من المسؤول عن حرمان سكان الحسكة وريفها من المياه؟


تتصدر مسألة قطع المياه عن سكان محافظة الحسكة ومدينتي تل أبيض ورأس العين شرقي الفرات، واجهة الأحداث الميدانية والإنسانية في المنطقة الشرقية.

وتوجه قوات سوريا الديمقراطية أو ما يعرف باسم "قسد"، أصابع الاتهام للجهات الخدمية والقوى العسكرية المدعومة من تركيا في تل أبيض وما حولها، بالمسؤولية عن قطع المياه عن سكان الحسكة وريفها.

بينما ترد الجهات المحسوبة على تركيا بأن قوات "قسد" هي التي تقطع الكهرباء عن محطة "علوك" المغذية للحسكة وتل أبيض ورأس العين، الأمر الذي يؤدي لتوقف المحطة عن الضخ.

كما تتهم تلك الجهات، قوات "قسد" بالتلاعب باتفاق الكهرباء والكمية المتفق عليها كوسيلة ضغط على سكان منطقة "نبع السلام" شرقي الفرات.

وحسب مصادر محلية في تل أبيض، فإن الاتفاق الذي أُبرم برعاية روسية، يلزم قوات "قسد" بتقديم 15 ميغا واط من الكهرباء والقادمة من سد تشرين الخاضع لسيطرتها، إلى منطقة "نبع السلام"، بينما يلتزم الجيش الوطني –المدعوم من تركيا- والمجالس المحلية، بتشغيل مضخة (علوك) والتي تبعد 11 كم شرقي رأس العين، لتزويد الحسكة بالمياه.

وللوقوف على تفاصيل ما يجري والأسباب التي تقف وراء قطع المياه وتضرر آلاف المدنيين بسبب ذلك، التقى "اقتصاد" بعدة أطراف على إطلاع بأبرز مستجدات هذا الأمر.

وقال مصدر في المكتب الإعلامي للمجلس المحلي لمنطقة تل أبيض، في تصريحات لـ "اقتصاد"، إن "(قسد) تتعمد منذ تحرير تل أبيض قطع الكهرباء كعقوبة جماعية بحجة سيطرة الجيش الوطني وتركيا".

وأضاف أن "(قسد) هي المسبب الرئيسي في عرقلة الاتفاق بين تركيا وروسيا لتقديم 15 ميغا واط إلى (نبع السلام) مقابل تأمين تشغيل المياه في محطة علوك إلى مناطق الحسكة".

وأوضح أن "(قسد) قدمت فقط 8 ميغا وهي لا تكفي لتشغيل محطة علوك والمناطق الأخرى، برسالة تفيد بعدم الاكتراث بالمعاهدات والاتفاقات الدولية"، حسب المصدر.

أما "عبدالله الجشعم"، نائب رئيس المجلس المحلي لمدينة رأس العين، فقال لـ "اقتصاد"، إن "سبب قطع المياه عن الحسكة هو ضعف خط الكهرباء القادم من الدرباسية إلى المضخات الثلاث داخل محطة علوك دون معرفة الأسباب، ما أدى لتوقف اثنتين منها وبقاء واحدة قيد العمل ما أدى لإضعاف ضخ المياه إلى الحسكة".

وأضاف أن "(قسد) اعتقدت أننا نحن من يقوم بقطع المياه عن الحسكة، ولكن في حقيقة الأمر نحن لا علاقة لنا بذلك فـ (قسد) هي من تسببت بذلك بسبب التقليل من كميات الكهرباء الواصلة للمحطة، وهم من قام بقطع الكهرباء عن رأس العين".

وأوضح المصدر أن "عدد المتضررين من السكان في رأس العين وتل أبيض حوالي 400 ألف نسمة، وفي الحسكة حوالي 700 ألف نسمة، و(قسد) من تتحمل مسؤولية قطع الكهرباء كون منابع الكهرباء سواء في سد تشرين أو محطة سويدية أو في سد الفرات كلها بيدها".

وسارعت مديرية المياه التابعة للمجلس المحلي في رأس العين، ومع استمرار انقطاع التيار الكهربائي منذ أكثر من 5 أيام، إلى محاولة إيجاد الحلول الإسعافية، فعملت على تشغيل 10 آبار على المولدات لضخ مياه الشرب في مدينة رأس العين، وذلك بعد أن قطعت "قسد" التغذية الكهربائية عن آبار الحسكة ورأس العين.

وتوضيحاً لذلك، قال "الجعشم" إن "آبار رأس العين كلها مغطاة بمولدات كهربائية، وهذه الآبار لا تعمل بشكل مستمر بل تعمل لمدة 13 ساعة تقريباً بشكل يومي من أجل تغطية احتياجات المدينة ومن ثم يتم إيقافها".

وأضاف أن "تشغيل تلك الآبار بشكل مستمر مكلف جداً كونها تستهلك كميات كبيرة من مادة المازوت، فمثلاً يتم تشغيل 10 آبار لمدة 6 ساعات وتتوقف لمدة 4 ساعات حتى يتمكن الأهالي من تعبئة خزاناتهم".

من جهته، قال رئيس الهيئة السياسية لمحافظة الحسكة "مضر الأسعد" لـ "اقتصاد" إن "هناك إصرار من (قسد) على قطع الكهرباء الواصلة إلى محطة مياه علوك والقادمة من سد تشرين على نهر الفرات، وكذلك هناك استجرار للكهرباء من محطة السويدية الحرارية والتي تقع بالقرب من مدينة الرميلان، وهؤلاء من يغذون محطة مياه علوك الواقعة بجانب مدينة رأس العين من أجل تشغيل المولدات الكهربائية، وبالتالي يتم ضخ المياه إلى منطقة رأس العين وما حولها ومنطقة تل تمر وريفها ومدينة الحسكة وريفها، أي أكثر من نصف مليون نسمة يستفيدون من المياه التي تأتي إليهم من محطة علوك".

وأضاف: "على ما يبدو أن هناك بعض المصالح السياسية والشخصية لدى (قسد)، وهذا الأمر هو السبب الرئيسي في قطع المياه".

وأشار إلى أن "قيادات (قسد) تتلقى الأوامر والتعليمات من خارج الحدود بخصوص قطع المياه والكهرباء في مناطق متفرقة، وهذا من ضمن الإجراءات الإرهابية والتعسفية التي تقوم بها تجاه منطقة الجزيرة عامة ومحافظة الحسكة خاصة".

مصادر محايدة ومن أبناء محافظة الحسكة ومن بينهم الناشط الحقوقي "قيس الحسن" والذي فضل أن يكون له اسم مستعار لأسباب أمنية، قال لـ "اقتصاد" إن "الجهات التي تدير محطة مياه علوك هي من يقطع المياه للضغط على (قسد) من أجل رفع كمية الكهرباء القادمة إلى المحطة، وبالتالي (قسد) تقطع الكهرباء للضغط على تلك الجهات، وبين الفترة والأخرى تحصل مثل هذه الأمور إلى أن يكون هناك اتفاق جديد بين الطرفين على المياه والكهرباء، في حين أن الأهالي هم من يتحمل نتيجة ما يجري بين (قسد) وبين الجهات المتواجدة في منطقة نبع السلام شرق الفرات".

ويواجه السكان في عموم المنطقة الشرقية أوضاعاً اقتصادية ومعيشية سيئة، في ظل انتشار البطالة وقلة فرص العمل، وعدم استقرار المنطقة من الناحية الأمنية، إضافة لمجموعة عوامل تنعكس سلباً على حياتهم المعيشية.

ترك تعليق

التعليق