بعد أن تحول إلى ورقة خاسرة.. هل تبحث روسيا عن صفقة لإزاحة الأسد؟


يتزايد الجدل حول حقيقة تغيير روسيا لموقفها من رئيس النظام السوري بشار الأسد، وسط تباين في آراء المراقبين.

ومرد هذا الجدل، تغيير وسائل إعلام روسية لهجتها حيال الأسد، إذ لا يكاد يمر أسبوع إلا وتنشر واحدة منها، تقريراً تنتقد فيه الكيفية التي يدير بها الأسد البلاد، وتحديداً في الشق الاقتصادي.

وقال الكاتب الصحفي المختص بالشأن الروسي، سامر إلياس، إن الروس لم يعلنوا يوماً أنهم يدعمون الأسد كشخص، وإنما يدّعون أنهم يحمون "الدولة" السورية، وأنهم يمنعون إسقاط الأنظمة من الخارج.

وأضاف لـ"اقتصاد"، أن سوريا أمام مرحلة مفصلية، متمثلة باستحقاق الانتخابات الرئاسية في العام المقبل 2021، ومن الواضح أن هذه الحملة غير المسبوقة التي بدأتها وسائل الإعلام الروسية، والتي تتحدث عن فساد رأس النظام السوري وحاشيته، تأتي متزامنة مع الأزمة الاقتصادية التي تضرب العالم جراء انتشار جائحة كورونا.

وقال إلياس، يبدو أن روسيا التي تعاني اقتصادياً كما سائر الدول الأخرى، أدركت أنها غير قادرة على دعم الأسد اقتصادياً وسياسياً كما كانت تدعمه في الماضي، ولذلك هي تبحث عن إمكانية عقد صفقة مع المجتمع الدولي، مع الأخذ في الحسبان، أن هذا الأمر لن يتم دون إصلاحات حقيقية، ربما تصل إلى الإطاحة برأس النظام في العام 2021.

وكانت وكالة "إنترفاكس" الروسية، قد أكدت نقلاً عن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف قوله، السبت الفائت، إن روسيا ستحتاج لاقتراض تريليون روبل (13.44 مليار دولار) إضافية هذا العام لتغطية العجز في الإيرادات من القطاعات غير المرتبطة بالنفط والغاز. في حين قدّرت مصادر اقتصادية خسائر الاقتصاد الروسي يومياً، بحوالي مليار دولار، جراء انهيار أسعار النفط.

من جانب آخر، اعتبر إلياس أن روسيا تريد كذلك إيصال رسائل للأسد، مفادها أن عليه مراعاة مصالحها الاقتصادية في سوريا، من خلال منحها امتيازات إضافية من أجل تعويض المصاريف على العمليات الحربية.

وأنهى إلياس حديثه لـ "اقتصاد" بالقول: "روسيا باتت تخشى من أن يؤدي ازدياد تدهور الأوضاع الاقتصادية السورية إلى نكسة، مع الأخذ بالحسبان التأثيرات المحتملة لقانون (قيصر/سيزر) الأمريكي، لحماية المدنيين في سوريا".

من جانبه، قال الباحث الاقتصادي، يونس الكريم، إن للحسابات الاقتصادية الروسية دور واضح، فيما يبدو تغييراً بالموقف الروسي من الأسد. وقال الكريم لـ "اقتصاد": "من الواضح أن روسيا فشلت في إدارة المؤسسات السورية، حيث يسود الفساد، وتحكم أمراء الحرب بمقدرات البلاد".

وأضاف أن روسيا تبدو منزعجة من عدم تمكنها من الانتقال بالاقتصاد السوري من اقتصاد الحرب إلى الاقتصاد الذي يعتمد على الإنتاج، وقال: "يبدو أن الأحلام الروسية ببدء مرحلة إعادة إعمار سوريا قد تبخرت، فبدلاً من أن تتحول سوريا إلى ورقة رابحة بيد الروس، صار العكس، فالاستثمارات الروسية في سوريا باتت بوضع حرج جداً، ومستقبلها الربحي بات على المحك".

وتابع الكريم: "توقف الأطراف الإقليمية عن تمويل الحرب السورية نتيجة كورونا وانخفاض أسعار النفط، شكل عامل ضغط إضافي على الروس، ليقوموا بعد كل ذلك بالبحث عن صفقة لمقايضة الأسد بأي ثمن كان".

ومن الأسباب الأخرى التي تفسر تغيير روسيا لموقفها من الأسد، محاولة أسماء الأسد الاستفراد بمقدرات الدولة، والتوجه نحو الصين، ما يشكل خطراً كبيراً على الاستثمارات الروسية، وفق الكريم.

ترك تعليق

التعليق