تجارة الدخان تعود إلى الحياة في حوض اليرموك


عادت إلى الحياة من جديد، تجارة السجائر بأنواعها، في مناطق سيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" السابقة، في ريف درعا الجنوبي الغربي، وذلك بعد غياب عن أسواق تلك المناطق استمر أكثر من ثلاث سنوات، جراء قيام "جيش خالد بن الوليد" المبايع لتنظيم الدولة، بمنعها من التداول بسبب مخالفتها  للتعليمات الدينية، وفق نصوصهم الشرعية.

وأشار مصدر مطلع، إلى أن جميع أنواع السجائر المحلية والأجنبية، باتت تشاهد في المحال التجارية، وعلى البسطات في الشوارع وبأسعار مقبولة، بعد أن كان الحصول عليها ضرباً من المستحيل، بسبب ارتفاع أسعارها من جهة، وملاحقة ما يعرف بـ "الحسبة"، التابعة لتنظيم الدولة، للمدخنين والمروجين والتجار وفرض عقوبات عليهم، من جهة ثانية.

وأضاف المصدر أن عناصر ما كان يعرف بـ "الحسبة"، كانوا ينصبون الحواجز على الطرقات، ويفتشون جيوب الشباب والرجال بحثاً عن السجائر، مشيراً إلى أنه من كان يضبط لديه بعض السجائر، كان يتعرض لعقوبات شرعية تصل إلى التوقيف، والجلد والتعزير، فيما كانت تفرض إضافة إلى ذلك غرامات مالية كبيرة تصل إلى عشرات آلاف الليرات السورية على المتاجرين بهذه المواد.

وقال المصدر إن معظم عناصر ما يعرف بـ "الحسبة"، كانوا من المدخنين، لكنهم كانوا يحاسبون العامة من الناس وينسون أنفسهم، موضحاً أن عناصر "الحسبة"، كانوا يستخدمون التعاليم الشرعية وفق مصالحهم واحتياجاتهم فقط، بغض النظر عن مصالح ما يعرف بـ "العوام"، وهي تسمية يطلقونها على المدنيين.

 وأضاف أن  كميات  الدخان  المصادرة، والغرامات التي كانت تفرض على المدخنين والتجارة بالدخان، كانت تعد أحد أهم مصادر تمويل بعض جوانب خدمات "الدولة الإسلامية" في المنطقة الذي استحوذ أيضاً على جميع خيراتها، دون أن يجرؤ أحد على انتقاد أو معارضة تلك الممارسات.

ويقول أحمد الشاعر، وهو تاجر دخان، إنه اضطر خلال وجود تنظيم "الدولة" في المنطقة، إلى توقيف جميع أعماله التجارية في الدخان، رغم أن تجارة الدخان كانت تشكل مصدر رزقه الوحيد.

ولفت إلى أنه خلال السنوات الثلاث الماضية، التي سيطر فيها تنظيم الدولة على مناطق جنوب غرب سوريا، خسر ملايين الليرات السورية جراء توقف أعماله، موضحاً أنه عاد لفتح محله التجاري من جديد، وأن أموره المادية تسير نحو تحسن مستمر، رغم قلة عدد السكان في المنطقة.

فيما أكد ضياء الناصر، 35 عاماً، وهو صاحب بسطة دخان، أنه عاد لممارسة مهنته الأساسية في بيع الدخان، بعد عناء طويل مع الفقر والبطالة، لعدم توفر فرص عمل كافية للشباب.

وأضاف أن أرباحه اليومية من بسطته تتجاوز الـ 1500 ليرة سورية، وهو مبلغ محترم، لم يستطع الحصول عليه من أي عمل آخر، موضحاً أنه حاول البحث عن عمل دائم، يؤمن له أدنى متطلبات احتياجات أسرته، لكنه لم يفلح في الحصول على ذلك.

من جهته، أكد محمد العايش، 56 عاماً، وهو صاحب دخانية، أنه اضطر إلى النزوح إلى مدينة أخرى جراء ممارسات عناصر التنظيم، تجاه عمله التجاري، لافتاً إلى أن التنظيم اعتبره مرتداً لمغادرته بلدته، ومن ثم قام عناصره بالاستيلاء على بيته، وعلى محلاته التجارية، وحُكم عليه بالقصاص غيابياً.

وأردف: "للأسف ما سلم من تخريب تنظيم الدولة؛ خربته آلة نظام الأسد الحربية"، مشيراً إلى أن منزله ومحلاته التجارية، سُويت بالأرض نتيجة القصف الممنهج الذي تعرضت له بلدته مؤخراً. 

وأضاف أن سعر "باكيت" الحمراء الطويلة وصل في ظل وجود تنظيم "الدولة" في المنطقة إلى نحو 700 ليرة، و تجاوز 1000 ليرة سورية أحياناً، موضحاً أن المدخنين في ظل القبضة الحديدية التي أطبقها تنظيم "الدولة" عليهم، أجبرهم على اللجوء إلى تدخين لفافات النعنع اليابس، والملوخية، والشاي الجاف، وبعض الأعشاب الجافة.

وقال "محمد العايش" إن عناصر التنظيم كانوا يضيقون الخناق على الأهالي بممارساتهم المتشددة هذه، لإجبار الأهالي على النزوح عن ديارهم وأرزاقهم وذلك بهدف الاستحواذ عليها بتهمة الردة، لافتاً إلى أن كل من كان يتغيب عن منزله لعدة أيام كان منزله يصبح "حرزاً" لعناصر التنظيم الذين يصبح لهم كامل الحرية بالتصرف فيه وفق قوانين دولتهم المزعومة.

وحول أنواع الدخان المتوفرة في المنطقة، أشار عبد المولى المحمود، وهو صاحب بسطة، إلى أن جميع أنواع  الدخان الأجنبي والمحلي متوفرة بشكل كبير، موضحاً أن سعر باكيت الحمراء الطويلة يبلغ 200 ليرة سورية، والدخان الأجنبي يبدأ من 250 ليرة سورية لنوع "اليغانس"، وينتهي بـ 500 ليرة سورية "للكلواز"، فيما يبلغ سعر باكيت "المعسل الفاخر" 450 ليرة سورية، والتفاحتين 600 ليرة سورية.

يشار إلى أن تنظيم "الدولة" ممثلاً بـ "جيش خالد بن الوليد"، سيطر على منطقة حوض اليرموك في جنوب غرب سوريا الواقعة عند المثلث الذي يربط سوريا والأردن وفلسطين المحتلة، وذلك اعتباراً من العام 2015 حتى نهاية تموز من العام الحالي 2018.

وقد مارس خلال فترة سيطرته، التي امتدت نحو ثلاث سنوات، جميع أشكال العنف والتضييق على الأهالي، بحجة تطبيق الشريعة الإسلامية.

ترك تعليق

التعليق