"الباب".. عشرات المداجن تُغلق، وخسائر مادية جسيمة للمربين


يواجه قطاع الدواجن في مدينة "الباب" شرقي حلب، أزمة حقيقية تهدد استمراريته في المنطقة، إذ توقف الكثير من المربين عن الإنتاج خلال الأشهر القليلة الماضية بعد أن تعرضوا لخسائر مادية جسيمة، وذلك لعدّة أسباب أهمها ارتفاع التكاليف وعدم وجود أسواق للتصريف، إضافةً إلى دخول البضائع المنافسة لمنتجاتهم من الأراضي التركية بأسعار دون الكلفة.

وحول هذا الموضوع قال "محمد الجبولي" أحد مربي الدواجن في منطقة "الباب"، في حديث خاص لـ"اقتصاد"، إنّه توقف عن العمل بشكلٍ نهائي منتصف شهر آب/ أغسطس الفائت، وذلك بعد تعرضه لخسائر مالية كبيرة متتالية وعدم قدرته على دفع الديون التي تراكمت عليه لتجّار العلف، حاله في ذلك حال عشرات أصحاب المداجن التي أغلقت للسبب ذاته.

وأضاف: "كان لارتفاع تكاليف الإنتاج كالعلف وخصوصاً الذرة الصفراء والصويا، بالإضافة إلى انهيار الليرة السورية، والفروقات الكبيرة في الأسعار خلال مدّة التعليف (التسمين) التي يحتاجها الفروج ليصبح جاهزاً للبيع، أثرٌ فادح أيضاً في تعميق الخسائر على المربين".

ويعاني المربون من بعض العقبات الأخرى، فـ "الصيصان ليست متوفرة محلياً لذلك هي مكلفة جداً، والأدوية والعلف (الذرة الصفراء، الصويا) يتم شرائها من الخارج وهي مكلفة أيضاً؛ كذلك فإنّ المربي يشتري كلّ حاجاته بالدولار ويبيع إنتاجه بالليرة السورية، هذا الأمر يؤثر عليه، بالإضافة لغياب التموين بخصوص تحديد الأسعار"، وفق ما أشار إليه "الجبولي".

مثله مثل بقيّة مربي الدواجن في مدينة "الباب"، حاول "الجبولي" التغلب على مشاكله تجنباً للإغلاق التام؛ حيث لجأ في بادئ الأمر إلى تخفيض الإنتاج لديه، إلاّ أنّ أزمة "كورونا" حملت معها مزيداً من الضغوط على كافة المربين حيث جرى إغلاق المعابر التجارية مع النظام وبالتالي خسر المربون فرصة تصدير الدجاج والبيض إلى الأسواق الخارجية.

وأردف "الجبولي" بالقول "مع مرور الوقت لم أعد أجد طلباً على منتجي في الأسواق المحليّة؛ إذ تزامنت أزمة (كورونا) مع انخفاض قيمة الليرة السورية، ونشاط حركة استيراد البيض والفروج التركي المثلج وبيعه في السوق المحليّة بأسعار أقل بكثير من سعر الكلفة الأساسية علينا كمربين".

أنواع المداجن وأسعار الفروج

تنقسم المداجن في ريف حلب إلى نوعين؛ الأول هي المداجن التي تنتج لحم الدجاج "الفروج" وتحتاج لفترة زمنية تتراوح بين 45 إلى 55 يوماً لتصبح جاهزة للبيع، والثاني هي المداجن التي تنتج الدجاج البياض بهدف بيع البيض، وهو لا يختلف عن دجاج اللحم إلاّ في الفترة الزمنية التي يحتفظ فيها المربي بالدجاج وتصل لـ 120 يوماً لبدء الإنتاج والبيع في الأسواق، وذلك بحسب ما أشار إليه المربي "أبو محمد" في تصريحات لـ "اقتصاد".

وفيما يخص أسعار الفروج والبيض، أوضح "أبو محمد" بالقول إنّ "كلفة كيلو الفروج الحي على المربين تصل حالياً إلى قرابة 1000 ليرة سورية، في حين يُباع نظيره المثلج التركي بسعر 900 ليرة. أمّا بالنسبة لطبق البيض فإنّ تكلفة إنتاجه مع احتساب سعر العلف وأجور العمال والمواصلات على المربين تقدر بحوالي 1.3 دولار، بينما يباع حالياً في أسواق حلب وإدلب بـ 40 سنتاً".

ووفق "الجبولي" فإنّ سعر صحن البيض (30 بيضة) الذي كان يصدر سابقاً إلى مناطق النظام يصل إلى نحو 5000 ليرة.

انعكاسات أخرى

من جانب آخر شكل توقف عشرات المداجن عن العمل في مدينة "الباب" ضرراً لم يقف عند أصحابها فقط، وإنمّا امتدّ ليطال الكثير من العمال الذين خسروا وظائفهم في زمنٍ تنتشر فيه البطالة، مما يزيد الواقع الاقتصادي والمعيشي سوءاً في المنطقة.

وأوضح "أحمد الحسون" أحد العاملين في هذا القطاع، وهو مهجّر من ريف دمشق، في حديثه لـ"اقتصاد" قائلاً إنّ "آثار الإغلاق ستطال إذا ما استمرت مزيداً من النازحين الذين يسكنون ويعملون في هذه المداجن"، مضيفاً أنّ "كل مدجنة تؤوي ما لا يقل عن عائلة واحدة تقيم وتعمل بها وتؤمن لها مصدر رزق يعينها في مواجهة ظروف ومتغيرات الحياة، وإذا ما أغلقت هذه المداجن سيتأثر الجميع؛ المالك والعمال والأسر النازحة وحتى الأسواق"، على حدِّ وصفه.

ولإنعاش قطاع الدواجن من جديد في الشمال السوري، يرى المربي "محمد الجبولي" أنّه لا بدّ من إيجاد حلول لمعالجة الصعوبات التي تعيق استمرارية ونمو هذا القطاع عبر جملة من العوامل أبرزها: دعم المنتج المحلي، والتوقف عن الاستيراد الخارجي أو فرض ضرائب على البضائع المستوردة، وتحديد نسبة الربح للتجّار والمربين بما يضمن استمرار العمل في هذه المداجن.

ترك تعليق

التعليق