"الفوعة" تزدهر بأيدي سكانها الجدد
- بواسطة محمد كساح - خاص - اقتصاد --
- 04 كانون الأول 2018 --
- 0 تعليقات
لهجات سورية مختلفة بإمكان المار من أزقة وحارات بلدة الفوعة شرقي إدلب، الاستماع إليها. هنا تتواجد شريحة كبيرة من المهجرين من أبناء دمشق، ومن داريا والزبداني وحمص وغيرها، إضافة لسكان من أهالي إدلب قرروا الاستقرار في المنطقة التي كانت شيعية، وذلك بعد ترحيل سكانها الأصليين على خلفية اتفاق تركي- روسي، منتصف العام الحالي. وعلى الفور توافدت الأسر التي يغلب عليها الفقر وشرعت بتجهيز البيوت للسكن وافتتاح المحلات التجارية. فـ "الإيجارات مرتفعة في مناطق أخرى بخلاف الفوعة المجانية"، يردد المهجرون أو سكان الفوعة الجدد.
عقب إخلائها خضعت الفوعة للقسمة بين الفصائل التي كانت ترابط على حدودها (فيلق الشام، تحرير الشام، أحرار الشام). وسمحت هذه الفصائل للمدنيين بالاستقرار في المنطقة بشكل مجاني للبيوت وبمبلغ 5 آلاف ليرة شهرياً للمحلات التجارية. يقول "أبو محمد" وهو من المهجرين الذين سكنوا الفوعة منذ أسابيع قليلة، "نحن نبحث عن منطقة ليس فيها إيجارات للمنازل فأغلبنا معدم ولا يملك قوت يومه".
من يتجول في شوارع الفوعة يلمح حجم الدمار الكبير الذي تعرضت له في ظل المعارك التي كانت تدور بين سكانها الشيعة الموالين للنظام وبين قوات المعارضة وهو ما تسبب بمتاعب كبيرة للسكان الحاليين إذ "لا يخلو منزل من دمار"، يتحدث "أبو محمود" بينما ينقل قطع (البلوك) إلى داخل المنزل الذي يجهزه للسكن. "حائط المطبخ والغرفة مدمر كما ترى وأسعى لبنائه من البلوك المهدم".
بلغت مصاريف إعادة ترميم المنزل كما يوضح "أبو محمود" قرابة 200 ألف ليرة. لا يظن الرجل كباقي السكان حدوث عودة قريبة لأهالي الفوعة، فالصراع تجمد عند هذا الحد؛ "النظام يسيطر على دمشق والجنوب والمنطقة الوسطى بينما إدلب والشمال السوري عدا مدينة حلب من نصيب المعارضة".
داخل السوق الرئيسي للفوعة فتحت عشرات متاجر الأغذية والخضراوات. كما تتواجد في المنطقة مدرسة وصيدليتان وأربع صالات لخدمة الإنترنت وعدد من مطاعم الشاورما والفلافل والفروج النيء. ويبدو أن المنطقة تشهد في الوقت الراهن ازدهاراً اقتصادياً مقبولاً. يقول "نور" الذي يدير مطعم صغير للشاورما في الطريق الرئيسي للفوعة: "حركة البيع جيدة فهناك عدد كبير من السكان".
ويحصل القاطنون على المياه عن طريق صهاريج يملؤها أصحابها من آبار مدينة بنش القريبة. وتباع الـ 5 براميل بـ 800 ليرة. كما يمكن للسكان الحصول على الكهرباء عبر الاشتراك في مولدات الآمبير التي تغذي المنطقة يومياً من السادسة حتى التاسعة مساء لقاء 700 ليرة كل أسبوع عن الآمبير الواحد.
بعدد من البطانيات التي وضعت عوضاً عن الأبواب والنوافذ مع عفش متواضع وخزان مازوت نُظف جيداً كبديل عن خزانات المياه الغالية الثمن، استقر "أبو عبدو" في أحد المنازل المهدمة شرقي الفوعة. "أبو عبدو" الذي بقي مدة من الزمن يبحث عن مسكن رخيص أو مجاني وجد ضالته في الفوعة كما يقول. يحتاج المنزل الذي سكن فيه الرجل لمبلغ كبير كي يتم تجهيزه وجعله صالحاً للسكن. "لا أمتلك المال فقمت بإجراء تجهيزات بسيطة.. كل شي سرق من البيوت والمحلات حتى الأبواب والشبابيك".
تعرضت الممتلكات للسرقة من قبل العشرات فور إخلاء الفوعة. وكان بالإمكان مشاهدة طوابير السيارات المحملة بالسجاد والبرادات والأدوات المنزلية وهي تخرج من المنطقة قبل عدة أشهر. لكن الأمور غدت تحت السيطرة على ما يبدو، بعد ذلك. على حاجز الفوعة مع بنش المتاخمة، أوقفت شاحنة محملة بأسلاك الحديد المستخرجة من الأبنية المهدمة. طلب عنصر الحاجز من السيارة الوقوف جانباً ولا يمكن معرفة إذا ما تمت إعادتها إلى الفوعة أو السماح لها بالمرور بعد مدة.
المدرسة التي تقع شرقي الفوعة سرقت عن آخرها. حتى المقاعد والألواح وأسلاك الكهرباء تعرضت للسرقة. ويعتقد البعض أن هذه العمليات غير المحسوبة أضرت بالسكان الأصليين والسكان الجدد في نفس الوقت.
يؤكد السكان الحاليون للفوعة أن الفقر هو من دفعهم للسكن فيها على الرغم من مشاهد الدمار ونقص أغلب الخدمات. وتقول الفصائل التي سيطرت عليها أن ممتلكات المنطقة تعتبر "غنائم حرب" كون سكانها من الموالين للنظام. في حين تنعت وسائل إعلامية غربية هذه العملية بـ "التغيير الديمغرافي". في معرض الرد يقول أحد السكان الحاليين "كل الحق على النظام الذي استمال السكان لأنهم من الشيعة على الرغم من كونهم أدالبة وتربطهم مع أبناء البلدات المجاورة علاقات قوية ربما لم تنقطع تماماً على الرغم مما حصل".
التعليق