كيف يمكن تدارك الفجوة بين اللاجئين السوريين والأتراك؟


أظهرت ردود الفعل على الإجراءات التركية التي طبقت على اللاجئين السوريين مؤخراً، مدى اتساع الفجوة بين شريحة واسعة من الأتراك، وبين الأوساط السورية، حيث بدا واضحاً على منصات وسائل التواصل الاجتماعي ظهور حالة من الرضا في الوسط الشعبي التركي الداعم لتطبيق المزيد منها، يقابلها سخط واسع بين السوريين.

هذا التباعد في المواقف السورية- التركية، على المستوى الشعبي، والأجواء المشحونة، عكست فشلاً كبيراً لكل محاولات الدمج المجتمعي التي استمرت منذ دخول أول لاجئ سوري إلى تركيا، إذ لا يختلف اثنان من المراقبين على أن مبدأ "التعايش المجتمعي" بحاجة اليوم إلى تعزيز أكثر، حتى يتحول من قسري مهدد بالانفجار، إلى تعايش راسخ ونابع عن قناعة، في ظل عدم وجود حل سياسي قريب.

وفي هذا التقرير، يحاول "اقتصاد" الوقوف على بعض الحلول التي قد تُسهم في رأب الصدع، من خلال التحدث إلى مصادر قريبة الصلة بالشأن السوري في تركيا.

نائب رئيس منبر الجمعيات السورية، باسل هيلم، اعتبر أن "مسؤولية تخفيف الاحتقان تقع على عاتق الحكومة التركية، فهي الجهة الوحيدة القادرة على توجيه الإعلام بشكل صحيح، لأن الإعلام هو المسؤول أولاً عن تأزيم الأجواء، إلى جانب الأخطاء".

وأضاف لـ"اقتصاد"، أن "وسائل الإعلام التركية، وخصوصاً في الفترة التي سبقت الانتخابات المحلية التركية، تصيّدت العديد من الأخطاء الفردية السورية- على قلتها-، وضخمتها بشكل مدروس، لينعكس ذلك سلباً على نظرة الأتراك للسوريين".

وأول ما يمكن التطرق إليه، عند الحديث عن الإجراءات الواجب اتخاذها لتدارك الموقف، من وجهة نظر هيلم، هو ضرورة تحرك منظمات المجتمع المدني التركية والجهات الدينية والجهات التي تقف وراءها شرائح اجتماعية كبيرة، لتوجيه القاعدة الشعبية توجيهاً صحيحاً، وتبيان الاتهامات الباطلة التي تلاحق اللاجئ السوري.

وبالانتقال إلى الطرف السوري، أقر هيلم بعدم وجود مرجعية موحدة للسوريين، إعلامياً وقانونياً وسياسياً، وقال "مسؤوليتنا أن نسلط الضوء على الجانب المشرق للوجود السوري بتركيا، برغم الحالات الكثيرة في هذا الجانب".

وتابع هيلم، أن المواطن التركي مغيّب تماماً عن الجوانب الإيجابية التي تحسب للسوريين، وعلى رأسها الدور في نمو الاقتصاد التركي مؤخراً.

ومثل هيلم، قال الباحث في "منتدى الشرق"، الدكتور سنان حتاحت، إن "مسؤولية ما آلت إليه الأمور مؤخراً، هي مسؤولية مشتركة بين أطراف عدة".

وفي حديثه لـ"اقتصاد"، وصف التعامل الحكومي مع ملف اللاجئين السوريين بتركيا بـ"المتخبط"، وقال "منذ البداية، كان التصور التركي أن أزمة اللجوء السوري هي أزمة مؤقتة، وخصوصاً في إسطنبول، حيث نلاحظ أنه على سبيل المثال في عنتاب، عملت الولاية باكراً على إيجاد قنوات تواصل فعالة مع السوريين، وتمكنت من قوننة الوجود السوري فيها، إلى حد كبير".

واللافت بحسب حتاحت، تفضيل وزارة الداخلية التركية التعامل الأمني والسياسي مع الملف السوري في إسطنبول، بدلاً من التعامل الثقافي والقانوني.

من جهة ثانية، طالب الباحث، منظمات المجتمع المدني السوري في تركيا، بضرورة التحرك لمناصرة قضية اللجوء السوري للتخفيف من وقع المأساة، معتبراً في الآن ذاته أن على المعارضة السياسية التحرك، بدلاً من حصر عملها بالشأن السياسي.

وبحسب حتاحت، فإن تحرك هؤلاء إلى جانب التحرك المقابل من الجانب التركي، كفيل بردم الهوة بين الأتراك والسوريين.     
 
من جهته، دعا المسؤول في منظمة "هيئة الإغاثة الإنسانية" التركية، جلال دامير، اللاجئين السوريين إلى إتقان اللغة التركية، لتحقيق الاندماج الصحيح بالمجتمع التركي، وكذلك إلى تأليف الكتب باللغة التركية لنقل الصورة الحقيقية لمأساتهم.

وأضاف في تصريح إعلامي له، إلى أن من بين الإجراءات التي من شأنها ردم الهوة بين الأتراك والسوريين، النشر بالصحف والمجلات التركية الرسمية، وإقامة لقاءات تلفزيونية وتفعيل وسائل التواصل الاجتماعي والحوارات، وتفعيل دور الجالية السورية في تركيا لتأخذ دورها الحقيقي في إيصال الصوت السوري للجهات المعنية.

ترك تعليق

التعليق