كيف يدخن اللاجئون السوريون في أوروبا..؟
- بواسطة خاص - اقتصاد --
- 14 تشرين الاول 2018 --
- 0 تعليقات
لا أحد يصدق من سوريي الداخل، أو ممن يقبعون في دول الجوار، أن ثمن علبة السجائر الواحدة في أوروبا، قد تكفي لمعيشة أسرة في سوريا مكونة من خمسة أفراد ليوم كامل، أو أنها تعادل عشرة بالمئة، من راتب الموظف الشهري في سوريا.
أي أن اللاجئ السوري في أوروبا قد يدخن سجائر في خمسة أيام، ما يعادل راتب موظف في الحكومة لمدة شهر كامل.
غير أن السوريين المدخنين في أوروبا، لا يرغبون أن يتم مناقشة القضية وفقاً لهذه القياسات، والتي يرونها غير منطقية، وغير عادلة.
ومن وجهة نظر "م ، م"، المقيم في فرنسا منذ أربعة سنوات، أنه صحيح أن السجائر في أوروبا غالية، حيث يصل ثمن العلبة الواحدة إلى 8 يورو، لكن يجب أن لا ننسى، أن مستوى الدخل في سوريا متدنٍ للغاية، ولا يمكن مقارنته حتى بمستوى الدخل في الصومال.
وهو من جهة ثانية يعتقد "م ، م"، بأن السجائر مسألة شخصية، لا يجوز أن تتحول إلى مسألة سياسية أو اجتماعية أو إنسانية، وفق ما يتم تداوله أحياناً، حيث يقول، إن زوجته كثيراً ما تؤنبه على ثمن السجائر التي يدفعها، والتي قد تصل إلى أكثر من 10 يورو يومياً. لكنها بحسب قوله، لا تربط الموضوع بالمسألة الصحية، وإنما نقول له أن هذا المبلغ يكفي لإعالة أسرة كاملة في سوريا، وأنه يجب أن يقلع عن التدخين لهذا السبب. إلا أنه لو قرر تحويل هذا المبلغ إلى أحد ذويه في سوريا، فإن زوجته ستكون
مشكلة اسمها السجائر في أوروبا
لا يمكن أن يلتقي سوريان مدخنان في أوروبا، أو يتحدثان مع بعضهما البعض عبر الهاتف، إلا ويكون موضوع "كيف تحصل على السجائر؟"، أحد أبرز القضايا التي يناقشانها.
فكما هو معروف أن جميع الدول الأوروبية، تفرض ضرائب كبيرة على بيع السجائر، وتمول منها عمليات التأمين الصحي، كما أن سعر السجائر يزداد بشكل دوري، فعلى سبيل المثال، كان ثمن علبة السجائر في العام 2013، في فرنسا، 6 يورو، بينما حالياً يبلغ ثمنها 8 يورو، ولا يوجد هنا في أوروبا سوى فروقات طفيفة في الأسعار لا تكاد تذكر بين نوعية سجائر وأخرى، أي أنه لا يوجد خيارات لدى المدخن على الإطلاق، إما أن يقلع أو أن يخفف كثيراً من تناوله للسجائر.
ويمكن النظر للمشكلة من زاوية الدخل الذي يتقاضاه اللاجئ في أوروبا، إذ أنه في فرنسا يبلغ نحو 480 يورو للفرد لوحده، وهو مبلغ مطلوب أن يدفع منه ثمناً للسكن والكهرباء والمياه والغاز، بما يصل إلى أكثر من 250 يورو شهرياً، وباقي المبلغ، مطلوب منه أن يكفي للطعام والشراب والدخان كذلك، فكيف لو أن صاحب هذا الدخل، يدخن يومياً علبة سجائر أو أكثر..؟
ونفس الشي في ألمانيا، البلد المستقبل الأكبر للاجئين السوريين، إذ أن ثمن العلبة يتراوح بين 5.30 يورو إلى 6 يورو، بينما دخل اللاجئ الشهري فيما لو كان لوحده بلا أسرة، أقل من 400 يورو.
أما في حال كان المدخن مع أسرة، أو أن الأسرة فيها أكثر من مدخن، فهذا يعني مشكلة كبيرة وخطيرة، حيث أن الأسرة في هذه الحالة، لن تستطيع تغطية احتياجاتها الأساسية البسيطة، وسوف يذهب أكثر من نصف الدخل إلى السجائر.
لكن لا بد أن يتساءل المرء بعد كل هذه البيانات والمعلومات: إذاً من أين وكيف يدخن اللاجئون السوريون في أوروبا..؟!
اللف على اليد
لف السجائر على اليد، هو أحد الأساليب الشائعة في أوروبا.. والكثير من السوريين استهجنوا كثيراً هذه الطريقة في تناول السجائر، في بداية وصولهم لأوروبا، لاعتقادهم أن ذلك كان من تراث الأجداد، الذي نسوه تماماً، لكنه هنا، يبدو حاضراً وبقوة، ويمارسه الأوروبيون بكثرة، بما فيهن الجميلات.. فالشعوب الأوروبية مدخنة، وبنفس الوقت يعانون من ارتفاع ثمن علبة السجائر الجاهزة، لذلك لجأت شركات تصنيع الدخان، إلى طريقة بيع التبغ ضمن أكياس ورقية، بأوزان مختلفة، ويضطر من يود اختيار هذا النوع من الدخان، أن يشتري ورقاً للف وأكياس فلتر.
وهذا لا يعني أن ثمن هذه الأكياس منخفض، بل يصل مثلاً في فرنسا، لوزن 300 غرام إلى سعر 11 يورو، بينما في ألمانيا فيصل إلى أكثر من 7 يورو، ومثلها في هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ والسويد.
والمدخن الشره، قد يستهلك هذا الكيس كاملاً في يوم واحد، لكن بعض السوريين ممن يختارون هذه الطريقة في التدخين، يقولون أن عمليات اللف تؤخر تناول السجائر، ما يجعل الكيس يعيش معهم لمدة يومين أو ثلاثة أيام.. بمعنى أنه في جميع الخيارات الموجودة في أوروبا، لن يقل مصروف السجائر اليومي عن 5 يورو، بما فيها استخدام السجائر الإلكترونية.
الدخان المهرّب
ينتشر في شوارع المدن الأوروبية، الكثير من الباعة الذي يعرضون سجائر مهرّبة، إما من الجزائر أو السنغال أو دول أوروبا الشرقية سابقاً، مثل اليونان وروسيا وبولونيا، حيث يتراوح ثمن العلبة الواحدة لماركة "المالبورو" مثلاً، بين 3 يورو إلى 5 يورو.
وتلقى هذه السجائر رواجاً كبيراً بين السوريين، وبعضهم يذهب بنفسه لشرائها من الدولة المجاورة للدولة التي يقيم فيها، فعلى سبيل المثال، تبعد برلين عن أول مدينة بولونية نحو 100 كيلو متر، والكثيرون يذهبون بشكل شهري لشراء حاجتهم من السجائر من هناك، حيث يبلغ ثمن الكروز نحو 30 يورو.
أما في فرنسا، فهناك الكثير من الخيارات، بالنسبة للذين يعيشون بالقرب من الحدود مع بعض الدول الأوروبية، وبالذات إسبانيا، حيث يبلغ ثمن العلبة نحو 4.30 يورو، في الوقت الذي يبلغ سعرها في فرنسا، 8 يورو.. بالإضافة إلى أن دولة الأندورا، التي تقع بين فرنسا وإسبانيا، والمختلف عليها بين الدولتين، تم اعتبارها منطقة تجارة حرة، إذ تباع فيها السجائر بثمن بخس، يتراوح بين 2 يورو إلى 3 يورو بالنسبة لأفضل الماركات، والكثير من السوريين الذين يعيشون في الجنوب الفرنسي، بالقرب من الحدود الإسبانية، يذهبون شهرياً لشراء مؤونتهم من السجائر، من هناك.
لا يملكون خيارات
وقسم كبير من السوريين، يعيشون في مناطق من أوروبا، ليس لديهم فيها خيارات سوى البضاعة المحلية المرتفعة الثمن، وهؤلاء يعتقدون أنهم يعيشون معركة حقيقية، في سبيل إيجاد طريقة تجعلهم يوفرون في ثمن السجائر.
والكثير منهم يتحدث عن أنه استطاع كثيراً التخفيف من تناول السجائر، والبعض منهم أقلع عنها تماماً، بسبب عدم القدرة على توفير ثمنها بشكل يومي.
لكن حتى الآن لا يوجد أرقام مهمة عن أعداد من تركوا الدخان بسبب ارتفاع ثمنه، بل البعض يتحدث عن أن تدخينه تضاعف في أوروبا نتيجة الغربة، وفقدان الوسط الاجتماعي الذي يساعد على اتخاذ قرارات على هذا المستوى من الأهمية والخطورة في حياة الشخص المدخن.
ويبقى الجدل أخيراً حول النقطة التالية: في أوروبا أكثر من 100 ألف سوري يدخنون، ويدفعون يومياً أكثر من نصف مليون يورو ثمناً لسجائرهم.. إنه رقم يستحق التفكير به كثيراً، لمن يحبون ممارسة لعبة المقارنات.
أي أن اللاجئ السوري في أوروبا قد يدخن سجائر في خمسة أيام، ما يعادل راتب موظف في الحكومة لمدة شهر كامل.
غير أن السوريين المدخنين في أوروبا، لا يرغبون أن يتم مناقشة القضية وفقاً لهذه القياسات، والتي يرونها غير منطقية، وغير عادلة.
ومن وجهة نظر "م ، م"، المقيم في فرنسا منذ أربعة سنوات، أنه صحيح أن السجائر في أوروبا غالية، حيث يصل ثمن العلبة الواحدة إلى 8 يورو، لكن يجب أن لا ننسى، أن مستوى الدخل في سوريا متدنٍ للغاية، ولا يمكن مقارنته حتى بمستوى الدخل في الصومال.
وهو من جهة ثانية يعتقد "م ، م"، بأن السجائر مسألة شخصية، لا يجوز أن تتحول إلى مسألة سياسية أو اجتماعية أو إنسانية، وفق ما يتم تداوله أحياناً، حيث يقول، إن زوجته كثيراً ما تؤنبه على ثمن السجائر التي يدفعها، والتي قد تصل إلى أكثر من 10 يورو يومياً. لكنها بحسب قوله، لا تربط الموضوع بالمسألة الصحية، وإنما نقول له أن هذا المبلغ يكفي لإعالة أسرة كاملة في سوريا، وأنه يجب أن يقلع عن التدخين لهذا السبب. إلا أنه لو قرر تحويل هذا المبلغ إلى أحد ذويه في سوريا، فإن زوجته ستكون
مشكلة اسمها السجائر في أوروبا
لا يمكن أن يلتقي سوريان مدخنان في أوروبا، أو يتحدثان مع بعضهما البعض عبر الهاتف، إلا ويكون موضوع "كيف تحصل على السجائر؟"، أحد أبرز القضايا التي يناقشانها.
فكما هو معروف أن جميع الدول الأوروبية، تفرض ضرائب كبيرة على بيع السجائر، وتمول منها عمليات التأمين الصحي، كما أن سعر السجائر يزداد بشكل دوري، فعلى سبيل المثال، كان ثمن علبة السجائر في العام 2013، في فرنسا، 6 يورو، بينما حالياً يبلغ ثمنها 8 يورو، ولا يوجد هنا في أوروبا سوى فروقات طفيفة في الأسعار لا تكاد تذكر بين نوعية سجائر وأخرى، أي أنه لا يوجد خيارات لدى المدخن على الإطلاق، إما أن يقلع أو أن يخفف كثيراً من تناوله للسجائر.
ويمكن النظر للمشكلة من زاوية الدخل الذي يتقاضاه اللاجئ في أوروبا، إذ أنه في فرنسا يبلغ نحو 480 يورو للفرد لوحده، وهو مبلغ مطلوب أن يدفع منه ثمناً للسكن والكهرباء والمياه والغاز، بما يصل إلى أكثر من 250 يورو شهرياً، وباقي المبلغ، مطلوب منه أن يكفي للطعام والشراب والدخان كذلك، فكيف لو أن صاحب هذا الدخل، يدخن يومياً علبة سجائر أو أكثر..؟
ونفس الشي في ألمانيا، البلد المستقبل الأكبر للاجئين السوريين، إذ أن ثمن العلبة يتراوح بين 5.30 يورو إلى 6 يورو، بينما دخل اللاجئ الشهري فيما لو كان لوحده بلا أسرة، أقل من 400 يورو.
أما في حال كان المدخن مع أسرة، أو أن الأسرة فيها أكثر من مدخن، فهذا يعني مشكلة كبيرة وخطيرة، حيث أن الأسرة في هذه الحالة، لن تستطيع تغطية احتياجاتها الأساسية البسيطة، وسوف يذهب أكثر من نصف الدخل إلى السجائر.
لكن لا بد أن يتساءل المرء بعد كل هذه البيانات والمعلومات: إذاً من أين وكيف يدخن اللاجئون السوريون في أوروبا..؟!
اللف على اليد
لف السجائر على اليد، هو أحد الأساليب الشائعة في أوروبا.. والكثير من السوريين استهجنوا كثيراً هذه الطريقة في تناول السجائر، في بداية وصولهم لأوروبا، لاعتقادهم أن ذلك كان من تراث الأجداد، الذي نسوه تماماً، لكنه هنا، يبدو حاضراً وبقوة، ويمارسه الأوروبيون بكثرة، بما فيهن الجميلات.. فالشعوب الأوروبية مدخنة، وبنفس الوقت يعانون من ارتفاع ثمن علبة السجائر الجاهزة، لذلك لجأت شركات تصنيع الدخان، إلى طريقة بيع التبغ ضمن أكياس ورقية، بأوزان مختلفة، ويضطر من يود اختيار هذا النوع من الدخان، أن يشتري ورقاً للف وأكياس فلتر.
وهذا لا يعني أن ثمن هذه الأكياس منخفض، بل يصل مثلاً في فرنسا، لوزن 300 غرام إلى سعر 11 يورو، بينما في ألمانيا فيصل إلى أكثر من 7 يورو، ومثلها في هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ والسويد.
والمدخن الشره، قد يستهلك هذا الكيس كاملاً في يوم واحد، لكن بعض السوريين ممن يختارون هذه الطريقة في التدخين، يقولون أن عمليات اللف تؤخر تناول السجائر، ما يجعل الكيس يعيش معهم لمدة يومين أو ثلاثة أيام.. بمعنى أنه في جميع الخيارات الموجودة في أوروبا، لن يقل مصروف السجائر اليومي عن 5 يورو، بما فيها استخدام السجائر الإلكترونية.
الدخان المهرّب
ينتشر في شوارع المدن الأوروبية، الكثير من الباعة الذي يعرضون سجائر مهرّبة، إما من الجزائر أو السنغال أو دول أوروبا الشرقية سابقاً، مثل اليونان وروسيا وبولونيا، حيث يتراوح ثمن العلبة الواحدة لماركة "المالبورو" مثلاً، بين 3 يورو إلى 5 يورو.
وتلقى هذه السجائر رواجاً كبيراً بين السوريين، وبعضهم يذهب بنفسه لشرائها من الدولة المجاورة للدولة التي يقيم فيها، فعلى سبيل المثال، تبعد برلين عن أول مدينة بولونية نحو 100 كيلو متر، والكثيرون يذهبون بشكل شهري لشراء حاجتهم من السجائر من هناك، حيث يبلغ ثمن الكروز نحو 30 يورو.
أما في فرنسا، فهناك الكثير من الخيارات، بالنسبة للذين يعيشون بالقرب من الحدود مع بعض الدول الأوروبية، وبالذات إسبانيا، حيث يبلغ ثمن العلبة نحو 4.30 يورو، في الوقت الذي يبلغ سعرها في فرنسا، 8 يورو.. بالإضافة إلى أن دولة الأندورا، التي تقع بين فرنسا وإسبانيا، والمختلف عليها بين الدولتين، تم اعتبارها منطقة تجارة حرة، إذ تباع فيها السجائر بثمن بخس، يتراوح بين 2 يورو إلى 3 يورو بالنسبة لأفضل الماركات، والكثير من السوريين الذين يعيشون في الجنوب الفرنسي، بالقرب من الحدود الإسبانية، يذهبون شهرياً لشراء مؤونتهم من السجائر، من هناك.
لا يملكون خيارات
وقسم كبير من السوريين، يعيشون في مناطق من أوروبا، ليس لديهم فيها خيارات سوى البضاعة المحلية المرتفعة الثمن، وهؤلاء يعتقدون أنهم يعيشون معركة حقيقية، في سبيل إيجاد طريقة تجعلهم يوفرون في ثمن السجائر.
والكثير منهم يتحدث عن أنه استطاع كثيراً التخفيف من تناول السجائر، والبعض منهم أقلع عنها تماماً، بسبب عدم القدرة على توفير ثمنها بشكل يومي.
لكن حتى الآن لا يوجد أرقام مهمة عن أعداد من تركوا الدخان بسبب ارتفاع ثمنه، بل البعض يتحدث عن أن تدخينه تضاعف في أوروبا نتيجة الغربة، وفقدان الوسط الاجتماعي الذي يساعد على اتخاذ قرارات على هذا المستوى من الأهمية والخطورة في حياة الشخص المدخن.
ويبقى الجدل أخيراً حول النقطة التالية: في أوروبا أكثر من 100 ألف سوري يدخنون، ويدفعون يومياً أكثر من نصف مليون يورو ثمناً لسجائرهم.. إنه رقم يستحق التفكير به كثيراً، لمن يحبون ممارسة لعبة المقارنات.
التعليق