كيف تعاملت بعض مناطق درعا مع ارتفاع درجات الحرارة؟


أدى ارتفاع درجات الحرارة الذي تشهده سوريا، إلى توقف بعض الأنشطة اليومية في معظم مناطق درعا تقريباً، ترافق ذلك مع تراجع حركة المرور في الشوارع خلال ساعات النهار، فيما توجه بعض الأشخاص إلى المسطحات المائية والأودية، هرباً من درجات الحرارة المرتفعة.

وأشار الأهالي إلى أن ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق، الذي تشهده المنطقة، يترافق لسوء الحظ مع توقف كلي أو جزئي لوصول التيار الكهربائي إلى المنازل في العديد من مناطق المحافظة، بسبب التقنين أولاً وبسبب عدم قدرة الشبكة على الصمود أمام الحمولات الزائدة ثانياً، وفقاً لـ "مؤسسات النظام"، الأمر الذي حرم الأهالي من تخفيف حرارة الطقس بالمراوح والمياه الباردة، التي أصبح الحصول عليها حلماً خلال موجة الحر هذه.

ويقول "أبو محمد"، 60 عاماً، وهو موظف سابق، إنه حاول الاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية التي ما زال يحتفظ بها في تشغيل بعض الأدوات الكهربائية كالمراوح والثلاجات، لكن النتيجة كانت الحصول على هواء ساخن، ما "زاد الطين بلة" حسب وصفه، لافتاً إلى أن ارتفاع درجات الحرارة الشديد، أفشل كل الإمكانيات المتاحة لدى الأهالي في الاستفادة من بعض التقنيات الحديثة لتخفيف الحرارة.

فيما أشار بعض الأهالي، إلى أنهم عمدوا إلى تبليل الملابس، والفراش، وكب المياه في الغرف، للتخفيف من درجات الحرارة، لكن هذه الإجراءات لم تفلح إلا مؤقتاً، إذ سرعان ما تجف الملابس وترتفع الحرارة من جديد.

ولفتوا إلى أن ما فاقم الأمور وزادها صعوبة هو ارتفاع درجة حرارة المياه التي يستخدمونها في عمليات التنظيف، بسبب وجودها في خزانات على السطوح، مشيرين إلى تعذر استخدامها في عمليات الغسيل والتخفيف من الحرارة.
 
وأشار العديد من الأهالي إلى أنهم يهربون من حرارة الغرف ليلاً، إلى أسطح المنازل، حيث يمضون لياليهم هناك، لكن لسعات البعوض وبعض الحشرات الزاحفة كانت تعكر صفوهم وتحرمهم من النوم والبقاء طويلاً ليعودوا أدراجهم إلى داخل المنازل في ساعات الفجر الأولى هرباً منها.
 
من جانبهم، أكد بعض أصحاب محلات البوظة واللحوم والمواد الاستهلاكية التي تفسد بارتفاع درجات الحرارة، أنهم تكبدوا بعض الخسائر نتيجة توقف العديد من البرادات المنزلية والثلاجات في المحلات التجارية عن العمل، بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

وأشاروا إلى أن بعض المواد الغذائية التي لا تتحمل درجات حرارة عالية تعرضت للفساد، وتم التخلص منها فيما تعرضت بعض أنواع البوظة والبسكويت والشكولا، وبعض المواد التي تتأثر بالحرارة العالية، إلى الذوبان.

وأشار "أبو علي"، 50 عاماً، وهو قصاب، إلى أنه وأمام انقطاع التيار الكهربائي المتواصل بسبب الأعطال، وارتفاع درجات الحرارة، يضطر إلى استخدام مولدة كبيرة لتشغيل براداته وثلاجاته لحفظ اللحوم، موضحاً أن هذا الأمر يكلفه دفع نفقات إضافية، تشمل أثمان المحروقات والزيوت التي تحتاجها المولدة.
 
بعض المصادر لفتت إلى تسجيل بعض الإصابات بضربات الشمس وبعض حالات ضيق التنفس، بسبب الحرارة العالية، مشيرة إلى توقف الأنشطة الزراعية في السهول والمناطق المكشوفة.
 
إلى ذلك عادت إلى أسواق ريف درعا بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، ألواح الثلج الصناعي، وذلك بعد غياب طويل عنها فرضته العودة الجزئية للتيار الكهربائي لبعض المناطق.

ولفتت بعض المصادر، إلى أن عودة التيار الكهربائي إلى بعض المناطق، غيّب هذه الصناعة لتراجع الطلب عليها بعد أن أصبح بالإمكان تأمين المياه الباردة منزلياً ولو بالحدود الدنيا، وذلك قبل أن تعود معاناة الأهالي بسبب التقنين إلى التفاقم من جديد.
 
وأشارت المصادر إلى أن لوح الثلج زنة 3 كيلو غرام يباع بسعر ما بين 500 و600 ليرة سورية، لافتة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة زاد الطلب على ألواح الثلج، الأمر الذي دفع بعض أصحاب المعامل المختصة إلى زيادة إنتاجهم وطرحه في الأسواق مجدداً.

هذا ويعتبر السوريون دون غيرهم من سكان بلاد الشام، هم الأسوأ حظاً والأكثر تأثراً بموجة الحر هذه، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية التي فرضتها الحرب الطويلة التي تعيشها البلاد وتداعياتها، يضاف إلى ذلك هشاشة الخدمات التي يقدمها قطاع الكهرباء، الذي يعاني هو الآخر كغيره من القطاعات الأخرى، من ضعف في الإمكانيات، وسوء في الإدارة، ما يعني فقدان المواطن السوري البديل الأمثل، الذي يفترض أن يخفف عنه وطأة موجة الحر هذه.

يشار إلى أن موجة حارة تضرب منطقة بلاد الشام بشكل عام وسوريا بشكل خاص منذ عدة أيام، نتيجة تأثر المنطقة بامتداد منخفض جوي سطحي، يترافق مع امتداد مرتفع جوي شبه مداري في طبقات الجو العليا، ما جعل درجات الحرارة ترتفع أعلى من معدلاتها بنحو 9 إلى 11 درجة مئوية حسب الأرصاد الجوية للنظام، حيث بلغت 46 درجة مئوية في بعض المناطق.

ترك تعليق

التعليق