بالوقائع والأرقام.. هكذا استولى حزب الله على عقارات وأملاك أهالي القصير


منذ أن أعلن جيش النظام المدعوم بقوات من حزب الله، السيطرة على القصير في حزيران من عام 2013، سعت هذه القوات إلى السيطرة على أملاك أهالي المدينة مستغلة وجود حاضنة لها في منطقتين حدوديتين غير مرسّمتين بين سوريا ولبنان هما (حوش السيد علي، والمنقطع وحاويك). وبدأت تلك الأطراف تمارس لعبة مفضوحة بشراء أراض وشقق سكنية في كل من مدينة حمص ومدينة القصير في محاولة لإجراء تغيير ديموغرافي لا يخفى على أحد في المنطقة استكمالاً لمنح النظام الجنسية السورية لعناصر حزب الله الذين قاتلوا إلى جانبه.

 وكشف ناشط فضّل عدم ذكر اسمه لـ"اقتصاد" أن حزب الله اكتفى بشراء بعض الشقق السكنية في مدينة حمص آنذاك ليتخذها مقرات عبور واستراحة لعناصره، ومنها شقة بالقرب من مسبح تشرين وتعود ملكيتها لشخص من آل دياب سوري الجنسية من سكان بلدة حاويك وشقة أخرى في حي بابا عمرو سجلت ملكيتها باسم شخص من آل حمادة من سكان بلدة المنقطع وهناك-كما يقول- عدة شقق أخرى في كل من مساكن الادخار وطريق حماة.

في مدينة القصير المحاذية للحدود السورية اللبنانية بدت الأمور أكثر منهجية من حيث تم شراء الأراضي الزراعية وبعض الشقق والدكاكين، ولفت محدثنا إلى أن حزب الله عمل على خطة ترمي لشراء الأراضي الزراعية الممتدة على طول الطريق الواصل بين مدينة القصير وقرية حوش السيد علي والتي تعد مركزاً رئيسياً وتجمعاً لقواته على الحدود السورية، وتتم عمليات الشراء-حسب قوله- عن طريق وسطاء سوريين مقيمين في لبنان يعرضون على اللاجئين بيع أراضيهم الزراعية بحجة أنها أحرقت وأن حلم العودة شبه مستحيل.

ويمنع القانون في سوريا تملك الأفراد من الجنسية اللبنانية للأراضي والأملاك ولكن الحزب تحايل على القانون المذكور بتسجيل تلك العقارات بأسماء شخصيات من صفوفه ممن يحملون الجنسية السورية التي نالوها حديثاً مقابل مبالغ خيالية تقدم للاجئ الذي بدأ الفقر يفتك به وبعائلته بعد أن ترك كل شيء في رحلة نزوحه من القصير.
 
وكشف المصدر أن ما يُعرف ببلدية القصير التابعة للنظام أقرت قراراً مع بدء سقوط المدينة بأنه لا يمكن بيع أو شراء أي عقار في المنطقة إلا بعد الحصول على موافقة أمنية من مفرزة الأمن العسكري في المدينة، وهنا يأتي دور الوسيط بحيث يقول للاجئ أنه لا يتوجب عليك إلا البصم على عقد البيع والموافقات الأمنية كلها جاهزة ولا يتوجب عليك الحضور أمام رئيس مكتب التوثيق العقاري (طبعاً هذا مخالف للقانون) فالقانون ينص على أن يقف البائع والمشتري معاً أمام رئيس مكتب التوثيق العقاري.


وسجّل محدثنا–كما يروي- شراء ما يقارب الـ 70 دونماً بريف القصير الغربي وخمس شقق سكنية في مدينة القصير و٤ محلات تجارية عند مدخل المدينة، كما سجل –حسب قوله- محاولات جديدة يقوم بها وسطاء حزب الله لشراء أراضٍ زراعية بالقرب من مطار الضبعة العسكري دون توثيق أي حالة منها بعد.

المصدر أكد أن قرية "حاويك" باتت شبه مملوكة لحزب الله إضافة لقرية "بلوزة" وهاتان القريتان تضمان سكاناً متعددي الطوائف سنة وشيعة، لكن مع نهاية سنة ٢٠١٩ تم شراء ما يزيد عن ١٧٠ دونماً في كلا القريتين لأشخاص من آل الجمل والهق، وغالباً ما تبقى الأراضي التي يتم شراؤها لصالح الحزب "شمسية" في غالبيتها -أي ممنوع زراعتها- كما يُمنع الدخول إليها. وأفاد شهود عيان في المنطقة أن الحزب باشر في بناء بعض الشقق في تلك الأراضي الزراعية وفرض حراسة مشددة عليها.

وكان عناصر الحزب قد وضعوا أيديهم على سجلات بلدات "حاويك" و"جوسية الخراب" و"حوش السيد" و"المنقطع" (الجنطلية) فور استيلائهم على السجل العقاري في القصير ولم يعيدوها إلا بعد طلب رسمي من رئيس فرع الأمن العسكري الذي قُتل في تفجير بحمص منذ قرابة السنتين. ونقل محدثنا وهو من أبناء المنطقة عن شهود آخرين أن دوريات من حزب الله تجول دائماً في المنطقة وتمنع أي شخص غريب من الدخول حتى وإن كان ابن المنطقة وتركها سابقاً. ويُرجّح الشهود أن الحزب يستخدم تلك الشقق لإيواء مطلوبين أمثال "نوح زعيتر" إضافة لكونها تحوي معامل لإنتاج المواد المخدرة كما بات معروفاً. ويقول أبناء المنطقة-بحسب المصدر- أنهم شاهدوا "حسن يزبك" وهو مسؤول في حزب الله مرات عدة في مدينة القصير برفقة موكب حماية يتجول على الشقق والأراضي التي تم شراؤها مؤخراً.

وعبّر المصدر عن اعتقاده بأن حزب الله "يهدف من شراء الأملاك والعقارات في القصير إلى تأمين الطريق الذي يتم عبره نقل السلاح من مستودعات قارة إلى الهرمل، مشيراً إلى أن "منطقة مطار الضبعة القريب من حمص باتت منطقة عسكرية للحزب حتى الأمن في مدينة القصير لا يجرؤ على الاقتراب منها".

وأكد محدثنا أن عدداً من مؤيدي النظام ومنهم أعضاء في مجلس مدينة القصير ورئيس البلدية "عبد الكافي الخطيب" و"عبد الكريم الزهوري" أمين الفرقة الحزبية و"محمد الهزاع"، يساعدون في تسهيل وتسجيل الأراضي والعقارات باسم عناصر حزب الله ومناصريه.
 
وأعلن مجلس مدينة القصير التابع للنظام في العاشر من تشرين الثاني -أكتوبر الماضي عن المخطّط التنظيمي للمدينة ممهلاً من تبقى من أهالي المدينة فترة لا تتجاوز الشهر للاعتراض على المخطط التنظيمي المعلن، وأرفق المجلس صورة للمخطّط التنظيمي الجديد للقصير، والذي تم وضعه في غياب سكّان المدينة غير القادرين على الوصول إلى البلدية من أجل الاعتراض وتثبيت ملكيات منازلهم وأراضيهم.


ترك تعليق

التعليق