"تشابهار" الإيراني نحو مزاحمة الموانئ العالمية


بعد استثنائه من حزمة العقوبات الأمريكية الثانية ضد إيران، نتيجة عدم امتلاك أفغانستان منافذ بحرية، يعتبر ميناء تشابهار الواقع في ولاية سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران، مرشحا ليصبح مسارا تجاريا جديدا لتبادل البضائع بين إيران والهند وأفغانستان.

تعلق أفغانستان والعراق بإيران في مجال الاقتصاد والطاقة وتأمين الاحتياجات الأساسية الأخرى، دفع بالولايات المتحدة إلى استثناء طهران من بعض العقوبات من حزمة التدابير الاقتصادية الثانية التي فرضتها بتاريخ 5 نوفمبر / تشرين الثاني الجاري، وذلك بسبب العلاقة الوثيقة التي ترتبط بها واشنطن مع كل من بغداد وكابل، حيث يستورد العراق من إيران جملة من المواد الأساسية، أبرزها الغاز الطبيعي والكهرباء.

وفي هذا الإطار، استثنت الولايات المتحدة العراق من استيراد الغاز الطبيعي ومواد أخرى من إيران.

كما أعفت واشنطن ميناء "تشابهار" الواقع في خليج عمان من العقوبات، لدوره الكبير في إيصال احتياجات أفغانستان من الحبوب الزراعية.

ـ مسار نقل جديد في الشرق الأوسط وآسيا

ولا تمتلك أفغانستان سواحل بحرية، وهي تقوم باستيراد احتياجاتها من الحبوب من الهند بشكل سريع وآمن وتكاليف نقل رخيصة عن طريق ميناء تشابهار، ما دفع واشنطن إلى إعفاء هذا الميناء من العقوبات.

من ناحية أخرى، يحمل الميناء أهمية كبرى بالنسبة إلى إيران وأفغانستان، بسبب المشاكل الاقتصادية والسياسية بين الهند وكل من باكستان والصين.

وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، فإنه من المخطط أن يجري تمديد خط أنابيب لنقل الطاقة بين ميناءي تشابهار ومومباي في الهند، وأنه سيساهم في إحياء التجارة بين آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وزيادة فعالية الهند بالمنطقة.

وكان الطرفان اتفقا على تمديد خط الأنابيب خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندار مودي، والرئيس الأفغاني أشرف غني إلى إيران العام الماضي.

وبموجب الاتفاق، ستنفق الهند حوالي 500 مليون دولار على تطوير ميناء تشابهار، بحيث سيتسنى لها من خلاله تسيير أنشطتها التجارية دون الحاجة إلى باكستان.

من جانب آخر، أعلنت الإدارة الأفغانية الأسبوع الماضي، أنها ستشتري سفنا بدعم من القطاع الخاص، وأنها ستسير أنشطتها التجارية مع الدول الأخرى عبر ميناء تشابهار، في حين أعلنت طهران أنها ستنفق حوالي مليار دولار على مشروع الميناء بالرغم من الأزمة الاقتصادية التي تعانيها.

ـ التنافس الأمريكي الصيني

في لقاء مع الأناضول، قال مدير عام مؤسسة الموانئ في سيستان وبلوشستان "بيهروز أغاي"، إن ميناء تشابهار يساهم في دعم المصالح الاقتصادية لحليفي الولايات المتحدة، العراق وأفغانستان، ما دفع واشنطن إلى استثنائه من العقوبات.

وأوضح أن الميناء "استثني من العقوبات بسبب الهند بدرجة أكبر من أفغانستان، وذلك لكونها تستخدمه في تصدير منتجاتها بشكل كبير ليس إلى أفغانستان فحسب، إنما إلى روسيا وباقي الدول الآسيوية، ولذلك فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى الهند في منافستها مع الصين".

وأشار "أغاي" إلى أن ميناء تشابهار يمكنه سد احتياجات المنطقة كافة من الغاز الطبيعي المضغوط، قائلا: "بصفتنا الدولة الأكثر إنتاجا لهذه المادة، فإننا نسعى إلى تزويد الهند بالغاز الطبيعي المضغوط، لأنها بحاجة إليه لتتمكن من منافسة الصين".

ـ اعتماد أفغانستان على الصادرات

وأفاد "أغاي" بأن أفغانستان تستورد نحو 95 بالمئة من احتياجاتها من الخارج، مضيفا أن قرار إعفاء الميناء سيساهم في إيصال البضائع إلى أفغانستان عبر تشابهار بشكل سريع ورخيص، وفي الوقت ذاته ستقوم أفغانستان بتصدير منتجاتها الزراعية عبر هذا الميناء".

واعتبر أن الولايات المتحدة غير صادقة بخصوص أفغانستان، حيث قال: "لو كانت صادقة فعلا في رغبتها بمساعدة أفغانستان، لكانت استثنت ميناء بندر عباس أيضا من العقوبات، حيث تستخدم أفغانستان هذا الميناء بدرجة أكبر من تشابهار في تأمين البضائع".

ـ 100 ألف فرصة عمل

"أغاي" أكد أنهم يهدفون مع اكتمال مشروع الميناء ودخوله الخدمة لتحميل وتفريغ 85 مليون طن من البضائع سنويا، ما سيتيح فرص عمل لنحو 100 ألف شخص في هذه الحالة.

وأضاف: "كما أننا نهدف إلى جعل تشابهار نقطة مرور "ترانزيت" بالنسبة إلى دول الجوار، لقد حصلنا على مساحة 203 هكتارات من تجفيف مياه البحر، وخصصنا مساحة 64 هكتارا لمحطة الحاويات (كونتينر)، وأن الميناء سيستقبل السفن من كافة الأحجام، بفضل أرصفته التي تبلغ من العمق 22 مترا".

ترك تعليق

التعليق