صحفي سوري يفتتح أول مكتبة عربية في منطقة أقجلار التركية


كان عدد من الأطفال السوريين يلعبون في حديقة منزل بمنطقة اقجلار التركية وتضمنت اللعبة وجود لوح صغير مكتوب عليه أسماء كل منهم باللغة العربية وفي غمرة اللعبة توجه طفل منهم مولود في تركيا ومتفوق باللغة التركية بسؤال للبقية: "هل يمكن أن تدلوني على اسمي أين هو من ضمن هذه الأسماء؟"، هذه الحادثة شكلت صدمة كبيرة لدى الصحفي السوري "ياسر العيسى" وأثارت انتباهه إلى الواقع الكارثي الذي يعيشه الأطفال العرب في تركيا مع لغتهم الأم، ومن بينهم أبناء جلدتنا من السوريين.

 فقرر كما يقول لـ"اقتصاد"، إنشاء مكتبة عربية هي الأولى من نوعها في الأحياء الغربية من مدينة اسطنبول التي يقارب عدد سكانها العرب، ربع مليون نسمة، وربما يزيدون عن هذا الرقم، ورغم ذلك لا وجود لمكتبة عربية شاملة تخدمهم وتخدم أطفالهم وتساعد العائلات العربية المنتشرة في الأحياء الغربية من اسطنبول التي تلاقي صعوبة في الوصول إلى منطقة الفاتح البعيدة نوعاً ما منها، وتتواجد فيها أغلب المكتبات ودور النشر العربية، ومع ذلك قلة منها تُعنى بالأطفال، أو يكون للطفل جانب من منتجاتها.

ولفت خريج الصحافة الذي لجأ إلى تركيا عام 2014 إلى أن ما شجعه على فكرة افتتاح المكتبة هو كونها مهنة والده الذي تربى في مكتبته ناهيك عن الجدوى الاقتصادية التي كانت لصالح فكرة المشروع حيث يتواجد ما يزيد عن مليون عربي في منطقة اقجلار وما يجاورها من أحياء مثل اسنيورت، بيليك دوزو كوجك شكمجه وغيرها، ناهيك عن اختيار المكتبة بالقرب من محطة اقجلار المركزية وبجانب مقر رئيس لجامعة اسطنبول حيث يضم المكان عدداً كبيراً من فروعها، ووجود الأخيرة (الجامعة) سيمنح المشروع جدوى اقتصادية مهمة لاحتوائها على قسم الطباعة والتصوير.


 وأشار العيسى إلى أن الهدف من مشروعه هذا تشجيع العرب في اسطنبول على تعليم أطفالهم اللغة العربية مع وجود العديد من المناهج ضمن محتوياتها، ناهيك عن "رغبة كبيرة في دفع أطفالنا نحو حب لغتهم الأم ولمس الأحرف ورقياً، عبر مناهج وقصص وأدوات تعليمية وألعاب ذكاء تساعدهم على التمكن وإتقان هذه اللغة، إضافة إلى تشجيع الكبار منهم على القراءة عبر تشكيلة لا بأس بها من الكتب الدينية والتراثية والفكرية والسياسية، ناهيك عن الطباعة والتصوير التي تخدم طلاب الجامعة وغيرهم، وضمن أسعار تراعي عدم الفحش في الربح كما هو حاصل في معظم المهن بتركيا للأسف".

ولدى سؤاله عن توقيت افتتاح المشروع في ظل كساد أسواق الكتب وظروف كورونا وهل أثر  هذا الأمر على حماسه للمشروع، أشار العيسى إلى أن أسواق الكتب ليست كاسدة، فهناك أناس يقرؤون ورقياً ولا يفضلون القراءة الكترونياً، وهم كُثر وليسوا قلة  ناهيك عن قضية أساسية أخرى، وهي أن المكتبة ستوفر للأطفال وعائلاتهم مناهج عربية متنوعة ولكافة الأعمار يستطيعون من خلالها اختيار الأنسب لهم، وبالتالي مساعدة من لا قدرة لديه على تعليم أطفاله اللغة العربية عبر تقديم مناهج متكاملة مع ملحقات مساعدة توجه من يدرّس المنهج على الطرق الأنسب للتعليم.


ولفت المصدر إلى أن أزمة كورونا على عكس المتوقع ساعدت على رواج المشروع بسبب انكفاء التعليم التقليدي بشقيه الخاص والعام خاصة في المراحل التمهيدية (روضة ومرحلة ابتدائية)، وتوجه الناس للتعليم المنزلي وهذا يحتاج إلى خطط ومناهج احترافية، وهو ما توفره المكتبة، والناحية الثانية-كما يقول- هي التواجد في المنزل لفترات طويلة وتفضيل كثير من الناس البقاء في المنزل قدر الإمكان إضافة إلى إمكانية فرض حظر جزئي على فئات معينة ساعد على توجه البعض للقراءة في سبيل قضاء الوقت وملء الفراغ، وليس الجميع يفضل القراءة الالكترونية بل إن البعض لا يعرف التعامل مع هذه الأجهزة أصلاً. أما الناحية الثالثة-حسب قوله- فهي أن طلاب الجامعة أصبح أغلبهم يدرسون من المنزل وأصبحت المحاضرات والدروس ترسل عبر وسائل التواصل المختلفة وتحتاج إلى التصوير والطباعة، وهو ما توفره المكتبة كذلك.

 ونوّه صاحب المشروع إلى أن تركيز مكتبته سيكون في 30% منه على قسم الكبار، سواء حملت عناوين دينية أو سياسية أو تاريخية أو روائية.. و70 بالمئة على قسم الأطفال الذي يضم إضافة إلى المناهج وقصص الأطفال، ألعاب الذكاء والمستلزمات التعليمية المساعدة بمختلف أصنافها وأهدافها.

ترك تعليق

التعليق