بعد جدل السوريين حولها.. ما هي إقامة منع الترحيل في ألمانيا؟


بين من قال إنها إشاعة، ومن قال إنها واقع، تداولت عدد من صفحات التواصل الاجتماعي للاجئين السوريين في ألمانيا، أخباراً عن حصول عدد من السوريين مؤخراً على نوع من الإقامة لم يعرفوه مسبقاً، وهي إقامة منع الترحيل، وهو ما أثار موجة من القلق في صفوف اللاجئين السوريين في ألمانيا الذين باتوا اليوم بين سندان القوانين الجديدة ومطرقة السياسة الألمانية المتغيرة.

بداية قبل الدخول في الحديث عن إقامة منع الترحيل، وماهيتها، لابد لنا من الإجابة على السؤال الذي أرق السوريين في ألمانيا، هل حصل بعض السوريين مؤخراً على إقامة منع ترحيل أو كما تسمى باللغة الألمانية Abschiebungverbot؟، الإجابة نعم، حصل بعض السوريين على هذا النوع من الإقامة، وهذا ما أكده العضو في برلمان ولاية مكلنبورغ فوربومرن شمال شرق ألمانيا ومفوض شؤون الهجرة والإندماج فيها الدكتور إبراهيم النجار، قائلاً في حديث خاص لـ "اقتصاد" إن المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة للاجئين BAMF رفض عدد من طلبات اللجوء والحماية التي تقدم بها بعض السوريين القادمين حديثاً إلى ألمانيا، وعزا النجار سبب ذلك إلى كون هؤلاء الأشخاص قدموا من مناطق انتهى الصراع العسكري المسلح فيها كدمشق وحماه واللاذقية وطرطوس، إضافة لعدم وجود أسباب مبررة لدى الشخص لمنحه اللجوء أو الحماية، وهو ما سنأتي لتفصيله في السطور القادمة.

ما هي إقامة منع الترحيل أو حظر الترحيل الوطني Abschiebungverbot؟

إقامة منع الترحيل هي أحد أنواع الإقامات التي تمنح للأجانب في ألمانيا بسبب تعذر حصول الشخص على اللجوء أو الحماية لأسباب معينة ومنها أن تشكل إعادة الشخص إلى بلده الأصلي انتهاكاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية (ECHR) أو أن هناك خطراً ملموساً كبيراً على على الحياة والحريات، وفق ما أوضح لـ "اقتصاد"، المهتم بالشأن القانوني في ألمانيا، بشير علي.

وأضاف "علي": "ومن أسباب منح هذا النوع من الإقامة، إصابة الشخص بأمراض لا يتوفر العلاج لها في البلد الأم بسبب ضعف الرعاية الصحية وعدم توفر الأدوية المضادة لها".

ميزات إقامة منع الترحيل Abschiebungverbot

تتميز إقامة منع الترحيل عن غيرها من الإقامات بحسب الناشط الحقوقي فادي موصللي، أن مدتها عام، قابلة للتجديد بشكل متكرر، إلا أنه لا يحق لحاملها العمل إلا بعد الحصول على إذن من مكتب الهجرة والأجانب، كما تمكن حاملها من الحصول على تصريح الإقامة الدائمة بعد خمس سنوات في حال استيفائه لشروط الحصول عليها كتأمين سبل العيش ومعرفة كافية باللغة الألمانية.

لكن، لا يحق لحاملها المطالبة بلم الشمل الأسري، وهو ما يرى فيه موصللي سبباً لمنح هذا النوع من الإقامات مؤخراً، فالحكومة الألمانية تريد الحد من قدوم الأشخاص إلى ألمانيا عن طريق لم الشمل الذي ما يزال الحديث حوله في دائرة النقاش السياسي بين أحزاب الحكومة الألمانية بين مؤيد لهذا الحق وبين داعٍ لتقييده، كما حصل مؤخراً مع حاملي إقامة الحماية الثانوية.

(للإطلاع على النص الخاص لإقامة منع الترحيل من موقع المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين BAMF اضغط هنا)

بدوره، نوه "بشير علي" بأن هناك فرق بين إقامة منع الترحيل التي منحت لبعض السوريين، وقانون منع الترحيل للسوريين إلى بلدهم بغض النظر عن نوع الإقامة التي حصلوا عليها، سواءً كانت إقامة لجوء أو طالب أو عمل أو إعادة توطين.

وفي سياق متصل، يرى الدكتور إبراهيم النجار أن عدم منح السوريين حق اللجوء في ألمانيا حالياً، يعود إلى التشدد وعدم التراخي بهذا الملف من قبل المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين التابع لوزارة الداخلية، وكنتيجة للسياسة العامة للحكومة الألمانية والضغوط التي تمارسها الأحزاب عليها. كما أن هناك اتجاه لتفعيل قانون الهجرة الذي سيكون له دور كبير في الحد من استقبال ألمانيا للاجئين.

هل يمكن أن يطعن المكتب الاتحادي بقرار الإقامة الممنوحة للشخص؟

بالرغم من أن هذا الأمر نادر الحصول، يتفق كل من "بشير علي" و"فادي موصللي"، على أن ذلك ممكن ويحق للمكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين BAMF في عدة حالات طعن بقرار الإقامة مهما كان نوعها عند توفر أسباب الطعن اللازمة لذلك.

وختاماً، بقي السؤال الأهم الذي يؤرق الكثير من السوريين في ألمانيا.. ما هو التقييم الأمني المتوقع في شهر حزيرن/يونيو للوضع في سوريا؟، وهل سيتم ترحيل السوريين؟

بحسب الدكتور إبراهيم النجار فإنه من المبكر ومن السابق لأوانه الحديث عن ترحيل السوريين إلى بلادهم، لأن ذلك مرتبط بتقييم الوضع الأمني في سوريا من قبل وزارة الخارجية الألمانية بالتشاور مع وزراء داخلية الولايات، مضيفاً "أتوقع أن يتم تمديد قانون منع ترحيل السوريين إلى بلادهم حتى نهاية العام 2019، فكل من الحزب الاشتراكي الألماني وحزب الخضر وحزب اليسار يرون في سوريا، أنها خطرة، وبلد غير آمن".

كما ربط النجار تقييم الوضع الأمني في سوريا بنتائج انتخابات البرلمان الأوروبي المزمع عقدها في نهاية شهر أيار، التي ينافس للحصول على المقاعد فيها عدد من الأحزاب اليمينية المتطرفة كحزب البديل الألماني الذي ينتهج سياسة رافضة لوجود الأجانب واللاجئين في ألمانيا ويعتبر سوريا دولة آمنة.

لكن في الوقت نفسه، لم يُخفِ النجار توقعاته بإزالة الحظر عن سوريا في بداية العام 2020 واعتبارها بلداً آمناً من قبل وزارة الخارجية الألمانية.

ويتواجد على الأراضي الألمانية بحسب آخر إحصائية للمكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين عام 2017 حوالي 699 ألف سوري من غير الحاملين للجنسية الألمانية، ليصبحوا بذلك ثالث أكبر جالية أجنبية في البلاد بعد الأتراك والبولنديين.

ترك تعليق

التعليق