في ريف دمشق.. عمال نظافة من الأطفال، رسمياً


قد لا يكون من المستغرب أن تؤثر الحروب والأوضاع الاقتصادية السيئة للبلدان على حياة الأطفال وتدفعهم لترك مدارسهم للالتحاق بسوق العمل في سن مبكرة من أعمارهم، لكن أن يتحول الأطفال لعمال نظافة يعملون لصالح جهة حكومية، فهذه سابقة تسجل لنظام الأسد والدوائر الحكومية التابعة له، وفق ما اعترفت به صحيفة "الأخبار" اللبنانية، الموالية لميليشيا حزب الله، الداعم لنظام الأسد، في تقرير نشرته في 21 شباط/فبراير الفائت.

قرب العاصمة السورية دمشق، وفي مدينة التل تحديداً، يُشاهد عدد من الأطفال أعمارهم لا تتجاوز 15 عاماً، يجرون عربات تنظيف ويحملون مكانس، كُلفوا من قبل متعهد النظافة بمهمة تنظيف شوارع المدينة، مقابل 1000 ليرة سورية يومياً.

وبحسب مصادر محلية من مدينة التل، تحدث إليها "اقتصاد"، يوجد بين خمسة إلى ستة أطفال يعملون في تنظيف الشوارع، إلى جانب عمال النظافة البالغين.

ويتحدث محمود (اسم مستعار) وهو مالك لإحدى المحال التجارية في مدينة التل، لـ "اقتصاد": "الأطفال معظمهم من منطقة خربة الورد وهم ينتمون لعوائل مهجرة أوضاع عائلاتهم سيئة للغاية مما دفع ذويهم للقبول بعملهم كعمال نظافة بالإضافة لجمعهم البلاستيك وبيعه كمصدر دخل إضافي الى جانب اليومية التي يتقاضونها".

ويردف محمود في حديثه لـ "اقتصاد" قائلاً: "الأطفال يعملون بعلم من مجلس بلدية التل لكن دون عقود عمل مؤقتة، كحال العمال البالغين وهم يتبعون مباشرة لمتعهد النظافة الذي يفضل تشغيل الأطفال كونهم يتقاضون أجوراً أقل من البالغين".

الناشط المدني عبد الكريم البني والعامل في جمعية نور للإغاثة والتي تعمل في العاصمة دمشق وريفها، تحدث على صفحته على "فيسبوك" عن تفاجئه من رؤية الأطفال وهم يقومون بتنظيف الشوارع في مدينة التل واصفاً ما شاهده بالجريمة. وأكد عبد الكريم على صفحته أنهم قاموا برفع دعوى قضائية على متعهد النظافة والبلدية بتهمة تشغيل أطفال قاصرين، والدعوى الآن في عهدة الجهات المختصة، حسب وصفه. ونقلت صحيفة "الأخبار" الموالية لحزب الله، القصة، عن الناشط عبد الكريم البني، ونشرت عنها تقريراً يسلط الضوء على مدى استهتار دوائر "الدولة" الخاضعة لنظام الأسد، ببديهيات حقوق الطفل، التي تقضي بعدم تشغيله بأعمال شاقة، في سن مبكرة.

عمالة الأطفال ظاهرة منتشرة في مناطق سيطرة النظام، وما وصفه الناشط االمدني عبد الكريم البني بأنه جريمة ليست ظاهرة جديدة بحسب ما أفاد به الأستاذ ناصر محمد (اسم مستعار) في حديثه لـ "اقتصاد": "خلال إقامتي في السكن الجامعي بدمشق كنت أشاهد عدداً من الأطفال يعملون في تنظيف السكن الجامعي ونقل صناديق القمامة خارج الوحدات السكنية وعند سؤالي أحد أعضاء اتحاد الطلبة عن الموضوع أجابني أن السبب هو إمكانية دخول الأطفال للوحدات السكنية الخاصة بالإناث وهو ما يحظر على عمال النظافة البالغين".

ويتابع محمد: "سيف الفقر أنهك العائلات السورية ودفعها لتشغيل أطفالها في أي مهنة تضمن تأمين مبلغ مادي يعينها في توفير قوت يومها فالوضع المعيشي مذرٍ جداً ولا يعلم بالحال إلا صاحبه".

وفي حال وجدت دعوى الناشط عبد الكريم البني القضائية آذاناً صاغية لدى من أسماها بـ "الجهات المختصة"، قد لا تتجاوز عقوبة متعهد النظافة 2000 ليرة سورية فقط، بحسب قانون العقوبات السوري، والذي ينص على الحبس التكديري ودفع غرامة تتراوح بين 500 إلى 2000 ليرة سورية، حسبما أقرت صحيفة "الأخبار".

وقد يجد عمال النظافة من الأطفال في مدينة التل بعض الاهتمام، لكن ما هو مصير الآلاف من الأطفال السوريين المهددين بضياع مستقبلهم ومن سيتولى عقاب من تلاعب بمصيرهم ودفع بأحوال البلاد لحافة الهاوية؟! هل سيكون عقاب نظام الأسد كعقوبة متعهد النظافة!

ترك تعليق

التعليق