هدم القابون يتوقف مؤقتاً.. بسبب خلافات بين رجال أعمال النظام


منذ مدة، نشرت صفحة "يوميات قذيفة هاون" الموالية للنظام خبراً يفيد بتأكيد وزير الأشغال العامة والإسكان، سهيل عبد اللطيف، خلال زيارة أجراها للقابون، عقب عيد الفطر، على الالتزام بالبرنامج الزمني فيما يخص إعداد المخطط التنظيمي والانتهاء من ازالة الأبنية المخالفة والآيلة للسقوط في المنطقة، دون الحديث عن إمكانية عودة الأهالي.

وكانت قوات النظام قد خففت من وتيرة عمليات الهدم في الحي عقب تفجيرها بناء العبود في 14 تشرين الثاني عام 2018، وأكبر كتلة أبنية في الحي (الأوقاف) في 16 من الشهر ذاته.

وقال مصدر مطلع في حديث خاص لـ "اقتصاد" أن توقف عمليات الهدم جاء بسبب خلافات داخل النظام ورجال الأعمال الذين تولوا زمام الأمور في عملية هدم وترحيل الأنقاض، كالخلاف الذي جرى مع محمد حمشو عقب عملية الهدم التي بدأها فور تهجير مقاتلي الحي. وأوضح المصدر أن السبب هو نزاعات تحدث داخل أروقة النظام لتحديد المسيطر على المنطقة.
 
وحسب المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، فإن "قوات النظام كانت تنوي إخلاء الحي بشكل كامل مطلع شهر تموز القادم تزامناً مع انتهاء الامتحانات المدرسية في سوريا، إلا أن زيارة سهيل عبد اللطيف للحي وتوعده بإكمال المخطط التنفيذي، جعلت الأمر معلقاً، حيث عاد الحديث عن إمكانية فتح الطريق أمام الراغبين من أهالي الحي بالعودة إليه رغم ضعف احتمالية حدوث ذلك".

وتابعت قوات النظام عمليات الهدم، لكن بوتيرة أبطئ، نظراً لما أحدثته التفجيرات في الكتل الكبيرة، العام الماضي (بناء العبود، أبنية الأوقاف)، من ضجة إعلامية دفعت الأمم المتحدة إلى اتهام النظام بهدم منازل أبناء المناطق التي خرجت ضده في محيط العاصمة. ونشر نشطاء صوراً التقطتها الأقمار الصناعية توضح اتساع رقعة الدمار بين عامي 2017 و 2019 أي بعد تهجير مقاتلي الحي، ذلك أنه عقب تدمير كتلة بناء الأوقاف تابعت قوات النظام هدمها في المنطقة ذاتها (المنطقة القريبة من مسجد القابون الكبير) وصولاً إلى الاوتستراد. ونُشرت صور من داخل الحي أول أيام عيد الفطر المنصرم، توضح تسوية النظام للمنطقة المشار إليها، بالكامل، على الأرض.

وجاء الانتقال إلى الهدم في منطقة وسط الحي، بعد الانتهاء الكلي من تدمير مناطق البعلة والعارضية ومشروع علوان، والتي تمنع قوات النظام حتى تاريخ اليوم دخول أحد من أبناء الحي إليها، إلا بواسطات، وتكون الزيارة لدقائق، بحكم أن المناطق سيطرت عليها قوات النظام عسكرياً، وهو الأسلوب ذاته الذي انتهجته مع سكان قطاع صالة المهند، الذي سيطرت عليه عسكرياً منتصف عام 2013، حيث يُمنع الأهالي حتى اليوم أيضاً من دخول ذلك القطاع إلا بواسطات. هذا وطالت حملة الهدم والتفجير معظم أبنية القطاع رغم سيطرة قوات النظام عليها.

كراج انطلاق على كامل مساحة المنطقة الصناعية
 
وضمن المخطط التنظيمي الذي يدعي النظام العمل عليه في منطقة القابون، سيتم تحويل كامل المنطقة الصناعية لكراج انطلاق للبولمان.

 يشار إلى أنه يوجد كراج انطلاق للبولمان، بالفعل، ضمن المنطقة. الأمر الذي يصعب معه تبرير إنشاء كراج بولمان جديد، إلا إن كان الهدف تشتيت شمل أبناء المنطقة ضمن المخططات التنظيمية التي يزعم النظام إنشائها، حسب وصف مصادر محلية.
 
المصدر المطلع الذي أشرنا إليه في بداية التقرير، تحدث لـ "اقتصاد" عن المشروع قائلاً: "من المفترض أن تبدأ حدود الكراج بداية من شركة الغزل والنسيج (الشركة الخماسية) ووصولاً إلى عقدة القابون المعروفة الواصلة بين القابون وحرستا بالقرب من فرع المخابرات الجوية. أي على كامل مساحة المنطقة الصناعية".

الأمم المتحدة وموقفها من إعادة الإعمار

يُعتبر حي القابون المدخل الشرقي للعاصمة دمشق، حيث يسعى النظام من خلال عملية الهدم للبدء بعملية إعادة الإعمار التي تهدف بشكل رئيسي إلى إزالة العشوائيات وتقطيع أوصال الحي اجتماعياً عن طريق التنظيم الذي يؤمن للنظام ضمانة لإبقاء الحي تحت سيطرته في حال حدوث احتجاجات أخرى، إضافة إلى الأرباح الضخمة التي ستجنيها شركاته من خلال إعادة الإعمار بسبب الدعم الضخم الذي قد يتلقاه من خلال ملف إعادة الاستقرار.

مصدر آخر مطلع، قال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "ملف إعادة الاستقرار هو ملف أممي يتم العمل عليه بعد الحروب عادة من قبل الدول بالتنسيق مع الأمم المتحدة عبر برنامجها (UNDP)، بالإضافة إلى صناديق الدعم الدولية المشكلة من قبل الاتحاد الأوروبي والحكومات العربية (الخليجية) والصناديق الأمريكية والبنوك الدولية التي تُفعّل بوقت الحروب".

وهنا نذكر مثالاً على أحد الصناديق الفعّالة من عام 2013 لإعادة الاستقرار، صندوق SRTF والذي قامت بتشكيله كل من جمهورية ألمانيا الإتحادية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك جنباً إلى جنب مع الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وبنك التنمية الألماني ( KfW) كمؤتمن. وقد انضمت الدنمارك إلى الاتفاق الإطاري في اليوم ذاته فيما انضمت إليه السويد وفنلندا في تشرين الأول عام 2013 وتلتهما اليابان في شباط عام 2014 والمملكة المتحدة في آذار 2014 ودولة الكويت في أيار 2014 وفرنسا في حزيران 2014 و إيطاليا في تموز 2014 وهولندا في كانون الأول 2014. وفي حزيران 2014 أيضاً انضمت تركيا لصندوق الإئتمان لإعادة إعمار سوريا كعضو دائم وأصبحت جزءاً من هيكله الإداري بصفتها الهامة كبلد مضيف للإدارة التنفيذية للصندوق. وفي تشرين الثاني 2015 انضمت الأردن أيضاً لصندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا كعضو دائم وأصبحت جزءاً من هيكله الإداري بصفتها الهامة كبلد ثان مضيف للإدارة التنفيذية للصندوق.

مهمة هذه الصناديق العمل على البنية التحتية للمناطق المتضررة جراء الحرب وتفعيل سلاسل القيمة المرتبطة بسبل العيش وانعاش الاقتصاد الفردي والمجتمعي بالإضافة إلى تقديم الخدمات الأساسية التي يحتاجها الفرد ليكون قادراً على الحياة بالحد المقبول من الخدمات وذلك بدوره يعتبر أحد أهم العوامل التي تشجع اللاجئين على العودة يوماً ما.

ومن المتوقع أن ينشط الصندوق، خلال فترة قريبة، بشكل أكبر، ومن المنتظر أن يكون النشاط الأبرز لهذا الصندوق في الشمال الشرقي، عندما يكون عامل الأمان متوفر بشكل أكبر, إضافة إلى الوصاية الأميريكية التي تحمي المنطقة من القصف الجوي للنظام.

أما في الشمال الغربي، يقل نشاط الصندوق لكون المنطقة غير هادئة نسبياً، إضافة لتعرضها للقصف بشكل متكرر، ما يعرقل العمل في المنطقة حالياً. ويركز الصندوق هناك على الدعم الإسعافي أكثر من برامج دعم الاستقرار المفترضة.

يكمل المصدر المطلع: "لا نعلم مدى الفعالية المحتملة لمثل هذه الصناديق في مناطق النظام، إلا أن الأغلب هو عدم فعاليتها في تلك المناطق بسبب القطيعة والحظر السياسي والاقتصادي الذي يعيشه النظام حيث أن ملف إعادة الاستقرار والإعمار مرتبط قطعاً بالتسوية السياسية التي ترغب بها جميع الدول التي تنوي دعم استقرار سوريا".

ما يحصل حالياً أن الدعم من خلال مثل هذه الصناديق سيكون دعماً (فيدرالياً) عبر منظمات المجتمع المدني والمجالس الصغيرة "المحلية" وخاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

يُذكر أن قرار تنظيم حي القابون سيصدر قريباً من مجلس محافظة دمشق، ويُعتبر من أكبر أولويات النظام في الفترة الحالية.

ترك تعليق

التعليق