مع اعتماد الليرة التركية.. كيف واجه السوريون في إدلب معضلة المؤونة الشتوية؟


وهو في طريقه إلى المنزل حدثنا "أبو خالد" عن بعض المصاعب التي تواجهه في تأمين مؤونته الشتوية التي باتت صعبة التحصيل على كثير من الناس في ظل تبديل العملة من الليرة السورية إلى الليرة التركية في إدلب، وما رافق ذلك من تخبط في الأسعار بشكل يومي.

وبدأ "أبو خالد" حديثه لـ "اقتصاد" عن أهم مشكلة في تأمين مستلزمات مؤونة الشتاء، والتي تكمن في الأسعار التي تضاعفت إلى 300% مقارنة بالسنة الماضية بعد انهيار الليرة السورية بشكل غير مسبوق، ودخول الليرة التركية بديلاً لها، وهذا الشيء لم يكن كافياً للحد من ارتفاع الأسعار، فبعض التجار استغل تبديل العملة ليرفع أسعاره بدون رقيب أو حسيب، وأغلب الناس ليس لديها أي فكرة عن عملية التقسيم وحساب الليرة السورية على الليرة التركية، فهنا تكمن عملية الغبن (الغش) في رفع الأسعار والتحكم بقوت الناس، حسب وصف "أبو خالد" المقيم في إدلب.

وبهذا الصدد، دخل "اقتصاد" إلى منزل الحاجة "أم يزن" التي بدورها أكدت أن أغلب الناس لم تُقدم هذا العام على تجهيز مؤونة الشتاء في ظل الغلاء وقلة فرص العمل في إدلب التي أصبحت منطقة تصنف تحت خط الفقر.

وأوضحت "أم يزن" أن اثنين من أبنائها الذَين يعيشان في أوروبا، يرسلان لها مبلغاً شهرياً يكفيها لنهاية كل شهر.

وعقبت بأن مؤونة الشتاء التي تتألف من (مكدوس، ملوخية، بامية.. إلخ)، وبحسبة بسيطة، وصلت تكلفتها إلى 150 دولار أميركي (ما يقارب 1105 ليرة تركي)، هذا عدا عن الزيوت والمواد الأولية التي كانت موجودة بالمنزل.

وبالعودة إلى "أبو خالد" الذي أكد أن بعض الأنواع من المؤونة الشتوية تم إلغاؤها بهدف توفير بعض المال تحسباً لأي طارئ والتي تتمثل في (الجوز واللوز وزيت الزيتون والبندورة المطبوخة).

وتابع "أبو خالد" أن الأوضاع في المناطق المحررة تشهد "فقر أسود"، أدى إلى كثرة حالات الخطف والقتل والنهب بغية الحصول على المال.

وضمن سياق الموضوع، تحدث "أبو محمود" -مزارع في ريف إدلب- عن الصعوبات التي تواجههم اليوم في الزراعة والتي تبدأ من ري المزروعات وتتبعها أثمان البذار والمبيدات الحشرية التي باتت تشكل عبئاً كبيراً على المزارع قبل جني محصوله.

ويقول "أبو محمود": "في السنة الماضية كان المحصول يوفر لنا بعض المال عندما كانت الليرة السورية تعادل 500 لكل دولار أميركي واحد. وأما اليوم فكل شيء اختلف، فأصبحنا نتعامل بالليرة التركية التي ظننا أنها ثابتة لا تتغير على سعر الدولار مما أدى إلى خسارات كبيرة بفرق العملات، ولم نعد نعرف بماذا نعمل أو على ماذا نستقر؟!".

وعقّب: "فعندما نريد شراء البذار والمبيدات الحشرية ندفع قيمتها بالدولار الأمريكي حصراً، لأنها مستوردة من الخارج وعندما يحين موعد الحصاد يختلف السعر كثيراً لأننا نبيع المحصول بالليرة التركية، والكل يعلم أن الليرة التركية تراجعت بنسبة كبيرة مقابل الدولار الأمريكي، مؤخراً".

وأضاف: "غلاء الأسعار لا يكون من عند المزارع فقط، فتاجر الخضار يبحث عن أرخص سعر يعرض عليه ويشتري منه، ويبيع بأغلى سعر. ونحن بالنهاية لا نستطيع الاحتفاظ بالمحصول لأنه غير قابل للتخزين، لنصل لمرحلة نبيع فيها بسعر التكلفة تقريباً أو أقل أحياناً".

ويختم الأخير برسالة إلى المعنيين عن شؤون الناس بتسهيل وتوفير فرص عمل ودعم الزراعة والصناعة بالمناطق المحررة، "لأننا اليوم نعيش أزمة حقيقية خانقة قد تصل بنا إلى شفير الهاوية"، حسب وصفه.

ترك تعليق

التعليق