كيف يربح "اليوتيوبرز"؟


دون النظر إلى ردود الفعل الواسعة التي خلفها حفل الكشف عن جنس المولود القادم، الذي أقامه صانع المحتوى "اليوتيوبر" السوري أنس مروة وزوجته أصالة المالح، في دبي، من على برج خليفة، أعادت الواقعة التساؤلات عن العائدات المادية والأرباح التي يتقاضاها صناع المحتوى من شركة "يوتيوب".

مشاهد البذخ في الحفل، وبعيداً عن الخوض في تحديد الجهة التي تحملت تكاليفه، جعلت كثيرين يبحثون عن حجم الأرباح التي يحققها اليوتيوب.

لا يفضل "اليوتيوبرز" الخوض في الأرباح التي يتقاضونها، وعلى ذلك، كان متوقعاً ومفهوماً ربما، أن لا يأتينا الرد على رسائلنا، التي وصلت لبعضهم.

لذلك، توجه "اقتصاد" إلى مصدر خبير بوسائل التواصل الاجتماعي، ليحيط قراءه بالأرباح التي يشاركها "يوتيوب" مع صناع المحتوى لديه، أو بمعلومات أولية، نظراً لصعوبة تحديد قيمة الأرباح، بسبب التعقيدات الكثيرة.

المختص بالتسويق الإلكتروني، والمسوق المُعتمد من قبل شركة "فيسبوك"، رامي عيسى، قال إن حسابات عدة تدخل في تحديد حجم الأرباح.

مصادر ربح متعددة

وأوضح أن الأرباح التي يجنيها صانعو المحتوى أو "اليوتيوبرز"، تأتي من أكثر من مصدر، أولها أرباح المشاهدات المباشرة موضحاً أنه "عند مشاهدتك أي مقطع مرئي، يظهر لك إعلانات، وهنا تقدم الشركة نسبة من عائدات الإعلانات التي تظهر لصانع المحتوى".

وتختلف النسبة بحسب مكان الجمهور، مبيناً: "تُقدم شركة يوتيوب لمشاهدات الجمهور من الدول الاقتصادية الغنية (أمريكا، وأوروبا) مبالغ أكبر من القيمة التي تدفعها للمشاهدات من آسيا أو من منطقة الشرق الأوسط".

وموضحاً أكثر يقول عيسى: "على سبيل المثال تقدم الشركة لصانع المحتوى على كل ألف مشاهدة من أمريكا، مبلغ 5 دولار، في حين تقدم لعدد المشاهدات ذاته، لكن من دول لا تعتبر قوية اقتصادياً، 2 دولار فقط".

وإلى جانب أرباح المشاهدات المباشرة وهي الأعلى والأضخم، يحصل اليوتيوبرز على أرباح من الاشتراكات المدفوعة، حيث يسمح اليوتيوب لأصحاب القنوات بعدم السماح بمشاهدة الفيديو دون الاشتراك الشهري المدفوع (5-10 دولار شهرياً)، يتم تقاسمها بين صاحب القناة والشركة.

وثمة مصدر آخر للأرباح، قادم من الرعاية التي تقدمها الشركات لصانع محتوى محدد، وعن ذلك يوضح عيسى: "التعامل هنا يكون محصوراً بين اليوتيوبرز والشركة، بحيث تطلب الأخيرة من الأول الذي يحظى بشهرة واسعة وضع إعلانها داخل الفيديو، مقابل أجر يتم الاتفاق عليه".

ويشكل التبرع لدعم اليوتيوبرز واحداً من مصادر الأرباح، بمعنى أن الجمهور يقوم يدعم صانع المحتوى الذي نال إعجابه مالياً، وذلك من خلال الدفع الالكتروني.

حسابات الأرباح على حساب المحتوى

وحسب عيسى، فإن الأرباح ونسبتها مرتبطة بعدد المشاهدات، فكلما زادت المشاهدات زادت الأرباح، موضحاً: "عدد وصول الإعلان يضاعف الأرباح، وكذلك تبحث الشركات عن قنوات تحقق مشاهدات عالية، أي المشاهير".

وقال: "من هنا نستطيع فهم حسابات الربح بالمحتوى الذي تقدمه القنوات، حيث نشاهد محتوى لا يحمل أي رسائل هادفة، وإنما يثير الانتباه، بغرض جذب المشاهدات، لمضاعفة الأرباح".

عملية معقدة

أحمد نوح، صانع محتوى مصري، أوضح في مقال له، رصده "اقتصاد"، أن المُعلن يختار النطاق الجغرافي الذي يود عرض إعلانه فيه، ومواصفات المشاهد الذي يود عرض المنتج عليه، وعدة خيارات أخرى، ومن ثم يعمل يوتيوب تلقائياً على عرض هذه الإعلانات على أكثر الفيديوهات والمشاهدين المناسبين لمواصفات المعلن.

 ويتابع: "يوتيوب تختار أكثر الإعلانات ربحاً للموقع وبالتبعية لصانع المحتوى، وكلما زاد الطلب على المحتوى والجمهور المشاهد لهذا المحتوى، كلما ارتفعت أسعار الإعلانات وتربح صانع المحتوى أكثر، والمعلنون يرفعون من أسعار إعلاناتهم حتى يضمنوا الظهور للجمهور الأفضل".

وأضاف: "يظهر الإعلان على الفيديو المناسب، ولكن الرحلة لا تنتهي هنا، فالغرض من الإعلان ليس الظهور فقط، بل الغرض الرئيسي هو ضغط المشاهد على الرابط في الإعلان، ليدخل موقع المعلن، أو يحمّل تطبيق هاتف جديد، أو يشترك في خدمة، أو يشتري منتجاً، أو أياً كان".

وينهي بقوله: "إذا تجاهل المشاهد الإعلان وضغط (تخطي الإعلان)، أو لم ينتبه إلى الإعلان الذي ظهر أمامه ولم يضغط على الرابط، تختلف الأرباح. فبعض الإعلانات لا تدفع إلا عمن ضغط على الرابط، أو من شاهد الفيديو كاملاً، وهو ما يجعل العملية الحسابية معقدة وخاضعة لعناصر كثيرة".

الصحيح لا يصح دائماً

والحال، أن حسابات الربح الطاغية في عالم اليوتيوب المتعلقة بالجذب والوصول لأكبر عدد من المتابعين، جعلت نوعية المحتوى بعيدة عن القضايا الإنسانية والاجتماعية، ما يجعلنا نعتقد لوهلة أن الصحيح لا يصح دائماً.

ترك تعليق

التعليق