سكان عادوا إلى داريا.. هذا ما يقولونه عن المدينة والنظام


يعتقد "أكرم" أن مشكلة البطالة بالنسبة إليه قد حلت عقب عودته إلى مدينته الأصلية، داريا، بالقرب من العاصمة، والتي أُخليت تماماً منتصف العام 2016 بعد مغادرة آخر المقاتلين المناهضين للنظام منها. "لكن الأمور لا تسير دائماً كما يشتهي المرء".

الواقع الذي صدم مئات الأشخاص الذين حصلوا على إذن بالعودة للإقامة في منازلهم من قبل الأفرع الأمنية للنظام لم يجعل من هذه اللحظات التي انتظروها قرابة 5 سنوات، سارة، كما كانوا يتوقعون.

البيوت دمّرها النظام بآلاف الصواريخ والبراميل المتفجرة وهو يلاحق عشرات الثوار الذين فضلوا المقاومة بأسلحة فردية خفيفة.

لكن "الحياة داخل المدينة أفضل من عيشة النزوح خارجها"، يقول أكرم.

ويضيف: "حتى لو كانت المنازل والمرافق العامة مدمرة بسبب تعنت النظام لكن يمكن إصلاح جزء كبير منها من قبل السكان بغية الإقامة فيها".

وهذا ما وفّر فرص عمل لـ "أكرم" والعشرات من زملائه الذين يمتلكون خبرات كافية في الحرف المتعلقة بالبناء.

كنوع إضافي من المتاعب التي تواجه السكان الذين يتوافدون لدخول المدينة وإصلاح بيوتهم ومتاجرهم يصعب الحصول على ترخيص لإعادة بناء منازلهم ضمن المناطق غير المنظمة.

البعض يضطر لدفع المال (رشوة) مقابل غض الطرف عن هذه المخالفات التي تعرض صاحبها لهدم ما عمل على بنائه من قبل بلدية داريا.

كما أن البنى التحتية مدمرة بشكل فظيع كما يؤكد عدد من السكان. وهذا ما يجعل من الإقامة داخل داريا في ظل غياب الكهرباء والماء والنظافة، أمراً بالغ الصعوبة.

يقول "نضال" إنه استقر في بيته وسط المدينة بعد أن دفع مبلغ 2 مليون ليرة لترميمه وإعادة كسوته من الداخل بعد تعرض المدينة لسرقات منظمة قام بها عناصر النظام في أوقات سابقة.

ما شجع نضال على العودة هو صعوبة إيجاد فرصة عمل في مجال كسوة الأرضيات خارج المدينة.

"في الداخل يحتاج السكان لخبراء في مجال البناء كي يعيدوا ترميم بيوتهم وهذا ما جعلني أنغمس في العمل بعد سنوات من الانقطاع"، يتابع نضال.

في تشرين الثاني 2012 شن النظام حملة برية وجوية على مدينة داريا أدت لهروب عشرات الآلاف من السكان نحو دمشق وريفها أو خارج البلاد.

لم تنته المعركة الطويلة حتى آب 2016 وبعدها بقيت المدينة التي لا تبعد عن دمشق سوى 8 كيلو مترات، فارغة تماماً.

يعود السكان اليوم في ظل انشغال تام من النظام السوري عن تهيئة المدينة وإعادة ترميمها وتأهيل البنية التحية فيها.

سكان المدينة الوافدون لا يتهمون الثوار بالتسبب في خراب المدينة، بخلاف ما يروّجه إعلام النظام. فهم يدركون جيداً -كما يتحدث العديد منهم- من يقف خلف هذا الكم الهائل من الدمار.

بجهود محلية وإمكانيات ضعيفة يحاول العشرات إيجاد نوع من الحياة داخل مدينتهم.

وفي حين تواظب بلدية داريا على الحديث عن إنجازات متواضعة جداً تتعلق بإصلاح التيار الكهربائي على الطريق العام حتى ساحة شريدي فقط، تغرق شوارع وحارات داريا في ظلام دامس.

ترك تعليق

التعليق