"كورونا" تفجّر الخلافات مع أصحاب المراكز التعليمية السورية في مصر


صدرت عدة قرارات حكومية مصرية في المجال التعليمي كتدابير احترازية للحد من انتشار الوباء، أهمها تعليق دوام المدارس والجامعات ابتداء من 15 آذار/ مارس. وصدر بيان من وزارة التربية والتعليم بخصوص الطرق المختلفة التي سيؤدي من خلالها طلاب كافة المراحل التعليمية امتحانات نهاية العام. فطلاب رياض الأطفال، والصفين الأول والثاني الابتدائي، سيقوم معلمو هؤلاء الطلاب بإعداد تقارير أداء للطلاب. وبالنسبة للطلاب من الصف الثالث الابتدائي إلى الصف الثاني الإعدادي، فلن يتم إجراء امتحانات في نهاية العام الدراسي الحالي، والاكتفاء بعمل بحث (مشروع) على المنصة الإلكترونية التابعة للوزارة. أما بالنسبة لطلاب  الشهادات العامة (الثالث الاعدادي والثالث الثانوي) والدبلومات الفنية، فسيتم إجراء امتحان نهاية العام الدراسي الحالي في موعده. وسيتم إجراء امتحان نهاية العام الدراسي للصفين الأول والثاني الثانوي على التابلت من المنزل وسيتم تصحيحه إلكترونياً، وإرسال نتيجة الامتحان للطلاب.

أثر هذه القرارات على القطاع التعليمي

نتيجة هذه القرارات انعكست مباشرة على أركان العملية التعليمية للسوريين في مصر، وأولهم الطلاب الذين عُلّقت دراستهم واختلفت طرائق تقديمهم لامتحاناتهم. وإثر تعليق الدوام في المراكز التعليمية السورية، تفجرت مشكلة كبيرة بين أولياء أمور الطلاب ومالكي المراكز التعليمية من جهة، وبين المدرسين وأصحاب المراكز من جهة أخرى.

للمزيد من التفاصيل، التقى اقتصاد بالأستاذ رشيد أحمد، وهو أحد العاملين الإداريين في مركز تعليمي سوري في مدينة السادس من أكتوبر، وقد حدثنا بالقول: "مع قرار تعليق الدوام المدرسي بدأت مشكلة تسديد الأقساط المدرسية للمراكز التعليمية، حيث اعتبر عدد من أولياء أمور الطلاب أنه لا يتوجب عليهم تسديد كامل القسط للفصل الدراسي الثاني بعد توقف العملية التعليمية ودوام الطلاب، علماً بأن بيان وزارة التربية المصرية لم يتضمن فقرة تشير إلى هذا الجانب، ونتيجة لهذا الخلاف لم يسدد قسم من أولياء الأمور ما بقي من أقساط، وهذا شكل عبئاً مالياً كبيراً على المراكز التعليمية التي تضررت من نتائج جائحة كورونا مثلهم مثل أي قطاع اقتصادي واجتماعي آخر".

ويكمل رشيد بالقول: "هذه المراكز برغم تعليق الدوام المدرسي مازالت التزاماتها مستمرة في دفع ايجارات مراكزها، ودفع رواتب المدرسين والموظفين الإداريين، وبالتالي أعتقد أن من حقهم المطالبة بما تبقى من أقساط فما حصل ليس ذنبهم ولا يمكنهم تحمل نتائجه وحدهم ليتمكنوا من الاستمرار في عملهم، وبخاصة أن الفصل الدراسي الثاني لم يتبقَ منه إلا شهر واحد لنهايته عند صدور قرار تعليق الدوام، وبعض المراكز التعليمية استمرت بالتواصل مع الطلبة وأعطت دروساً عبر منصات الكترونية للطلاب، وأخرى مازالت تتابع الطلاب ودراستهم عبر كوادرها لاستكمال تقديم الأبحاث التي يجب على الطلبة تقديمها لضمان الانتقال للصف الدراسي اللاحق في العام المقبل".

أما أولياء الأمور فقد كان لدى بعضهم آراء أخرى، تختلف عن رأي المراكز التعليمية، ومنهم السيدة ابتسام التي تقيم في مدينة نصر، وقد حدثتنا بالقول: "لدي ثلاثة أبناء مسجلين في مركز تعليمي سوري، وقد سددت كافة الأقساط المدرسية لأبنائي قبل قرار تعليق الدوام بالإضافة الى رسوم النقل بالباص المدرسي، وبعد القرار طالبت إدارة المدرسة بإرجاع قسم من المبلغ الذي سددته عن أبنائي، لكن رفضت إدارة المركز ذلك بحجة أن لديهم مصاريف مثل أجور البناء ورواتب الكادر الإداري والتدريسي، وحتى أجور النقل رفضوا إعادتها لي وكان الجواب بأن هذه الأجور سيحسمونها في العام الدراسي القادم، بدون إعطائي وصلاً يثبت حقي في ذلك للعام القادم".

وتستطرد ابتسام بالقول: "بعد القرار توقفت المتابعة التعليمية كاملة لأبنائي من قبل المركز أو المدرسين، وطلبت الوزارة من الطلاب أبحاثاً بديل الامتحانات، ولا يملك العديد من أولياء الأمور الخبرة ولا القدرة على مساعدة أبنائهم في تحضيرها، لذا على أي أساس يحق للمدرسة أخذ القسط كاملاً، علماً بأنهم يتواصلون مع ذوي الطلاب الذين لم يسددوا باقي الأقساط ويهددونهم في حال عدم استكمالها، لن يتمكن أبنائهم من تقديم أبحاثهم للإدارة التعليمية ولن يتمكنوا من الانتقال للسنة الدراسية اللاحقة في العام القادم".

الحلقة الأَضعف في هذه المشكلة هم المدرسون السوريون والذين يقدر عددهم في مصر بالمئات ويعملون في هذه المراكز وقد التقينا بالأستاذ بلال، وهو مدرس لغة عربية، وقد حدثنا بالقول: "المتضرر الأكبر هو المدرسون الذين لا يملكون عقود عمل دائمة مع هذه المراكز التعليمية، والذين تدفع لهم رواتبهم عن مدة الدوام الدراسي فقط وهي لا تتجاوز السبعة أشهر، وفي باقي السنة عليهم العمل في مهن أخرى لتأمين متطلبات حياتهم وأسرهم، وبعد صدور القرار معظم المراكز التعليمية دفعت للمدرسين رواتب حتى منتصف شهر آذار، لنجد أنفسنا بدون عمل وبدون مورد رزق، وعلى الرغم من أن أصحاب المراكز التعليمية يطالبون أهالي الطلاب بسداد كامل القسط المدرسي بحجة وجود مصاريف لديهم الا أنهم أوقفوا رواتب المدرسين والإداريين بعد القرار ليصبح مئات المعلمين السوريين عاطلين عن العمل".

ويكمل بلال: "برأيي على الرغم من أن العملية التعليمية قائمة على المعلم إلا أنه ضحية لقرارات أصحاب المراكز التعليمية، والذين لا شك تأثروا بقرار تعليق الدوام الدراسي ولكن خلال السنوات السابقة كان يعملون ويحققون أرباحاً ولا بد من أن يتحملوا لهذا العام الأضرار ويعوضوا المدرسين عبر تسديد رواتبهم إلى حين انتهاء العام الدراسي المقرر، عندها إن طالبوا أولياء أمور الطلاب بباقي الأقساط لابد أن الأهالي سيستجيبون مشاركة منهم في مساندة المعلمين، ولكن مع عدم سدادهم رواتب المدرسين لا أعتقد أن الأهالي سيصدقون بأن لديهم مصاريف والتزامات عليهم سدادها، وكذلك فإن دفعهم لرواتب المعلمين سيعود بالنفع على الطلاب الذين سيتابع معهم أساتذتهم الأبحاث المقررة عليهم ليقدموها للإدارة التعليمية، بما يضمن لهم الانتقال للعام الدراسي القادم".

ويختم بلال حديثه بالقول: "على مدار السنوات السابقة عانى المعلمون السوريون من الغبن من قبل العديد من المراكز التعليمية، ونأمل أن يتم في الفترة القادمة تنظيم العلاقة بين المعلمين والمراكز التعليمية السورية في مصر عبر عقود عمل قانونية تضمن لكل طرف حقه وتحدد لكل طرف حقوقه وواجباته".

ترك تعليق

التعليق