الرسوم والغرامات تثقل كاهل العائدين عنوةً إلى سيطرة النظام في درعا


بدأ موظفو محافظة درعا، الحاصلون على بطاقات "تسوية" من سلطات النظام بضمانات روسية مؤخراً، تسيير معاملات عودتهم إلى وظائفهم، التي كانوا قد فصلوا منها بالتزامن مع انطلاق الثورة السورية.

وأشار مصدر من محافظة درعا، إلى أن دوائر النظام ومؤسساته الرسمية، تشهد منذ بداية الشهر الحالي ازدحاماً كبيراً، من قبل الراغبين بالعودة إلى وظائفهم، الذين كانوا قد تركوها بسبب الملاحقات الأمنية التي طالت أيضاً معظم أهالي المحافظة.

وقال المصدر إن بطاقات التسوية، التي تم الحصول عليها مؤخراً، أتاحت للمواطنين التنقل بين المناطق المحررة سابقاً، وبين مناطق النظام، كما وسمح بموجبها مراجعة الدوائر الرسمية لغير المطلوبين بجرائم كبيرة، لكنه أكد أن بعض المطلوبين للجهات الأمنية، يتم إلقاء القبض عليهم واعتقالهم، حتى وإن كانوا حاصلين على هذه البطاقات والأمثلة على ذلك كثيرة.

من جهته، لفت "أبو عزام"، 41 عاماً، وهو أحد المراجعين لتلك الدوائر، إلى أن مئات الطلبات تقدم يومياً من المواطنين إلى مديريات التربية والزراعة وشركة الكهرباء والمصالح العقارية والسجل المدني والنقل، وغيرها.. تتعلق بالحصول على أوراق رسمية، بهدف العودة إلى العمل أو الحصول على بدل تالف أو ضائع، أو ترسيم مركبات، وهو ما بدأ يرفد خزينة النظام بملايين الليرات السورية يومياً.

وأضاف أبو عزام أن الموظفين الراغبين بالعودة إلى وظائفهم، يدفعون مبالغ كبيرة، كغرامات ورسوم مالية متراكمة، لقاء حصولهم على الأوراق الضرورية.

وأوضح أن من شروط العودة إلى العمل، التي وضعتها مؤسسات النظام، الحصول على براءة ذمة مالية من المصارف، وتسديد رسوم وفواتير الكهرباء والهاتف والمياه، المترتبة عن جميع سنوات الانقطاع عن العمل، رغم معرفة الجميع أن هذه الخدمات كانت معطلة منذ بداية الثورة.

ويقول "أبو سهيل"، 55 عاماً، وهو موظف سابق كان ترك عمله منذ بداية الثورة، إنه الآن بين خيارين أحلاهما مر، إما ترك الوظيفة و27 سنة من القدم الوظيفي، وإما أن يدفع مبالغ مستحقة لا يستطيع تأمينها.

وقال إن من بين هذه المبالغ قرض عقاري بنحو 250 ألف ليرة سورية، توقف عن دفع أقساطه منذ العام 2012، ولا يدري كم أصبح هذا المبلغ، بعد أن تراكم عليه من فوائد على مدار السنوات الماضية.

وأردف "أعلم أنها مبالغ مستحقة سأدفعها آجلاً أم عاجلاً، لكن من أين أستطيع أن آتي بهذه المبالغ في هذه الظروف؟".

وأضاف أن "الأنكى من كل ذلك" أن بيته الذي حصل على القرض من أجل بنائه، دُمّر خلال المعارك في منطقته، وأصبح أثراً بعد عين، موضحاً أنه الآن يعيش فقيراً نازحاً مشرداً، ولا يملك من مقومات الحياة، أو شروط العودة إلى عمله السابق، أي شيء.

وقال: "حاولت أن أستدين المبلغ من الأقارب والأصدقاء، لكن الكل يعاني من ظروف اقتصادية ومادية سيئة، فالكل منكوب، والناس خلال سبع سنوات من الحرب، فقدوا كل أرزاقهم ومدخراتهم، وحتى أثاث بيوتهم، ولم يتبق من مقومات الحياة الكريمة أي شيء".

فيما قال عياض السالم، 47 عاماً، وهو مالك سيارة أراد ترسيمها في درعا، "كل شيء يحتاج إلى دفع، بدءاً من الحاجز الذي تمر عليه وصولاً إلى أصغر مستخدم في الدوائر التي تمر بها لإنجاز معاملتك"، وكأن الثورة لم تغير شيئاً في نفوس البشر، حسب وصفه.

ولفت إلى أن الرسوم السنوية التي تدفع على المركبات الخاصة والعامة، تتراوح ما بين 15 و50 ألف ليرة سورية، هذا عدا عن المبالغ والرسوم الأخرى التي تدفع على تجديد وتمديد صلاحيات شهادات سوق المركبات الخاصة والعامة، مبيناً أن الحصول على أية وثيقة مهما كانت، يتطلب من صاحب العلاقة دفع مخالفة مالية تتراوح ما بين 2000 ليرة سورية لتصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 10 آلاف ليرة.

يشار إلى أن سكان محافظة درعا، الذين كانوا في مناطق سيطرة المعارضة والذين تبلغ نسبتهم أكثر من 75 بالمئة من سكان محافظة درعا، عاشوا خارج سيطرة مؤسسات النظام منذ سبع سنوات، وعودتهم إلى سلطة النظام، بعد أن سيطرت قوات الأخير على جميع مناطق المحافظة، ترتب عليهم، الحصول على أوراق رسمية، تتعلق بتسجيل وقائع الولادات، وحالات الزواج، والطلاق، والحصول على دفاتر الخدمة العسكرية بالنسبة للشباب، إضافة إلى تجديد رخص القيادة، وترسيم وسائل النقل وغيرها، ما يتطلب دفع مبالغ كبيرة، وهو ما بات يقلق أهالي المحافظة، الذين يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة جداً.

ترك تعليق

التعليق