اقتصاديات: صُنع في سوريا.. الأسد أو نحرق البلد


في الوقت الذي يُجهد فيه تجار النظام أنفسهم لإقامة مهرجانات التسوق، منذ نحو ثماني سنوات وحتى اليوم، تحت شعار "صنع في سوريا"، فإنهم لم يستطيعوا أن يمحوا من أذهان السوريين، ولو جزءاً من بسيطاً من شعار "الأسد أو نحرق البلد" الذي أطلقه النظام رداً على الاحتجاجات الشعبية ضد بشار الأسد، في العام 2011.

بمعنى، على الرغم من أن النظام وتجاره، يستخدمون اليافطات الكبيرة المضاءة، والمكتوبة بخط منمق وجميل، وتنتشر في عموم شوارع دمشق، تحت عنوان "صنع في سوريا"، هذا بالإضافة للحملات الإعلانية على كافة وسائل الإعلام، إلا أن هذه اللوحات والدعايات لم تؤثر حتى اليوم في ذهنية السوري، مثلما أثرت عبارة "الأسد أو نحرق البلد" المكتوبة بخط "مجعلك" على براميل الزبالة بالقرب من الحواجز العسكرية، وحيطان البيوت في القرى والمدن، التي كان يقتحمها جيش النظام بعد أن يفر أهلها منها..

السبب هو فارق الصدق بين العبارتين، فقد عاش السوريون دهراً مع هذا النظام ولم يصدقوا يوماً أنه يريد خيراً بهذا البلد أو أنه ينوي بنائه، بينما عندما أعلن أنه ينوي تدميره، فالكل صدقه، وهو من جهته، أي النظام، صدق وعده..

شعار "الأسد أو نحرق البلد" هو التعبير الصادق عن دموية هذا النظام ووحشيته وهمجيته، لذلك هو أهم من كل ما أنتجه حزب البعث، من شعارات، على مدى أكثر من نصف قرن، بل إن المتأمل في حكم الأسدين، يجد أنه الشعار الوحيد الذي كان مطروحاً للتداول، إلا أن الشعب السوري كان يتعامى عنه، ويحاول أن يخدع نفسه، بأنه من غير المعقول أن يفعلها.. أي يدمر البلد..

لذلك، عبثاً يحاول التجار ورجال الأعمال اليوم، القيام بدور "المبخر" لتشتيت الروائح الكريهة التي أطلقها ويطلقها هذا النظام، ويكفي أن يعلموا أن من هان عليه تدمير بلده وتهجير أهلها، لا يمكن أن يكون هو نفسه داعماً لإعادة إعمارها وبنائها..

ونصيحة للتجار، الذين يُجهدون أنفسهم في إعادة تلميع صورة هذا النظام، نقول: بشار الأسد هو القائد الأعلى للثورة السورية.. فبدون خطاباته وسخافاته، ما كان لهذه الثورة أن تستمر.. كانت الناس تستمد إصرارها على متابعة مسيرة الثورة، إثر كلام هذا الرجل بعد كل خطاب أو لقاء يجريه.. يرون أن سوريا العظيمة لا يمكن أن يقودها هذا "المعتوه" و "المخبول"..

أما النصيحة الأخيرة للتجار، فهي أن سوريا لم يعد بوسعها أن تصنع شيئاً مع هذا النظام، سوى القتل والدمار والأدوات المرتبطة بهما.. أما صناعة "شماشير" الأقمشة، التي تلصقونها زوراً وبهتاناً باسم سوريا، فلم نعد بحاجة إليها.. نريد اليوم صناعة من نوع آخر، تزرع الفرح في نفوسنا التواقة للتخلص من هذا النظام ومن كل آثامه..

فهل عرفتم نوع الصناعة التي نريدها، وتستحق أن تحمل اسم سوريا..؟!

هامش: مناسبة المقال، إطلاق غرفة تجارة دمشق، قبل ثلاثة أيام، مهرجانها الدوري للتسوق تحت شعار"صنع في سوريا".. قبل الثورة، كانت الغرفة تطلقه مرة في السنة، أما بعد الثورة، فأصبح مهرجاناً كل أربعة أشهر، وأحياناً كل شهرين مرة، وتجول فيه على المحافظات إلى أن وصل العام الماضي إلى لبنان..
 

ترك تعليق

التعليق