هل سيتسبب كورونا بنفقات جديدة لسكان إدلب؟


في مكتب (الفجر) للصرافة بمدينة بنش تجمع الموظفون حول كمية من الكمامات المصنعة محلياً بغية تجريبها لارتدائها خلال أوقات العمل. اشتكى البعض من رداءة الكمامات بينما كان مدير المكان يفكر في مسألة أخرى وهي النفقات الكبيرة التي عليه تكبدها منذ الآن كمحاولة للوقاية من (كوفيد-19) الذي أعلن عن وجوده في إدلب.

ومع أن قرار (حكومة الإنقاذ) التي تدير أحد قطاعي المعارضة الأخيرين شمالي سوريا بالحد من التجمعات وإلزام البعض بارتداء الكمامة وكافة إجراءات التعقيم لا يشمل محلات الصرافة إلا أن هذا الصراف وزملاءه يتخوفون من الإصابة بالمرض كونهم يقابلون عشرات الزبائن يومياً.
ويقول سكان إن قرارات الإنقاذ لمواجهة تفشي وباء (كوفيد19) فتحت أبواباً واسعة للمزيد من النفقات التي لن يتمكن ذوو الدخل المحدود وهم الشريحة الأوسع في إدلب من تحملها.

يقول "أبو هيثم" الذي يمتلك محلاً لحلاقة الشعر بريف إدلب إن "قرار الحكومة واضح وهو إلزامنا بارتداء الكمامة وتعقيم المكان والأدوات وهذا أمر باهظ التكاليف".

يوافق أبو هيثم على ضرورة القيام بمثل هذه الإجراءات للحد من انتشار الوباء لكنه يستاءل "ثمن أردأ كمامة 500 ليرة وليتر المعقم وصل إلى 7000 ليرة من سيدفع لنا هذه التكاليف؟".

وفق حسبة بسيطة يتوجب على كل حلاق مثلاً ارتداء كمامة كل يوم واستخدام قرابة نصف ليتر من مواد التعقيم أي عليه دفع 4000 ليرة بشكل يومي. يقول سعيد وهو حلاق من ريف إدلب إن عليه بهذه الصورة دفع ثلث ما يجنيه في اليوم لتنفيذ هذه الإجراءات داعياً المنظمات والحكومة إلى توزيع المواد اللازمة للتعقيم على من ينص عليهم قرار الحكومة.

لتفادي الوباء المخيف يفكر "أمجد" في تحصين نفسه وأفراد أسرته السبعة عبر شراء كمامات للجميع وارتدائها حين الخروج من المنزل.

لكن الكمامة ليست للاستعمال المستمر إذ سرعان ما تفقد قيمتها الوقائية بعد ساعات من الاستعمال.

لذلك يحاول أمجد التغاضي عن هذا الإجراء والاكتفاء باستعمال المطهرات كالصابون والمواد الكحولية لغسل الأيدي فور دخول المنزل.

يقول أمجد "نحمد الله أن ارتداء الكمامة لا يزال اختيارياً. وإلا فمعظمنا لن يجد المال الكافي لشرائها".

من تتبعهم للإرشادات الطبية المتنوعة والمنشورة عبر فيسبوك لجأ البعض لشراء كميات من حبوب (السيتامول) التي يرجح أنها مفيدة لتخفيف الآلام والحرارة الناجمة عن الإصابة بـ كورونا.

اشترى "عبد المجيد" 12 ظرفاً من حبوب السيتامول بـ 12 ليرة تركية.

يقول: "عندما يصاب المرء بهذا المرض عليه حجز نفسه داخل المنزل وسيكون الأمر جيداً إذا كان الدواء متوفراً".

عبد المجيد قام أيضاً بتخزين بعض المواد الغذائية الأساسية مثل السكر والسمن واللحوم والمعلبات. فـ "الجميع معرض للإصابة بهذا المرض وعلينا التجهيز للأسوأ".

لكن قسماً كبيراً من السكان لا يستطيع اتخاذ الإجراءات البسيطة التي يتحدث عنها عبد المجيد لأن هؤلاء الأشخاص لا يمتلكون "المال الكافي لشراء الخبز ووجبة الغداء".

وبذلك تغدو الكمامة ومواد التعقيم وحبوب المسكن ترفاً لا قدرة للآلاف للحصول عليه، كما يؤكد عدد من الأشخاص الذين لم يخفوا مقداراً كبيراً من القلق يجتاح أفكارهم كونهم مجبرون على الإقامة في إدلب التي بدأت باستقبال (كوفيد19) بإجراءات متواضعة جداً.

ترك تعليق

التعليق