"المونة".. الحاضرة – الغائبة، في بيوت سكان دمشق

قيل قديماً "بأيلول وتشرين موّن لعيالك، وشيل الهم عن بالك"، لذلك كان "بيت المونة" أحد أهم أركان الدار الدمشقية القديمة، وأخذ يضيق مع مرور السنوات ليصبح مكانه فوق سدة المطبخ، وبعدها بالنملية وهي "خزانة خشبية تحفظ الطعام"، ومن ثم حلت مكانها البرادات الحديثة.

ومع تراجع القدرة المعيشية للكثير من السكان بالعاصمة دمشق، وعدم توفر المواد المحلية الرخيصة، أصبح تجهيز "المونة" هم يثقل حمله، وتراجعت عادة المونة بشكل كبير، بعد أن كانت مصدر غذاء رئيسي طيلة موسم الشتاء حيث ترتفع أسعار المواد وتتراجع فرص العمل.

ومن أهم المواد التي كان يتم تخزينها ما يعرف بـ "السليقة" وهي سلق حبات القمح وتجفيفها ومن ثم طحنها لتصبح برغل ناعم وخشن، وصناعة المكدوس وتجفيف الملوخية والفليفلة والبادنجان والكوسا، وتحضير الكشك وتيبيس البامية، وتخزين القاورما "وهي قطع لحم ناعمة تحمص مع الدهنة وتستخدم للطبخ"، وتطول القائمة للمواد التي كانت لا تكاد تخلو من أي بيت دمشقي.

وعلى الرغم من الغلاء الفاحش الذي تشهده أسعار المواد في أسواق العاصمة، إلا أن عادة المونة لا تزال حاضرة عند معظم الأهالي ولكن المحافظة عليها أصبح كنوع من التمسك بالتقاليد لا أكثر، إذ لم تعد مصدراً أساسياً للغذاء، فقد اختُصرت أصنافها، وتراجع حجم الكميات المدخرة بشكل كبير، بسبب ارتفاع تكلفة تجهيزها.

وتقول "سهام"، إحدى سكان حي كفرسوسة بدمشق، "بعد أن كنت أحضر في كل سنة خمسين كيلو بادنجان للمكدوس، اكتفينا هالسنة بـ ١٥ كيلو بس".

وتابعت "سهام": "يعني متعودين ناكل مكدوس بالشتا، ونعمل كشك، وحتى لو ارتفعت الأسعار منقلل الكمية بس المهم لح نعمل مونة".

بينما تكتفي السيدة "فاطمة" بتجهيز بعض أصناف الخضار للمونة، وتستبعد صناعة المكدوس من قائمتها لهذا العام بسبب غلاء تكلفة تحضيره.

وتقول السيدة "فاطمة" وهي تقطف أوراق الملوخية بينما تحضر ابنتها الخيطان لتعليق ثمار البامية، "اخترت كم صنف بس للمونة، يعني شي يكون سعره مقبول".

وترتفع مواد تجهيز المكدوس، حيث يترواح سعر كيلو الجوز بين ١٢ إلى ١٦ ألف ليرة، وكيلو الزيت البلدي بـ ٥٠٠٠ ليرة، وسعر الفليفلة الحمراء الحدة والحلوة ٤٠٠ ليرة، ويتراوح سعر كيلو البادنجان بأنواعه بين ٢٥٠ إلى ٣٥٠ ليرة سورية.

كما يباع كيلو الملوخية مع أعوادها بـ ١٢٥ ليرة، والبامياء بـ ١٢٠٠ ليرة، والكوسا بـ ٤٠٠ ليرة سورية.