صرّاف لـ "اقتصاد": شركات تحويل الأموال في الخارج والداخل اتفقت على حملة لدعم الليرة السورية


كشف أحد الصرافين العاملين في مجال صرف العملات وتحويلها من تركيا إلى سوريا، عن إطلاق جميع شركات الصرافة بالتنسيق مع شركات الصرافة في مناطق سيطرة النظام، حملة لدعم الليرة السورية.

وقال الصراف "أمير عون" في حديثه لـ "اقتصاد"، إن "التجار وشركات الصرافة قامت بالمشاركة مع شركات التحويل في مناطق نظام الأسد بإطلاق حملة هدفها دعم الليرة السورية بهدف عودة الاستقرار ولجم التخبط الحاصل في سعر الصرف، وإيقاف بيع وشراء الدولار من السوق الموازي والبنوك الخاصة، وإيقاف المضاربة بالليرة السورية".

والأسبوع الماضي، شهدت الليرة السورية تدهوراً ونزيفاً حاداً بعد أن تخطى سعرها مقابل الدولار عتبة الـ 900 ليرة، إضافة لهبوطها أمام باقي العملات الأجنبية الأخرى.

وأضاف "عون" أن حملة دعم الليرة أدت إلى تحسن سعر الصرف في الأيام الخمسة الأخيرة. وعقّب: "كان ذلك في ظل غياب تام  لأي جهود للبنك المركزي (التابع للنظام) الذي أبقى القطع الأجنبي لشراء براميل الموت بدلاً من شراء محروقات التدفئة، ودعم مستوردات أساسيات الحياة للشعب السوري المكلوم".

وأوضح "عون" أن "معظم شركات الحوالات الخارجية ساهمت في تلك الحملة بالاتفاق مع شركات الداخل، وبالتالي أصبح هناك عرض  للدولار بمناطق النظام وتوقفت الناس عن الشراء"، مؤكدا أن "الحملة ما تزال مستمرة".

وأوضح "عون" أن "الحملة تضمنت إيقاف المضاربة على الليرة السورية، وإيقاف شراء الدولار، وإيقاف بيع الليرة السورية، كما أننا أوقفنا عرض الليرة السورية وأوقفنا الطلب على الدولار، ما أدى لتحسن الليرة السورية"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن "الليرة لن تصمد كثيراً في حال لم يتدخل البنك المركزي السوري".

وأشار إلى أن سعر التحويل، ظهيرة الأحد ، من تركيا إلى داخل مناطق النظام وصل إلى 752 للدولار، مقابل 830 لليورو، في حين أن سعر تحويل الليرة التركية وصل إلى 127  ليرة سورية.


وتابع قائلاً: "المضاربة مثل البورصة، فمثلاً بحوزتي مبلغ 200 مليون ليرة سورية وأريد بيعها وأخد دولار، فإنني أقوم بعرضها على التجار وهنا يقوم كل تاجر بدفع سعر معين".

وطرحنا على مصدرنا عدد من الأسئلة أبرزها، كيف يتم التعامل مع العملاء (الزبائن) وهل تحويل الأموال إلى سوريا يعد نظامياً؟، فأجاب أنه "يتم التعامل مع الزبائن على مبدأ الثقة المتبادلة والمعرفة الشخصية أو عن طريق معرفة أصدقاء أو أقارب، ويتم الاتفاق معهم على تحديد السعر على حسب سعر الليرة بالسوق السوداء والتي تختلف من منطقة إلى أخرى، والتي أيضاً تختلف عن السعر الرسمي للبنك المركزي وسعر شركات الصرافة التي تتعامل مباشرة مع البنك المركزي".

وأضاف أنه "بالنسبة للتحويل إلى سوريا فإنه يتم بطريقة غير نظامية نظراً لعدم وجود بنوك رسمية تغطي الأماكن المحررة، ونظراً  للعقوبات الاقتصادية على البنك المركزي السوري بسبب تسهيله حوالات لرجال أعمال مقربين من النظام، يقومون بتمويل الحملات العسكرية على المدنيين وتورطهم في توريد قناصات وأسلحة ومناظير ليلية لدعم المليشيات التي تتبع لآل الأسد وشاليش ومخلوف والمليشيات الإيرانية، وبسبب مساهمتهم في جلب مرتزقة روس إلى المنطقة".

وسألنا مصدرنا عن مدى تأثر عملهم نتيجة تدهور أوضاع الليرة السورية، فقال إن "العمل تأثر بشكل كبير نتيجة تدهور أسعار الليرة السورية وشح الدولار في الأسواق واضطرابات لبنان وتوقف البنوك في لبنان عن تلبية طلب التجار السوريين من مدخراتهم بالقطع الأجنبي في بنوك لبنان، وازدياد الطلب على الدولار من قبل التجار اللبنانيين والسوريين على حدٍ سواء، ما أدى إلى شح بالقطع الأجنبي في لبنان وسوريا، ما دفع ببعض التجار اللبنانيين إلى شراء ليرة سورية بالعملة اللبنانية ومن ثم بيع العملة السورية في أسواق سورية".

وأضاف أنه "مع ابتعاد النظام السوري عن أي تدخل وعدم وجود أي خطة علاجية سوى القبضة الأمنية وإرهاب التجار والصرافين واعتقالهم وسلب ما يملكون من قطع أجنبي لصالح الفرع، وليس لصالح البنك المركزي، كان له آثار سلبية كعادة العصابة المافيوية التي تتحكم بقرارات الدولة بشكل يزيد من تفاقم الأزمة".

واعتبر أن "هبوط  الليرة السورية له انعكاسات سلبية عميقة على حياة المواطن والتاجر، وأصاب الأسواق بشلل تام بعد أن كان يعاني شللاً نصفياً، وفتح باب جديد لتسلط موظفيي التموين ولجنة حماية المستهلك على رقاب التجار، وتحرير مخالفات باهظة أو رشوة ترضي الموظفين، في حين أن التاجر يقع بين نارين، نار موظفي التموين ونار سعر الدولار".

وتابع قائلاً: "التاجر لا يمكنه بيع السلعة بدون أن يحسب قيمتها على الدولار لأنه في حال أراد تعويض ما ينقصه من منتجات ومواد، فعليه دفع قيمتها بناء على الدولار في السوق السوداء أو دولار نقداً، خصوصاً بعد أن تراجع البنك المركزي عن دعم مستوردات المواد الأساسية وفي مقدمتها حليب الأطفال، للحفاظ على ما  تبقى من قطع أجنبي للسلاح والمجهود الحربي بناء على أمر المجرم بشار الأسد".

وفي سياق اللقاء طرحنا على مصدرنا سؤالاً عن الحوالات التي تأتيهم من أوروبا ودورهم كوسيط من أجل تحويلها لدمشق أو حلب، فقال إن "الحوالات تأتي من أوروبا بناء على نظام الحوالة أي تبادل المبالغ النقدية عبر شركات الصرافة، كما أن هناك تجار بحاجة إلى دفع قيمة بضائع في أوروبا ويتم تسليم ثمنها نقداً إلى الشركات الأوروبية، وهناك حوالات من الجالية السورية ترسل إلى سوريا لمساعدة الأهالي، كما ويتم التحويل عن طريق شركات الصرافة من سوريا إلى أوروبا وبالعكس، دون المرور بدول الجوار".

وأدى عدم استقرار الليرة السورية إلى حالة من التخبط في الأسواق وسط ارتفاع في أسعار بعض المواد الرئيسة وغياب بعضها الآخر عن الأسواق، إضافة لاحتكار بعض التجار لها.

ترك تعليق

التعليق