زواج السوريين في ألمانيا.. المتطلبات والمصاعب، والإجراءات القانونية


استكمالاً لما بدأ به موقع "اقتصاد" قبل مدة، تحت عنوان "الشباب السوري يشتكي من صعوبة الحصول على زوجة في أوروبا"، نحاول في هذا التقرير الإضاءة بشكل أوسع على ملف زواج السوريين في ألمانيا، والتي تستقبل العدد الأكبر من اللاجئين السوريين في أوروبا.

البحث عن شريك الحياة

يعد البحث عن شريك الحياة في ألمانيا أبرز الصعوبات التي يعاني منها كل من الشباب والفتيات، على حد سواء. وقد يصل أحياناً إلى حد "المستحيل"، على حد وصف، الدكتور محمد سيجري، الذي يدير إحدى صفحات التواصل الإجتماعي التي تساعد السوريين في البحث عن شريك الزواج المناسب.

حيث يرى سيجري أن "فيسبوك" أصبح اليوم بديلاً عن الطرق التقليدية في البحث عن شريك الزواج، والتي كانت تعتمد على الأهل والأقارب وضمن وسط اجتماعي ضيق، قد لا يتعدى حدود المدينة أو المحافظة. بينما اليوم، الأمر مختلف، فأغلب الشباب يعيشون لوحدهم في مدن وقرى مختلفة، إضافة إلى وجود خلل ديموغرافي يظهر في زيادة عدد الشباب عن عدد الفتيات المقبلات على الزواج.

وبالعودة لدور ومدى جدية وسائل التواصل الإجتماعي في إيجاد شريك الزواج المناسب، قال سيجري: "بالرغم من نجاح بعض الحالات، إلا أن تلك الطرق رغم اتساعها لا تكفي لتعزيز الثقة بين الطرفين وخصوصاً لدى الأهالي الذين يفضلون التعرف أكثر على الشخص وعائلته عن قرب وأن يساهموا بشكل مباشر في وضع أساسات الزواج لأبنائهم بما يضمن ديمومته".

التأخر في الزواج أو تأجيله لفترة لاحقة

ويرجع ذلك، حسب سيجري، إلى الوقت الذي يتطلبه الشباب للاستقرار وتعلم اللغة الألمانية لدخول سوق العمل، وتأمين متطلبات الزواج المادية والسكن الملائم لبناء حياة أسرية، أو تأجيل الزواج من قبل الكثير من الفتيات لحين الانتهاء من تحصيل مستوى أعلى في اللغة أو الانتهاء من الدراسة الجامعية، أو تأجيل مشروع الزواج حتى إيجاد الشريك المناسب الذي يلبي طموح الفتاة وأحلامها في ظل تحررها من قيود الأهل في اتخاذ القرار، فهي تعرف أنها صاحبة القرار النهائي في الارتباط أو عدمه في مجتمع تسوده الحرية.
 
متطلبات  الزواج وأعباءه المادية

يعزو بعض الشباب السوري صعوبة الزواج في ألمانيا إلى متطلبات أهالي الفتيات والتي يصفونها بأنها تعجيزية.

ويمكن أن نقرأ في بعض الصفحات على "فيسبوك"، قصصاً عن مهور وصلت إلى 5 آلاف يوور مقدم، و 10 آلاف يورو مؤخر.

لكن تلك الروايات، بحسب ناشط سوري مقيم في ألمانيا، طلب عدم ذكر اسمه، هي نوع من التهكم وهروب من الواقع والمسؤولية.

وأضاف الناشط أن طلب الأهل لمهر مرتفع هو حق لهم لضمان مستقبل ابنتهم في بلاد غريبة مع شخص لا يعرفون عنه الكثير.

 وأضاف أن أعباء الزواج هي واجبة على كل شاب إن كان في سوريا أو في ألمانيا وهي ليست بالمستحيلة على الشاب الذي يعيش لوحده بدخل ثابت يصل إلى 1200 يورو كراتب صافي كحد أدنى بعد اقتطاع الضرائب، حيث يستطيع الشاب خلال فترة الخطبة التي قد تمتد لأشهر توفير مبلغ مالي يصل لما يقارب 600 يورو شهرياً، يستطيع من خلالها تأمين مسكن بديل للزواج وبداية حياة زوجية.

الزواج من سوريات خارج ألمانيا

صعوبة إيجاد شريك مناسب للزواج داخل ألمانيا أو الرغبة في الزواج من فتاة سورية بعينها خارج ألمانيا، دفع بعض الشباب إلى استقدام زوجات من سوريا أو من بلدان أخرى. وبهذا الصدد يعتقد سيجري أن هناك توجه موجود لدى بعض الشباب لاستقدام زوجة سورية لهم من سوريا أو تركيا أو الأردن أو لبنان، إلى ألمانيا، على الرغم من التكاليف المالية الباهظة لذلك، في ظل صعوبة أو استحالة لم الشمل وخصوصاً أن تاريخ الزواج لاحق لتاريخ اللجوء.
 
الزواج من ألمانيات أو جنسيات عربية

بالرغم من تداول الحديث مؤخراً عن انتشار حالات زواج لشباب سوريين من فتيات ألمانيات، إلا أن ذلك لا يعد ظاهرة أو بهذا الانتشار الملحوظ، ومازال يندرج تحت وصف "حالات فردية"، ويعتبره البعض زواج مصلحة، الغاية منه متبادلة، حيث يبتغي الشاب السوري منه، الإقامة الدائمة أو الحصول على الجنسية. لكن ذلك لا ينفي وجود زيجات ناجحة بين شباب سوريين وفتيات ألمانيات بنيت على الحب والتفاهم رغم اختلاف الدين والعادات والتقاليد.

في المقابل توجه البعض إلى الزواج من فتيات يحملن جنسيات عربية وخصوصاً من الجنسية المغربية حيث تعد الجالية العربية الأكبر في ألمانيا.

قانون مختلف وعقبات وإجراءات طويلة

هناك نوعان من الزواج في ألمانيا، زواج ديني يعقد في المساجد والجمعيات والمراكز الإسلامية، إلا أن هذا النوع من الزواج غير معترف به وليس له أي أثر قانوني إلا بتسجيله كزواج مدني في دائرة الأحوال المدنية (Standsamt) بعد استكمال الشروط والأوراق المطلوبة، وهي، أن يكون عمر الشاب أو الفتاة 18 عاماً وما فوق، وفي بعض الولايات 21 وما فوق، ووجود جواز سفر أو وثيقة سفر لاجئ، وإخراج قيد مدني من البلد الأم مصدق ومترجم لإثبات أن الشخص عازب، وورقة إثبات من البلدية Meldebescheinigung تثبت أن الشخص لم يتزوج خلال فترة إقامته في ألمانيا.

وبعدها يتم دراسة الأوراق من قبل دائرة أحوال المدنية للتأكد من صحة الثبوتيات المقدمة وتسجيل الزواج ومنح عقد زواج للعروسين.

إلا أن إتمام تلك الإجراءات يعترضه أحياناً بعض العقبات ومنها صعوبة الحصول على وثائق سورية مثل إخراج قيد أو عدم وجود جواز سفر سوري أو وثيقة سفر للاجئين، أو أن طالب الزواج سبق له وصرح أنه متزوج، وأنهى علاقته الزوجية بعد لجوءه وقبل وصول زوجته من سوريا، لكنه لم يتمكن من إتمام إجراءات الطلاق في سوريا والحصول على بيان طلاق.

ولحل تلك المعضلة يسافر طالبو الزواج إلى الدنمارك التي لا يتطلب عقد زواج الأجانب فيها سوى تذكرة الإقامة ويتم خلال ساعات، ومن ثم تثبيت زواجهم في دوائر الأحوال المدنية في ألمانيا.

ترك تعليق

التعليق