إدلب.. معظم المقاتلين المنضمين لفصائل المعارضة، تحت خط الفقر


"لم أستطع الاحتفاظ بالراتب لأكثر من 5 أيام"، يقول "أبو كرم" الذي يقاتل منذ مدة في صفوف "فيلق الشام"، أحد أكبر الفصائل العاملة في إدلب. وبينما يقدم لنا الشاي في بيته المتواضع المكون من غرفتين صغيرتين وفرش بسيط جداً، لا يتعدى بضعة طراريح ووسائد حصل عليها من إحدى المنظمات الإغاثية، يشتكي "أبو كرم"، الذي هُجّر من ريف دمشق مع مقاتلي المعارضة نهايات العام 2016، ثم انضم إلى صفوف الفيلق. يقول "إنهم يدفعون لنا بالقطارة، الراتب الذي أحصل عليه لا يكفي لدفع إيجار البيت".

"أبو كرم" هو نموذج لآلاف المقاتلين الذي يتبعون لفصائل المعارضة في محافظة إدلب والذين يعيشون تحت خط الفقر بسبب ضعف الدخل الشهري المقدم من الفصائل وذلك عقب تقلص الأموال التي تقدمها الدول الداعمة (تركيا هي الداعم الأكبر حالياً) يضاف إلى ذلك اعتماد الليرة التركية عوضاً عن الدولار في تسليم رواتب مقاتلي الفصائل الممولة من قبل الحكومة التركية.

منذ قدومه إلى محافظة إدلب من إحدى مدن الريف الدمشقي، انضم "سليم" لحركة "أحرار الشام". يقول سليم إن المال الذي تقدمه الحركة لا يكفي اليوم لشراء الخبز ودفع إيجار المنزل لا سيما بعد خسارة الحركة أهم مواردها المالية عقب سيطرة "هيئة تحرير الشام" على معبر باب الهوى (شمال) وافتتاح معبر مورك (جنوب) ليبقى معبر قلعة المضيق تحت إدارة الحركة لكن دون جدوى اقتصادية كبيرة كنتيجة طبيعية لوجود معبر مورك في نفس المنطقة.

تدفع الحركة مبلغ 50 دولار للمقاتل العازب في حين يحصل المتزوج على 100 دولار. وذلك كل شهرين تقريباً. ولا يعتبر المبلغ ثابتاً، لكن المتزوج يحصل على ضعف راتب العازب في العادة.

المقاتل التابع لـ "فيلق الشام" يحصل على مبلغ 200 ليرة تركية كل شهر، بينما يحصل العازب على مبلغ أقل. (الدولار حوالي 6 ليرات تركية).

وفي جميع الأحوال لا يمكن لأي مقاتل شراء الاحتياجات الضرورية بهذه المبالغ نظراً لارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات وإيجارات المنازل في المحافظة.

ومع أن "هيئة تحرير الشام" تدير معبرين في إدلب إلا أنها لا تخضع لنظام رواتب محدد. يقول "أبو عمر"، وهو مقاتل في صفوف الهيئة، "تعتمد تحرير الشام على طريقة المنح وهي مبالغ تقدم كل فترة للمقاتلين دون أي التزام براتب شهري لكن الهيئة ملزمة بتقديم كل ما يلزم المقاتلين المتواجدين في مقراتها من غذاء ومحروقات، بينما تدفع إيجارات المنازل لمقاتليها القاطنين في بيوت مؤجرة".

تبلغ المنحة التي تدفعها الهيئة في العادة قرابة 100 دولار وقد تزيد أو تنقص.

ونتيجة لظروفهم السيئة يلجأ معظم المقاتلين للبحث عن فرص عمل جديدة. "أبو كرم"، يعمل في مجال البناء، "الراتب قليل وأسعى للحصول على مورد مالي يكفيني لدفع إيجار المنزل والإنترنت وشراء الخبز والخضار"، يردد "أبو كرم".

بالنسبة لـ "سليم" الذي لا يزال يبحث عن فرصة عمل، فيقول "أتمنى أن ترتفع رواتب المقاتلين على غرار رواتب المنظمات والصحفيين وغيرهم. نحن بحاجة للمال كي نتمكن من تأمين احتياجاتنا الأساسية".

خلال العام الحالي افتتح "أبو عمر" بسطة صغيرة لبيع المحروقات على أمل تحسين ظروفه المعيشية. يقول "أبو عمر": "العمل الإضافي مهم جداً لكل مقاتل وإلا فسوف يعاني في ظل الظروف المعيشية الصعبة جداً في إدلب".

ترك تعليق

التعليق