من قيادة القطار إلى الطيارة.. سيرة نجاح مغترب سوري في فرنسا


في أحد مهابط الطيران المنتشرة بكثرة في أنحاء وضواحي مدينة "شل"، شمال فرنسا، بدا الكابتن السوري، عبد الكريم الصالح، منهمكاً بتفحص أجزاء طائرته الخاصة وتفقد جاهزيتها استعداداً لرحلة جوية اعتاد على القيام بها بشكل شبه يومي، بعد فراغه من عمله كسائق قطار RER في باريس، بهدف الترفيه أحياناً، ولأغراض خدمية أحياناً أخرى.
 
وكان الصالح ابن مدينة حمص، قد وصل إلى فرنسا أوائل الثمانينات للدراسة الجامعية، وبعد أن أنهى دراسته في مجال الطيران عاد أواخر الثمانينات إلى سوريا، ليرجع ثانية إلى باريس عام 1991، وهناك كما يقول لـ"اقتصاد" دخل مدرسة Aeroclub de la région de Chelles للطيران المدني ونال شهادة طيار خاص PPL وتمكن عام 2001 من شراء أول طائرة خاصة من نوع MS880 فرنسية الصنع تطير 200km:h وتتسع لأربعة أشخاص بدأ باستخدامها كتكسي جوي للتنقل.
 
ولفت الصالح مواليد 1963 إلى أنه نفذ 1200 ساعة طيران منذ بداية اهتمامه بقيادة الطائرة، وشارك في رالي طيران المغرب حيث ذهب بطائرته ضمن 40 طائرة من كل الدول الأوروبية إلى اسبانيا وتجمعوا في مدينة البيرياس الاسبانية، وقطعوا المتوسط وصولاً إلى مدينة فاس المغربية، ومن ثم مراكش، عبر ورزازات وأغادير. وكان هدف الرحلة التعرف على معالم المغرب. كما شارك في مهرجان أُقيم للطائرات القديمة من أيام الحرب العالمية الأولى والثانية في فرنسا.
 

وروى الكابتن السوري وهو عضو في نادي ACTA في Chelles. أنه حاول التحليق فوق جبال الأطلس التي يبلغ ارتفاعها 10 آلاف قدم وكان عليه أن يرتفع لمسافة 11 ألف قدم فكانت هناك صعوبة في تحقيق هذا الارتفاع مما اضطره للدخول إلى الجزائر والعودة الى جبال الأطلس ومن ثم النزول إلى ورزازات لتستغرق الرحلة التي قطع فيها مسافة 1500 ميلاً ساعتي طيران بدل عشر دقائق، مستعيناً فيها بخريطة الطريق وجهاز GPS صغير محمول.

وإلى جانب تجربته في قيادة الطائرة الخاصة برع الصالح في نوع جديد من الطيران الشراعي يُطلق عليه اسم براموتور paramotor وهي نوع من الطائرات ذات الوزن الخفيف إذ لا يتجاوز وزنها 450 كلغ وهي عبارة عن مظلة مربوطة إلى محرك. المظلة هي عبارة عن قطعتي قماش خاص واحدة فوق الأخرى وبينهما قطع قماش أخرى تربط بينهما ونجد أن هذه القطع بها ثقوب كبيرة لتسمح بمرور الهواء. ففي البداية تكون المظلة عبارة عن قطعة من القماش موضوعة في الأرض أو مطوية في حقيبة, ويقوم الطيار بفتحها مقابلاً للرياح، كما تترك في الأمام فتحة على طول المظلة تسمح بدخول الهواء.


 ولفت محدثنا إلى أنه شارك بهذه الرياضة في التجمع العالمي للطيران الشراعي الذي أقيم في Basse ham شرق فرنسا- منطقة اللورين بمشاركة أكثر من ثلاثين دولة ووصل عدد المشاركين إلى قرابة 700 طيار وبعروض عالمية امتدت لثلاثة أيام. وكذلك شارك في الملتقى العالمي للطيران الشراعي "الباراموتور" الذي أقيمت فعالياته في مدينة تدمر منذ سنوات بمشاركة حوالي /100/ طيار من/23/ دولة عربية وأجنبية.


وأشار الكابتن السوري إلى أن هناك إقبالاً كبيراً من الفرنسيين والعرب على استخدام الطائرات الخاصة والشراعية بسهولة ويسر ودون تقييد أو تعقيدات كما هو في البلدان العربية.
 
وحاول-كما يقول- إدخال هواية الطيران الخاص إلى سوريا، ولكن الحرب حالت دون ذلك، معرباً عن اعتقاده بأن الإنسان العربي يفتقر للاهتمام بالهوايات، بينما لديه أصدقاء في الثمانين من أعمارهم يقودون طائرات خاصة وشراعية.



ترك تعليق

التعليق