بعد قرار يسمح للاجئين السوريين بتسوية أوضاعهم في لبنان.. كيف كان التطبيق؟


ما يزال تعامل الجهات الأمنية والرسمية اللبنانية مستمراً وفق نهج المزاجية واختلاف المعايير أو التفسيرات للقوانين والاجراءات في مختلف الشؤون اللبنانية، وينسحب ذلك أيضاً على التعامل في شأن اللجوء السوري، فالأمر يختلف من منطقة لأخرى وحسب الجهة صاحبة النفوذ والسيطرة في مناطق لبنان المختلفة، باختلاف الفسيفساء الطائفية المتعددة فيه، وكأنها دويلات مختلفة القوانين وتفسيراتها ضمن الدولة الواحدة.

 وكان قد صدر قرار جديد في لبنان بتاريخ 2019/7/15 ويُعمل بأحكام هذا القرار لمدة ثلاثة أشهر فقط اعتباراً من تاريخ صدوره، حيث يسمح من خلال هذا القرار للاجئين السوريين المخالفين بتسوية أوضاعهم. وينص القرار على الآتي:

"أولاً: تعلم المديرية العامة للأمن العام جميع الرعايا السوريين المتواجدين على الأراضي اللبنانية أنه بإمكانهم تقديم طلبات الإقامة المؤقتة (تعهد بالمسؤولية - عمل) على كفالة متعهد بالمسؤولية جديد وتستوفى الرسوم المتوجبة، وذلك بالنسبة:
- للرعايا السوريين المنتهية إقامتهم المؤقتة بموجب تعهد بالمسؤولية أو عند انتهاء الإقامة الممنوحة لهم على كفالة المتعهد السابق.
ثانياً: يستثنى من تطبيق هذه الأحكام:
- الداخلين "خلسة" ( تهريب) الممنوحين مهلة مغادرة.
- الذين دخلوا إلى لبنان بصورة شرعية (سياحة، تسوق، زيارة عمل ...) من غير بند التعهد بالمسؤولية (عمل) الممنوحين مهلة للمغادرة".

وهو أول قرار من نوعه يشمل الداخلين إلى لبنان "خلسة" باستثناء الممنوحين منهم مهلة مغادرة (كرت تسفير)، نتيجة القبض عليه على أحد الحواجز أو أثناء حملات المداهمة التي قام بها الأمن اللبناني.

وفي هذا القرار يُتاح للاجئ السوري تبديل الكفيل المنتهية كفالته بكفيل آخر من دون مغادرة الأراضي اللبنانية.

ما هي المستندات المطلوبة للتجديد وتبديل الكفيل؟

تعهد مسؤولية من الكفيل عند كاتب العدل.

تعهد سكن من صاحب السكن عند المختار.

ما يثبت طبيعة عمل الكفيل (إفادة بلدية، إفادة مختار، اذاعة تجارية).

سند ملكية للسكن أو سند ايجار أو إفادة من البلدية أن اللبناني يملك منزل على (العقار رقم..) الذي يسكنه السوري.

صورتين عن هوية الكفيل مصدقة من المختار.

صورة عن هوية صاحب السكن مصدقة من المختار.

جميع المستندات الشخصية للسوري + صورتين عنها.

صور شمسية عدد 2.

صدر القرار.. ولكن
 
صدر القرار ولكن اختلف التنفيذ من مركز أمني لآخر، والكثير من طلبات الكفالة جاءت نتيجتها الرفض ولا سيما للداخلين "خلسة" على الرغم من تفسير بنود القرار الجديد من قبل محامين مختصين.

 وقد رصدنا عدد من تجارب السوريين اللاجئين والمقيمين في مناطق مختلفة في لبنان (بين طلبات مقبولة ومرفوضة):

- "محمد" لاجئ سوري كان لديه كفالة شخصية منتهية قدم له الكفيل بعد صدور القرار الجديد الذي يسمح له بتبديل الكفالة دون مغادرة لبنان: سند ملكية لمنزله وصور عن هويته وتعهد سكن عند المختار وتعهد مسؤولية عند كاتب العدل، وقدّم الأوراق للأمن العام إضافة إلى أوراقه، ونقل بعدها الكفالة إلى مؤسسة وتم قبول طلبه.

ملاحظة هامة (نقل الكفالة من كفيل شخصي إلى شركة أو مؤسسة تتم بسهولة، أما نقل الكفالة من مؤسسة أو شركة إلى كفيل شخصي غالباً ما تقابل بالرفض).

- "عمار" لاجئ سوري كان لديه كفالة شخصية من كفيل لبناني منتهية وأراد بعد صدور القرار نقل الكفالة إلى كفالة مؤسسة، وعندما ذهب لتقديم الأوراق طلب منه التقديم أولاً على وزارة العمل، وعند ذهابه إلى وزارة العمل طلبوا منه تجديد الكفالة أولاً، ثم التقديم إلى وزارة العمل، ومن المعلوم أنه يجب أولاً تجديد الكفالة ومن ثم الحصول على إجازة العمل وتحديد الفئة، ولم يتمكن عمار حتى الآن من تقديم أوراقه للكفالة فكل جهة ترميه للأخرى.

- "أبو كرم" لاجئ سوري استطاع تبديل كفالته من كفالة شخصية منتهية إلى كفالة شخصية جديدة منذ عشرة أيام قدم الأوراق المطلوبة وجاء قبول طلبه.

- "وائل" لاجئ سوري كانت قد "مسكت" أوراقه من قبل الأمن اللبناني وطلب منه تقديم كفالة وإجازة عمل فئة ثانية (تكلفة إجازة العمل فئة ثانية 400 ألف لبناني، والكفيل أقل مبلغ للكفالة 300 ألف لبناني وقد تصل للـ 500 دولار حسب الكفيل)، تمكن من إيجاد كفيل وقدّم أوراق الكفالة بعد صدور القرار الجديد ولكن كانت نتيجة طلبه الرفض والسبب أنه قد صدر به سابقاً قرار إجازة عمل.

- "ناصر" لاجئ سوري كان لديه كفيل شخصي وانتهت الكفالة وخالف، وقد تم "مسكه" في أحد الحواجز وتم اعطائه كرت مغادرة، واليوم بعد صدور القرار الجديد استطاع ايجاد كفيل شخصي جديد فقدم كل الأوراق المطلوبة للكفالة ولكنهم طلبوا منه تنازل من الكفيل القديم فقدم له الكفيل القديم تنازل عند كاتب العدل وقدمه للأمن العام ورفض طلبه مرة ثانية وطلب منه أن تكون صيغة التنازل "تنازل الكفيل القديم للكفيل الجديد" عند كاتب العدل.

- "مروان" لاجئ سوري دخل إلى لبنان "خلسة" منذ عام 2017، بعد صدور القرار الجديد قدم أوراق كفالة للأمن العام فطلبوا منه أوراق من الأمم المتحدة (المفوضية) وهو لا يملك سوى شيفرة (الشيفرة يقصد بها "كود" يسمح له بالطبابة فقط، فالداخلين بعد 2015 إلى لبنان لا تمنحهم المفوضية ملف لجوء، بل شيفرة فقط)، والأوراق المطلوبة من المفوضية هي إفادة سكن وصورة عن الملف، ومن المعلوم أن إفادة السكن لا تمنحها المفوضية لمن لديه شيفرة.

- "عمر" تم إعطائه سابقاً كرت تسفير ولكنه لم يغادر لبنان، بعد صدور القرار الجديد تمكن من إيجاد كفيل لبناني قدم الأوراق المطلوبة ودفع كامل المبلغ المترتب عليه نتيجة الكسر (مدة إقامته وهو مخالف حيث يدفع عن كل سنة مخالفة 200 دولار) وبعدها أعطي مهلة ثلاثة أشهر لمراجعتهم وهكذا تكون قد انتهت مدة العمل بالقرار وسيكون الرد هو الرفض أو مغادرة لبنان وهي خطة يتبعها الأمن اللبناني لجعل السوري يدفع الكسر ومن ثم يكون جوابهم الرفض أو المغادرة.

- "سامر" لاجئ سوري دخل خلسة إلى لبنان منذ عام 2017 تم إلقاء القبض عليه على أحد الحواجز اللبنانية وحبس مدة ودفع كفالة (500) ألف ليرة لبنانية (كل 1500 ليرة لبنانية = 1 دولار)، وتم إطلاق سراحه وأعطي كرت أخضر، وبقي بعدها مخالفاً في لبنان حتى صدور القرار الجديد. استطاع إيجاد كفالة شركة، قدم الأوراق المطلوبة للكفالة بالأمن العام" بحمانا"، بعدها اتصل الأمن العام بصاحب الشركة وطلبوا منه أن يراجع السوري الذي يكفله مركزهم مصطحباً معه (600) ألف ليرة لبناني، راجعهم سامر السوري في اليوم التالي وبعد دفع المبلغ المطلوب تفاجأ بإعطائه كرت مغادرة ( تسفير).

وبالنتيجة

إنه لبنان الذي يعيش دائماً فوضى قرارات وفوضى تطبيقها واختلافات تفسيرها. لا توجد قاعدة ثابتة ومستقرة لنقل الكفالة، فكل مركز أمني تختلف معاييره في تطبيق قراراته عن الآخر حيث سجلت حالات مختلفة:

- هناك من نقل من كفيل لآخر من دون أي مشاكل.
- هناك من لم يستطع النقل من كفيل شخصي إلى كفيل شخصي آخر وطلب منه تقديم كفالة شركة أو مؤسسة.
- هناك من لم يستطع النقل من كفيل قديم منتهية فترة كفالته إلى كفيل آخر رغم تقديم كل الأوراق المطلوبة وتم إعطائه كرت مغادرة (تسفير).
- هناك من طلب منه بطاقة من وزارة العمل كشرط للموافقة على نقل كفالته وهذا مخالف للشروط وأمر تعجيزي.

وعليه: يبقى الأفضل للسوري أثناء تقديمه على الكفالة تقديم معلومات صحيحة ودقيقة للأمن العام اللبناني لأن المعلومات تتم مراجعتها من قبل الاستقصاء وبعدها تتم الموافقة على الكفالة أو رفضها أو يتم طلب إجازة عمل أو كفالة مؤسسة أو شركة.

ملاحظات هامة لبعض القرارات حول الكفالة:

- من كان لديه كفيل منتهية مدة كفالته لا يحق له التجديد على كفالة المفوضية.

- من كان له كفالة جمعية خيرية منتهية لا يحق له التجديد على كفالة المفوضية.

- من كان لديه كفيل سابق وواضعين له تداول لا يحق له التجديد على كفالة المفوضية.

- من كان لديه كفالة شركة منتهية لا يحق له النقل على كفالة المفوضية حتى وإن كان مسجلاً لديها.

- من لديه منع دخول إلى لبنان لا يستطيع إقامة كفالة حتى تنتهي مدة المنع.

ترك تعليق

التعليق