بين "الدولة" و"قسد".. هل شعر أهالي الرقة، بأي فرق؟


تعتبر مدينة الرقة السورية أولى المدن السورية المحررة من قوات النظام، حيث أعلن الجيش الحر نجاح عملية تحرير مدينة الرقة بشكل شبه كامل في الرابع من آذار/مارس عام 2013. إلا أن تحرير المدينة لم يتوقف عند تحريرها من قبضة النظام على يد الثوار بل تلاه تحرير أعلنه تنظيم "الدولة الإسلامية" في الرابع عشر من كانون الثاني / يناير عام 2014 بعد معارك اندلعت بين التنظيم وبين مقاتلي المعارضة مطلع الشهر ذاته وانتهت بسيطرة التنظيم الكاملة على المدينة، ليأتي التحرير الأخير الذي أعلنته "قوات سوريا الديمقرطية" المدعومة أمريكياً والتي تشكل وحدات "حماية الشعب" الكردية، عمودها الفقري، وذلك بعد معارك دامت حوالي 4 أشهر ضد تنظيم الدولة، انتهت باتفاق يقضي بانسحاب مقاتلي التنظيم وعائلاتهم باتجاه ريف دير الزور الشمالي.

عمليات التحرير المتكررة كان لها أثر واضح على حياة المدنيين في الرقة، فالمعركة الأخيرة التي اندلعت بين تنظيم "الدولة" و"سوريا الديمقراطية"، تسببت بدمار كبير في المدينة نتيجة قصف التحالف المكثف لها.

بين الزكاة والجمرك.. هذه هي الأسعار

فرض تنظيم "الدولة" خلال سيطرته على المدينة، ضريبة على التجار الذين يقومون بإدخال المواد الغذائية والتموينية وحتى المحروقات تحت مسمى "ضريبة الزكاة"، في حين تفرض "سوريا الديمقراطية"، الضريبة اليوم، تحت مسمى "الجمرك"، حسب ما أفاد "محمد"، أحد المدنيين الذين يعيشون في المدينة اليوم، والذين عايشوا فترة سيطرة التنظيم سابقاً.

وفي تصريح خاص لـ "اقتصاد"، أكد "محمد" أن أسعار كل من الخبز ومادتي المازوت والبنزين، لم تختلف بين فترتي سيطرة التنظيم و"قسد"، حيث يبلغ سعر كيلو الخبز اليوم 185 ليرة سورية في حين يبلغ سعر ليتر المازوت 100 ليرة سورية وسعر ليتر البنزين المكرر والذي تعتبر جودته متوسطة 200 ليرة سورية.

أما الفرق في سعر جرة الغاز فكان واضحاً بين فترة سيطرة الطرفين، حيث وصل سعرها في فترة سيطرة التنظيم إلى 20 ألف ليرة سورية، في حين يبلغ سعرها اليوم 4500 ليرة سورية فقط، في البيع الحر، في حين تباع بسعر 2800 ليرة سورية لدى مراكز التوزيع الخاصة بـ "قسد".

وقال "محمد" إن إنتاج "سوريا الديمقراطية" للغاز هو ما تسبب بانخفاض سعر الجرة في المدينة.

أما على الصعيد العقاري فقد بلغ سعر إيجار الشقة في المدينة خلال فترة سيطرة تنظيم "الدولة" حوالي 10 آلاف ليرة سورية، كحد أقصى، نظراً للتواجد القليل للمدنيين في المدينة، بسبب القصف. في حين وصل إيجار المنزل العادي في الريف أيامها إلى 25 ألف ليرة سورية، نظراً لانخفاض وتيرة القصف في الريف، ما جعله ملاذاً آمناً للمدنيين.
 
أما اليوم، ونظراً لعودة المدنيين إلى المدينة بشكل كبير، فقد وصل سعر إيجار الشقة العادية إلى 25 ألف ليرة سورية ويرتفع الإيجار بحسب موقع الشقة ومساحتها.

أما أسعار المواصلات لم تتغير حسب ما أكمل "محمد"، حيث قال إن أجرة التاكسي ضمن المدينة كانت لا تقل عن 300 ليرة سورية كمسافة قصيرة وتصل إلى 500 ليرة سورية في حال طالت المسافة، أما في حال كان الطلب إلى خارج المدينة، فإن الأجرة لا تقل عن 2000 ليرة سورية.

التنظيم وفّر الأمن.. و"قسد" فرطت به

خلال التقرير استطعنا التواصل مع العديد من المدنيين المقيمين داخل المدينة اليوم، والذين اتفقوا جميعاً على رأي واحد، أنه رغم جميع مساوئ تنظيم "الدولة"، إلا أنه وفّر الأمن والأمان للمدنيين هناك، حيث انخفضت نسبة الجريمة في المدينة من قتل أو سرقة، إلى معدلات متدنية للغاية، نظراً للإجراءات المشددة التي فرضها التنظيم والعقوبات التي اتخذها بحق المجرمين.

أما اليوم فلا سلطة ولا قانون يدير المدينة تحت مسمى "الحرية والديمقراطية"، حيث كثرت جرائم القتل السرقة والنهب وحتى التشليح في الفترة الحالية.

"محمد" بدوره أعطى مثالاً لـ "اقتصاد" عن فقدان الأمان في المدينة، قائلاً: "قبل أيام كان يجلس رجل داخل أحد المقاهي في المدينة. عنصران من (قسد) كانا يلعبان بالأسلحة ويطاردان بعضهما، لتخرج رصاصة من بندقية أحدهما وتستقر في رأس الرجل وتقتله، وتمر الحادثة دون أي حساب".

"حذيفة" أحد المدنيين أيضاً، أكد بدوره فرض "قسد" حظر تجوال في المدينة قبل فترة، بسبب الاشتباكات التي اندلعت بينها وبين مقاتلي لواء ثوار الرقة، أحد أبرز حلفائهم، خلال قتال التنظيم وإخراجه من المدينة.

"حذيفة" أشار أن حظر التجوال منع المدنيين من الخروج من منازلهم بعد الساعة الثامنة مساءاً، واستمر الحظر لأسبوع كامل.
 
مدينة السد.. بلا كهرباء

ورغم تمركز سد الفرات في مدينة الطبقة التابعة لمدينة الرقة، والذي يعتبر مصدراً مهماً في توليد الطاقة الكهربائية في سوريا، إلا أن مدينة الرقة تغرق اليوم في الظلام، إلا من بضعة أمبيرات تبيعها إدارة "قسد" للمدنيين بسعر يتراوح بين 800 و 850 ليرة سورية للأمبير الواحد لمدة أسبوع.

"حذيفة" قال إن سعر الأمبير أيام سيطرة تنظيم "الدولة" على المدينة كان لا يتجاوز 500 ليرة سورية إضافة إلى توفر الكهرباء بشكل كبير.

"محمد" أضاف أن سعر الأمبير كان يُدفع بعملة الدرهم التي أصدرها تنظيم "الدولة" واعتمدها في مناطقه، حيث كان يبلغ سعر صرف الدرهم الواحد 1300 ليرة سورية، أي أن سعر الأمبير الواحد يقل عن نصف درهم.

المياه أيضاً كانت تتوافر في المدينة فترة سيطرة التنظيم عليها، في حين يقتصر وصول المياه إلى بعض المناطق فقط، الآن، وتضطر بقية المناطق إلى تعبئة خزاناتها عن طريق الصهاريج المتجولة والتي تبيع الماء بسعر 150 ليرة سورية للبرميل الواحد.

الكهرباء بدأت بالانحسار عن المدينة نتيجة الأضرار الذي سببتها المعارك بين تنظيم "الدولة" و"سوريا الديمقراطية" قبيل السيطرة على المدينة.

وفي جانب آخر، تمنع "قوات سوريا الديمقراطية" المدنيين من بقية المناطق، عدا أهالي مدينة الرقة، من الدخول إليها دون وجود كفيل من داخل المدينة. ويبلغ التشديد ذروته على أبناء مدينة دير الزور وريفها. في حين يتوجب على أبناء الرقة ذاتهم الذاهبين إلى مدينة تل أبيض التي تعتبر ريفاً للمدينة، ترك هوياتهم الشخصية على الحاجز التابع لـ "سوريا الديمقراطية"، والمتواجد على مدخل تل أبيض، وذلك إلى حين الخروج.

يُذكر أن حملات التجنيد التي تطلقها "سوريا الديمقراطية" بين الحين والآخر، انحسرت عن المدينة، وباتت تقتصر على الريف. وتستهدف الحملات الشباب بين مواليد 1986 وحتى مواليد 2000.

ترك تعليق

التعليق