المركزي يفتح باباً جديداً للسطو على حوالات السوريين


إن كنت تريد خسارة نصف قيمة حوالتك المرسلة بالدولار، فالمصرف المركزي التابع للنظام في سوريا، يتيح لك هذا الخيار. ببساطة، تلقى حوالتك عبر مصرف يتعامل بالقطع الأجنبي داخل سوريا. واتركها هناك. سيعطونك فائدة تبدأ من 1%. لكنك حينما تطلب سحب مبلغ الحوالة، سيعطونك إياها، مع الفائدة، بالليرة السورية، وبسعر الصرف الرسمي. أي بـ 1250 ليرة لكل دولار.

بهذه العقلية، يتعامل مصرف سورية المركزي، مع السوريين. وبطبيعة الحال، فهذه السياسة، هي استراتيجية أساسية لتمويل خزينة النظام. فالحوالات القادمة للسوريين من أقاربهم المغتربين والمهجرين في الخارج، قد تكون أبرز مصدر للقطع الأجنبي، في البلد المدمّر، بفضل سياسات "قيادته الحكيمة".

فالمركزي، عدّل يوم الخميس، القرار الخاص بأسعار الفائدة على الودائع بالقطع الأجنبي، وأضاف بنداً جديداً يتيح للمصارف المسموح لها قبول الودائع بالقطع الأجنبي، أن تمنح فائدة على ودائع الحوالات بالدولار أو اليورو.

وعدّل المركزي المادة الأولى من قرار أسعار الفائدة على ودائع القطع الأجنبي، الصادر في 27 شباط/فبراير الفائت، بحيث حدد حداً أدنى لأدنى أجل لأسعار الفائدة على ودائع الحوالات بالدولار واليورو.

وحدّد المركزي، الحد الأدنى بما يتراوح ما بين (0 – 1)% سنوياً على الودائع – حوالات بالدولار الأمريكي. وبما يتراوح بين (0 –0.5)% سنوياً على الودائع – حوالات باليورو.

والحد الأدنى (0)%، يعني أن المركزي يتيح للمصارف حرية عدم منح أية فائدة على ودائع الحوالات. كما يتيح لها حرية إعطاء فائدة، حسب سياسة كل مصرف، على حدى. وتحديد حد أدنى، يعني أن كل مصرف حرّ بوضع سعر الفائدة الذي يراه مناسباً.

ولم يسبق أن أتاح المركزي ودائع الحوالات في قراره الخاص بأسعار الفائدة، الصادر في شباط/فبراير الفائت.

وأبقى المركزي، في تعديله الجديد، الحد الأدنى لأسعار الفائدة على الودائع النقدية (بنكنوت) بالقطع الأجنبي، كما هي دون تغيير.

إذ بقي الحد الأدنى لسعر الفائدة على الودائع النقدية (بنكنوت) بالدولار الأمريكي، عند 3.5% سنوياً.

وبقي الحد الأدنى لسعر الفائدة على الودائع النقدية (بنكنوت) باليورو، عند 1% سنوياً.

وأشار المركزي في تعديله إلى أنه يهدف لاستقطاب الودائع في المنظومة المصرفية. وهو التعبير الملطف والموارب لكلمة "السطو" على تلك الودائع. لكن الجديد في تعديل المركزي الأخير، أنه يستهدف ودائع الحوالات، تحديداً.

وأبقى المركزي بقية مواد القرار الصادر في شباط/فبراير، كما هي. والذي ينص في المادة الثانية منه على منح 5% كسعر تفضيلي للفائدة على الودائع بالدولار لأجل سنة، على ألا يقل مبلغ الوديعة عن 50 ألف دولار أمريكي، نقداً (بنكنوت). وعلى منح، 1.5% كسعر تفضيلي للفائدة على الودائع باليورو لأجل سنة، على ألا يقل مبلغ الوديعة عن 50 ألف يورو.

ووفق مواد القرار ذاته، التي لم تتغير، يحق للمودع حرية سحب مبلغ الوديعة مع الفائدة المستحقة، بتاريخ طلبها، دون قيود، حيث يضاف مبلغ الفائدة على الوديعة بصورة ربع سنوية أو نصف سنوية وفق السياسة المتبعة لدى كل مصرف على حدى.

وهو أخطر بند في هذا القرار. إذ لا ينص على سحب الوديعة بنفس العملة التي تم إيداعها بها. مما يعني أن المركزي أتاح للمصارف تسليم الوديعة بالليرة السورية، وبسعر الصرف الرسمي، الذي تتقيد به تلك المصارف. أي كل دولار أودعته، ستأخذه بـ 1250 ليرة. فيما الدولار في السوق بـ 2500 ليرة.

وهو ما انتبه إليه عشرات المعلّقين والمتابعين من رواد وسائل التواصل الاجتماعي، والذين توجهوا بتعليقات غاضبة أو ساخرة، على نص التعديل الجديد لقرار أسعار الفائدة.

كما تساءل معلقون آخرون عن مصير المودعين بالليرة السورية، الذين صدقوا خطابات المركزي والنظام، بخصوص "صمود الليرة"، وأودعوا "شقى عمرهم" بالليرة، في المصارف، لتفقد تلك الأموال معظم قيمتها الحقيقية.

وبطبيعة الحال، فإن هذا القرار، يمثّل باباً جديداً للسطو على أموال السوريين. إضافة إلى الباب الرئيس، المتمثل بفرض سعر صرف يقل 50% عن سعر الصرف الحقيقي، وإجبار السوريين على تلقي حوالاتهم به، تحت طائلة المساءلة القانونية والتهديد الأمني، في حال لجوئهم للسوق السوداء للحوالات.

وفيما يجب على السوريين تلقي حوالاتهم القادمة بالدولار، ليتسلموها بليرة سورية منهارة، وبنصف قيمة الحوالة الحقيقية، تذهب الدولارات القادمة في تلك الحوالات، لصالح خزينة المركزي، حيث يموّل نظام الأسد، منها، حربه على الجزء الباقي من السوريين، الذين لم يخضعوا له بعد. فيما يمارس استراتيجية التجويع والإخضاع بحق الأغلبية التي باتت تحت سلطانه، مجدداً.

ترك تعليق

التعليق