حركة بناء تنتعش في درعا.. تعرّف على بعض التكاليف


ما أن حطت الحرب أوزارها في جنوب سوريا، بالتزامن مع بسط قوات النظام سيطرتها على محافظتي درعا والقنيطرة، ودخول المناطق الثائرة بتسويات ومصالحات مع سلطات الأسد، حتى بدأت تنشط بشكل ملحوظ حركة الإعمار، وإعادة البناء، وتنتعش بالتوازي معها، الكثير من المهن المرتبطة بها، الأمر الذي وفر الكثير من فرص العمل، وأسهم في تحسين الوضع المعيشي للعديد من الأسر.

ويشير عاصي عبد الرحمن وهو مهندس وصاحب مكتب لمواد البناء، إلى أن معظم مناطق درعا، تشهد حركة بناء واعمار، رغم ضبابية الوضع العام، وعدم وضوح الرؤية المستقبلية للمنطقة، بعد إعادة سيطرة النظام عليها.

وعزا نشاط الأهالي وسرعة قيامهم بإعادة بناء وترميم عقاراتهم؛ رغم الظروف المادية الصعبة إلى خشيتهم من أن تلجأ المجالس المحلية والبلديات، إلى منعهم من إعادة بناء منازلهم؛ بحجة إعادة النظر بالمخططات التنظيمية كما يشاع في الكثير من المناطق، إضافة إلى رغبة الأهالي في تأمين مساكن مناسبة، قبل حلول فصل الشتاء بما يحمله من برد وأمطار.

ولفت إلى أن إقبال الناس على إعادة بناء عقاراتهم، وترميمها، حرك سوق مواد البناء بشكل ملحوظ، ونشّط الكثير من المهن كتجارة مواد البناء والحدادة والنجارة والبناء والاكساء كما نشّط ورشات ومعامل صناعة الأبواب والبلوك والبلاط والسيراميك وغيرها.

وأضاف أن معامل صناعة البلوك والبلاط ومواد البناء، عادت إلى سابق عهدها، في إنتاج هذه المواد، رغم عدم توفر الطاقة الكهربائية، وارتفاع أسعار المواد الأولية التي تدخل في إنتاجها، موضحاً أن جميع مواد البناء من بحص ورمل وحجارة واسمنت وغيرها، باتت متوفرة بشكل كبير في مناطق درعا وبأسعار منافسة.

وقال إن توفر مواد البناء في الأسواق، وتنافس التجار على كسر الأسعار، أسهم في هبوط أسعار تلك المواد بشكل ملحوظ، مقارنة مع أسعارها التي كانت رائجة قبل شهرين.

وأكد أن أسعار مواد البناء، تتفاوت بين منطقة وأخرى بنسب تتراوح ما بين 10 و15 بالمئة، وذلك حسب قربها أو بعدها عن مصدر هذه المواد، وأجور النقل التي تدفع عليها، مشيراً إلى أن سعر طن الاسمنت يتراوح ما بين 51 ألف و52 ألف ليرة سورية، فيما يبلغ سعر متر البحص 8000 ليرة سورية، ومثله متر الرمل، أما سعر متر الرمل ذي النوعية الجيدة، الخاص بالطينة والاكساء فيبلغ 10500 ليرة سورية.

وأضاف أن سعر طن الحديد قياس 6 مم يبلغ نحو 800 دولار أمريكي، فيما يصل سعر طن الحديد قياس 12 مم إلى نحو 780 دولار أمريكي، لافتاً إلى أن سعر البلوكة قياس 15سم يبلغ ما بين 145 و160 ليرة سورية ومثلها الهوردي تقريباً، فيما يبلغ سعر البلوكة قياس 20 سم 225 ليرة سورية والبلوكة قياس 10سم 130 ليرة سورية.

وأشار إلى أن أجرة إزالة متر الردم تتراوح ما بين 4500 و5000 ليرة سورية، وهي تقسم مناصفة بين العمال والسيارة الناقلة، موضحاً أن عمليات إزالة الردم، رغم خطورتها أمنت عشرات فرص العمل اليومية لشريحة واسعة من العمال المياومين، في ظل غياب واضح للمعدات الثقيلة في العديد من المناطق، بسبب مصادرتها والاستيلاء عليها من قبل قوات النظام، والقوات الرديفة لها، إبان المعارك التي شهدتها المناطق مؤخراً.

ويقول محمد الرواس، 39 عاماً، وهو معلم بناء (معمرجي)، إن حركة البناء والترميم تحسنت بشكل كبير، موضحاً أنه تعاقد على تنفيذ العديد من الأبنية خلال الشهرين القادمين، هذا عدا عن أعمال الترميم البسيطة.

وأضاف أنه يتقاضى 25 ليرة سورية عن كل بلوكة يقوم ببنائها، وأنه ينجز يومياً بمساعدة ابنه بناء غرفة مكونة من 750 بلوكة تقريباً، تبلغ أجرتها نحو 17 ألف ليرة سورية.

وقال: "هذا موسم عملنا، ويجب أن نستغله بشكل جيد قبل حلول الشتاء، لذلك لا مجال للتهاون في العمل، ولا مجال لتضييع المزيد من الوقت بعد كل ما فقدناه خلال الحرب".

فيما أكد سامر العيسى، 45 عاماً، وهو "طيان"، إنه الآن بدأ يشعر بقيمته كإنسان منتج، بعد أن كان عالة على إخوته المغتربين والجمعيات الخيرية، التي كانت تقدم له بعض المساعدات وسبل العيش.

وأضاف أن فرص العمل في مجال الاكساء والطينة باتت متوفرة وأن مردودها المادي جيد جداً، لافتاً إلى أنه يتقاضى نحو 350 ليرة سورية عن كل متر طينة، وهذا السعر الرائج حالياً.

ولفت إلى أن عمله الآن يدر عليه دخلاً جيداً؛ بعد توقف استمر سنوات طويلة بسبب الحرب.

وأردف أنه ينوي أن يسدد ما ترتب عليه من ديون، خلال فترة توقفه عن العمل في الفترة الماضية، مشيراً إلى أن وضع أسرته المعيشي تحسن خلال الشهرين الماضيين بشكل كبير؛ بسبب توفر فرص عمل جديدة.

يشار إلى أن آلاف المباني والمنازل في محافظة درعا، كان قد تم تدميرها خلال سنوات الحرب بصورة ممنهجة ومتعمدة، على أيدي قوات النظام والقوات الروسية، التي استخدمت أشد الأسلحة فتكاً وتدميراً على مدار السنوات السبع الماضية، الأمر الذي يحتاج إلى إمكانيات مالية وفنية عالية لإعادة بنائها.

ترك تعليق

التعليق