تدوير الألبسة في إدلب.. تحايل على صعوبات المعيشة


بينما كانت السيدة "أم جواد" جالسة خلف مكينة الخياطة، وتدوس على عجلتها محركة الإبرة صعوداً ونزولاً كانت قطع القماش التي قصتها للتو من قميص قديم تتحول رويداً رويداً بين يديها إلى فستان صغير.

تقول "أم جواد" في حديث لـ "اقتصاد": "بعد أن هجرنا من بيتنا بغوطة دمشق، نقيم بريف إدلب، وزوجي بلا عمل ومتاعب الحياة لا تنتهي لذلك قررت أن أعمل".
 
لم يسبق لـ "أم جواد" أن عملت بالخياطة وهي الهواية التي تعلمتها من أمها، وكانت تستعين بخبرتها في هذا المجال لإصلاح ملابس عائلتها فقط.

لم تكن الأقشمة التي تخيطها السيدة في دكانها الصغير القريب من بيتها، سوى عبارة عن قطع من ملابس قديمة أو أقمشة حصلت عليها من محلات بيع الألبسة المستعملة "البالة".

"يمكن تحويل بنطال قديم مقاسه كبير، لبنطال صغير بجودة مقبولة. كما نخيط من البطانيات جاكيت سميك لبرد الشتاء"،  توضح "أم جواد".


وتتابع درز الفستان الصغير الذي تحمله بيديها وهي تقول: "منذ أن افتتحت المحل إلى الآن لم تأتِ إلي زبونة بقماش جديد، والسبب هو الغلاء وقلة الدخل عند معظم الناس هنا".

لا يتجاوز ما تتقاضاه السيدة "أم جواد" عن خياطة أي قطعة قماش 5 ليرات تركية وهي أجرة معقولة جداً بحسب "ابتسام" إحدى زبائن الخياطة.

وتقول "ابتسام": "كنا طيلة الشتاء الماضي، نشتري أكياس ملابس البالة لنحرقها للتدفئة، وكلما خرجت بين يدي قطعة قماش جيدة، أو فستان يمكن إصلاحه أقوم بتحويله عند الخياطة".

مع انخفاض قيمة الليرة السورية، وتراجع فرص العمل، أصبح شراء الملابس الجديدة من كماليات الأسر في الشمال السوري، وهو الأمر الذي دفع العشرات للتحايل على المعيشة بأي طريقة.

تقول "هبة": "إن متاعب الحياة لا تنتهِ، وهموم فصل الشتاء لوحدها تثقل الظهر، لذا يمكن توفير بعض النقود من شراء الملابس الجديدة، واستبدالها بإصلاح المستعملة".

وصنعت "هبة" جاكيت لطفلتها الصغيرة مستخدمة بنطال جينز قديم. "لقد زينته ببعض الرسوم والاكسسوار، ما جعله جميلاً جداً"، قالت "هبة" وهي تفلل الخيوط الزائدة عن الجاكيت.

"انكش خزانتك"
 
وهو عنوان لحملة أطلقتها مجموعة "هذه حياتي التطوعية" هدفها جمع الملابس القديمة والتبرع بها لصالح ورشات الخياطة التي يقيمها الفريق لإعادة تدويرها والاستفادة منها على نحو أفضل.

"سارية بيطار" مدير المجموعة قال لـ "اقتصاد" إن المجموعة أقامت مشروع تدريب للنسوة على الخياطة وحياكة الصوف، يستهدف  بالدرجة الأولى زوجات المعتقلين والأرامل.

ويتابع "البيطار": "كنا نستعين بأقمشة من البالة لتحويلها لحقائب مدرسية أو أكياس قماشية مثلاً. كما أتاحت الحملة التي أطلقناها -(انكش خزانتك)- الفرصة أمام الكثيرين للتبرع بحسب استطاعتهم".
 

وتنشط مجموعة "هذه حياتي" في توزيع الملابس الشتوية على مخيمات بالشمال السوري. ويقول "البيطار" إن مشروع إعادة تدوير الملابس قد ساهم في توسيع حملات التوزيع نظراً لرخص تكلفتها مقارنة بأسعار الأقمشة الجديدة.

ترك تعليق

التعليق