مسلحون سابقون في درعا يلقون السلاح ويعودون إلى مهنهم السابقة


لم يشأ "أبو مجاهد" أن يترك مسقط رأسه ويغادر إلى مكان لا يعرف مصيره فيه، بل فضّل البقاء في قريته الوادعة على ضفاف نهر اليرموك، وممارسة أي عمل يعرض عليه لتأمين قوت يومه.
 
ويقول الثلاثيني "أبو مجاهد"، وهو مسلح سابق: "نعم لقد ألقيت سلاحي رغم تعلقي به، لأنه لم يعد لي حاجة به الآن، بعد هذا الخذلان الكبير الذي منيت به الثورة السورية"، مشيراً إلى أن الثورة تلقت ضربة قاصمة في مهدها، شارك فيها القريب قبل البعيد، حسب وصفه.

وأضاف أنه واحد من أولئك الشباب، الذين فقدوا الكثير بسبب الثورة، فهو عدا عن فقدانه لمنزل العائلة، ولاثنين من أخوته، فقدَ أيضاً مستقبله الدراسي، وأصبح عاطلاً عن العمل، يستجدى بعض الأعمال من هنا وهناك، للحصول على قوت يومه.

وأردف قائلاً: "لا أنا أكملت دراستي، وتخرجت بشهادة علمية تساعدني على مشوار الحياة، ولا أنا تعلمت مهنة أستطيع منها تأمين رزقي ورزق عائلتي المستقبلية"، موضحاً أنه بات في سن من الصعب معها الآن، تعلم مهنة جديدة، في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد.

فيما أكد زميله في السلاح "حسام"، 28 عاماً، أنه فضل العودة إلى عمله السابق في "الطينة والاكساء"، بعد أن دخل في تسوية مع النظام، لافتاً إلى أنه كان قبل الثورة، يعمل طياناً، وهي مهنة ورثها عن والده.

وقال إن حركة البناء مقبولة، وعمل الطينة والإكساء مطلوبان هذه الأيام، رغم ظروف الناس الاقتصادية الصعبة.

وأضاف أن فرص العمل متوفرة في هذا المجال، بعد أن قام بشار الأسد بتدمير منازل الأهالي، ومنشآتهم الخاصة، حسب وصفه. مشيراً إلى أنه يتقاضى 400 ليرة سورية عن كل متر مربع طينة للأبنية المنخفضة، و800 ليرة سورية للأبنية الطابقية، يدفع من ضمنها أجرة العامل المساعد، الذي يتقاضى ما بين 3000 و3500 ليرة سورية يومياً.

وقال إن أجرته اليومية تتراوح ما بين 10 آلاف، و15 ألف ليرة سورية، وذلك حسب المساحة التي ينجزها، خلال ساعات العمل التي تقدر بنحو 8 ساعات.

فيما أشار "محمد . ش"، 30 عاماً، وهو ناشط سابق، إلى توقف معظم الأعمال المنتجة في المحافظة، لافتاً إلى أن الكثير من الشباب، وبسبب عدم قدرتهم على التنقل بين المناطق، يضطرون للعمل في الأعمال الموسمية، أو يلجؤون إلى افتتاح بسطات خضار وفواكه، أو محروقات، لتأمين بعض مصاريف احتياجاتهم اليومية.
 
وقال: "من تبقى من مسلحي المحافظة، إما غادروا إلى الشمال السوري خلال التسويات الأخيرة، أو تطوعوا في صفوف (الفرقة الرابعة) أو (الفيلق الخامس). فيما عاد قسم كبير منهم إلى مهنهم السابقة".

وأوضح أن الكثير من المسلحين السابقين، هم من أصحاب المهن الحرة، فمنهم: الطيان، والحداد، والنجار، أو عامل ورشة صيانة، أو تصويج.. وجلّهم، توقفت أعمالهم بسبب الحرب، الأمر الذي اضطرهم إلى الانتماء للجيش السوري الحر، لتأمين مصدر دخل يعتاشون منه، حسب وصفه.

وأضاف أنه وبعد سيطرة نظام الأسد على المحافظة، وتسوية أوضاع نسبة كبيرة من الشباب، فضّل العديد منهم العودة إلى أعمالهم السابقة، بعد أن تقطعت بهم سبل العيش.

ويقول "عوض. س"، 40 عاماً، وهو صاحب محل صغير لصناعة وبيع الحلويات الشعبية، "لم يعد لدينا مصدر دخل بعد أن تم حل الجيش السوري الحر، لذلك قررت العودة إلى مهنتي السابقة في صنع وبيع الحلويات الشعبية، مثل: العوامة، والمشبك، والهريسة"، موضحاً أن أرباحه اليومية تتراوح بين 2000 و3000 ليرة سورية، تزداد وتنقص حسب كمية المبيعات.
 
وأضاف أنه رغم الظروف المادية الصعبة للناس، إلا أن هناك إقبالاً على الحلويات الشعبية، وخاصة خلال فصل الشتاء، حيث يزداد الطلب على هذا النوع من الحلويات كلما اشتد البرد، موضحاً أن الأسعار مقبولة، وهي تتراوح ما بين 500 ليرة لكيلو الهريسة، و800 ليرة سورية للعوامة والمشبك.

فيما أشار "فلاح. ق"، 36 عاماً، إلى أن مهنته في تصليح التلفزيونات والأدوات الكهربائية، توقفت خلال الحرب، بسبب التوقف عن استعمال هذه الأدوات لعدم وجود تيار كهربائي، الأمر الذي أجبره على الانتماء إلى إحدى الفصائل في منطقته، لتأمين مصدر دخل يعيل منه أسرته، مثله مثل العشرات بل المئات من أبناء المحافظة.

ولفت إلى أنه مع سيطرة النظام على المحافظة، اضطر إلى إجراء تسوية مع سلطات النظام لاتقاء شره، ولو بصورة مؤقتة، موضحاً أنه بالتزامن مع وصول التيار الكهربائي إلى منطقته، وبعض المناطق المجاورة، عاد إلى مهنته في تصليح الأدوات الكهربائية.
 
وقال إن أمور عمله تسير بشكل مريح، فهو على الأقل يؤمن مصاريف يومه في ظل عدم وجود أي مصادر دخل أخرى.

يشار إلى أن محافظة درعا، تعاني من ارتفاع كبير في نسب البطالة في صفوف الشباب، وذلك بعد قيام النظام بفصل المئات منهم من وظائفهم خلال الحرب، وعدم إعادتهم إلى أعمالهم السابقة في إطار التسويات الأخيرة، يضاف إلى ذلك، أن الكثير من شباب المحافظة، فقدوا مصادر دخلهم بعد حل الفصائل المسلحة، وتوقف عمل المنظمات الدولية التي كانت تنشط في المحافظة.

ترك تعليق

التعليق