المعلومات مع المواطنين الأمريكيين العاديين في الخارج بشأن تهديدات السلامة والأمن التي قد تؤثر عليهم. في هذه الحالة، لم تعتبر الإدارة أن استخدام مجموعات اختبار بي جي آي بشأن كوفيد-19 يمثل تهديداً للسلامة".

ترك تعليق

التعليق