ريف درعا.. الخدمات العلاجية تتدهور بعد سيطرة النظام


لم تعد هناك مشاف ميدانية في المناطق المحررة بدرعا، كما لم تعد هناك مراكز صحية أو نقاط طبية، فقد أتت الحرب عليها جميعها، ما فاقم الأوضاع الصحية للأهالي، وكبدهم المزيد من النفقات، طلباً للعلاج في مناطق النظام رغم رداءة الخدمات الطبية المقدمة هناك.

وأشار مصدر طبي في المحافظة، إلى أن الخدمات الطبية والعلاجية في ما كان يطلق عليها بالمناطق المحررة، توقفت أو تراجعت بشكل شبه كامل، بعد سيطرة قوات النظام عليها مؤخراً.

وأضاف المصدر الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته لأسباب أمنية، أن المعارك الأخيرة في المحافظة، دمرت معظم المشافي الميدانية، وما تبقى منها سالماً تمت مصادرة محتوياته كغنائم حرب.

ولفت إلى أن قوات النظام والقوات الرديفة، عمدت إلى مصادرة معظم الأجهزة الطبية والأدوية، وصورت هذه المشافي على أنها أوكار للجماعات المسلحة، رغم أنها كانت تقدم الخدمات العلاجية والطبية لعامة المواطنين.

وأكد المصدر وعدد من الأهالي من مناطق ريف درعا، أن الكثير من القرى والبلدات، باتت تفتقر لأدنى الخدمات الصحية؛ بعد سيطرة النظام عليها، واعتقال الكثير من العاملين في المجال الطبي، من قبل سلطات النظام؛ بحجة تقديم العلاج للمجموعات المسلحة.

ولفت المصدر إلى أن الخدمات العلاجية في ريف درعا، تعتبر الآن الأسوأ منذ انطلاقة الثورة السورية؛ وذلك بسبب توقف الدعم الطبي بشكل كامل عن هذه المناطق، ورفع مؤسسات النظام يدها عنها، لافتاً إلى أن وعود النظام التي قطعها لأهالي المناطق التي كانت خارج سيطرته، بتحسين الواقع الخدمي ومنها المجال الطبي، لم ينفذ منها أي شيء حتى الآن رغم مرور عدة أشهر على عودتها لسيطرة النظام.

وقال المصدر إن معظم الأطباء والكوادر الطبية في المشافي الميدانية اضطروا لإجراء تسويات مع النظام، بعد أن ضاقت بهم السبل، على أمل أن يتم تعينهم في المشافي التي كانوا يعملون بها سابقاً، لكنهم لم يتلقوا إجابات صريحة حتى اللحظة، ما أوقع بعض المشافي والمراكز القائمة كمشفى طفس ومشفى نوى والمزيريب وغيرها بعجز كبير بالموارد البشرية، إضافة إلى العجز القائم بالخدمات اللوجستية.

من جهتهم أكد بعض الأهالي في ريف درعا الشرقي، أن إصابات بمرض الكبد الفيروسي، ظهرت في صفوف المواطنين؛ نتيجة إصابة مياه الشرب بالتلوث.

ولفت مصدر طبي من داخل مؤسسات النظام، إلى أنه تم تسجيل أكثر من 40 إصابة بالتهاب الكبد الفيروسي خلال الشهرين الماضيين، في بلدات الطيبة والجيزة ومعربة، عازياً ذلك إلى عدم المتابعة الصحية من قبل الجهات المعنية، واستخدام المياه الملوثة في الشرب والاستعمالات المنزلية من قبل الأهالي.

وأكد "أبو قاسم"، 45 عاماً، وهو معلم مدرسة، أنه لا يوجد في منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، والبالغ عدد سكانها أكثر من 50 ألف نسمة سوى طبيب واحد، لافتاً إلى أن علاج الأمراض البسيطة والإسعافات الأولية، يقوم بها العاملون في الصيدليات رغم قلة خبرتهم.

وأضاف أن المريض إذا احتاج إلى حقنة إسعافية ليلاً، فإنه لا يجد من يعطيه إياها في المنطقة، موضحاً أن المرضى بأمراض مزمنة، باتوا مضطرين للذهاب إلى دمشق أو درعا لتلقي العلاج، متحملين بذلك عناء السفر والتأخر على الحواجز، إضافة إلى التكاليف المادية الكبيرة، التي تتوزع ما بين أجور نقل، وأجور تحاليل، وكشف طبي وثمن أدوية.

وأوضح أن كشفية أي طبيب في المحافظة تفوق 1000 ليرة سورية، وأن أجرة نقل الراكب في السيارات العادية تتجاوز 1500 ليرة سورية، هذا عدا عن ثمن الأدوية، وصرفيات المرافق للمريض، والتي تعادل نفقات المريض نفسه.

وقال: "لو توفرت المشافي والإمكانات العلاجية كما كانت في السابق، لما تحمّل المواطن هذه النفقات الإضافية، التي باتت (تكسر الظهر)".

ويشير "أبو عماد الساري"، 62 عاماً، وهو مريض كلية، أنه يضطر للسفر إلى درعا مرتين على الأقل في الأسبوع، من أجل الخضوع لغسيل الكلى، لافتاً إلى أن الأمر شاق جداً والمصاريف عالية كثيراً، وهي تصل في كل مرة إلى أكثر من 7 آلاف ليرة سورية، كأجور تنقل فقط.

وأضاف أنه محظوظ في تأمين نفقات علاجه، كونه يتلقى مساعدات خارجية شهرية من أحد أقاربه، الذي تكفل بنفقات علاجه الشهرية، وأردف أنه لولا هذه المساعدات، لما استطاع السفر لتلقي العلاج، لعجزه عن تحمل هذه النفقات الكبيرة.

ويشير عبد القادر الصارم، 49 عاماً، وهو موظف، إلى أن مستوى الخدمات العلاجية في مناطق درعا الواقعة تحت سلطة النظام ليست بأحسن حال من خدمات المناطق التي كانت خارجة عن سيطرته، لافتاً إلى أن مشافي درعا وازرع والصنمين، تعاني هي الأخرى من نقص كبير في مستلزمات العلاج، والاستشفاء والإمكانيات الطبية.

وأضاف أن اللجوء إلى العلاج في المشافي الخاصة، أو الذهاب إلى دمشق لتلقي العلاج، مكلف جداً، مبيناً أن إجراء العمليات فيها يتطلب دفع أموال كبيرة، بين أجور تحاليل طبية وأجور أطباء، وخدمات تتجاوز في الحد الأدنى 100 ألف ليرة سورية، لأبسط العمليات الجراحية فما بالك إذا كانت العملية معقدة.

وتشير أسماء العلي من ريف درعا الشرقي، إلى أن مجرد مراجعة بسيطة لمشفى الأطفال في دمشق، للوقوف على حالة طفلها الصحية، كلفتها نحو 20 ألف ليرة سورية، بين أجور تنقل، وأجور تحاليل، مشيرة إلى أن هذا المبلغ يشكل نصف الراتب الشهري لزوجها، الذي يعمل موظفاً في إحدى مؤسسات الدولة.

وأضافت أن طفلها البالغ من العمر سنة ونصف، يعاني من مشكلة في الغدة الدرقية، علاجها غير متوفر في درعا، الأمر الذي يضطرها إلى مراجعة مشفى الأطفال في دمشق، وتحمل هذه التكاليف المادية الكبيرة.

ترك تعليق

التعليق