تهديدات الحوثيين لدبي تظهر الأخطار المحدقة


الادعاء الزائف الذي أطلقه المتمردون الحوثيين اليمنيون بشن هجوم على أكثر المطارات ازدحاما في العالم للسفر الدولي هذا الأسبوع ربما دحضته السلطات في دبي سريعا. لكن هذا لا يعني أن لا يؤخذ الأمر على محمل الجد.

إصرار الحوثيين ووسائل الاعلام المتشددة في ايران على قرع الطبول للادعاءات الزائفة هو بمثابة تحذير لدبي وأجزاء أخرى من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تورطت الآن في الحرب على اليمن الذي يخوضه تحالف بقيادة السعودية.

على الرغم من أن التهديد السابق الذي حملته وسائل الإعلام الإيرانية قد أدى إلى رد حكومي فوري من الأجهزة الرقابية، إلا أن ذلك الخبر مر بدون رقابة. وهذا يعني أن العقوبات الأمريكية التي أثارها انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني تزداد، وكذلك التهديدات ضد دولة الإمارات الحليفة للولايات المتحدة.

بدأت الحرب الكلامية الأخيرة بعد ظهر يوم الاثنين. فقد بدأت قناة "المسيرة" الفضائية الإخبارية التابعة للحوثيين في إطلاق هذا الزعم بدون تقديم أي دليل على أنهم هاجموا مطار دبي الدولي، وهو مركز عبور ضخم شهد 88.2 مليون راكب العام الماضي وحده.

أي هجوم على المطار قد يسبب اضطرابات سفر في جميع أنحاء العالم، إذ يعمل المطار كمركز لشركة طيران الإمارات، ناقل رحلات المسافات الطويلة الذي يربط بين الشرق والغرب من شبه الجزيرة العربية.

لكن الحوثيين زعموا أنهم استخدموا طائرة مسيرة من طراز "صماد -3" لقصف المطار الذي يبعد حوالي 1600 كيلومتر عن الأراضي التي يسيطرون عليها في اليمن، أي أبعد من المسافة التي يعتقد أن بمقدور طائراتهم المسيرة أن تقطعها. وبعد ذلك، انتشرت عبر الإنترنت صور أقمار صناعية مزيفة للهجوم المفترض.

على الرغم من دحض الدعوى بسرعة، فقد اكتسب الزعم زخما فوريا في إيران، التي تدعم الحوثيين في النزاع. وبينما تنفي إيران بشكل مباشر تسليح المتمردين، فقد وثقت الأمم المتحدة والقوى الغربية عمليات نقل الأسلحة من طهران إلى الحوثيين من أسلحة الكلاشنيكوف إلى تكنولوجيا الصواريخ الباليستية المستخدمة في استهداف المدن بشكل دوري مثل عاصمة السعودية الرياض.

أعلنت وكالة فارس للأنباء شبه الرسمية والمقربة من الحرس الثوري أن الهجوم الذي وقع يوم الاثنين أظهر أن "دبي لم تعد آمنة". وزعمت الوكالة أن دبي بمثابة مقر لوكالات الاستخبارات الغربية.

جاء في تحليل لوكالة فارس أن "دبي والمدن الإماراتية الأخرى يمكن أن تتوقع تحليق الطائرات اليمنية المسيرة فوقها- وحتى فوق مراكز الاستخبارات الغربية التي تحت جناحيها".

من النادر صدور مثل هذه التهديدات ضد دبي. ففي الوقت الذي لا تزال فيه الحكومة الاتحادية الإماراتية ومقرها في أبوظبي تتشكك إلى حد كبير في نوايا إيران وعملت على توسيع قوتها العسكرية في السنوات الأخيرة لمواجهة هذا التهديد، فإن دبي والإمارات الشمالية الأخرى في البلاد لها علاقات تاريخية مع إيران.

يعيش العديد من ذوي الأصول الفارسية في الإمارات العربية المتحدة. كما أن شقق وبنوك ناطحات السحاب بدبي تشكل ملاذاً آمنا للمواطن الإيراني العادي، وكذلك للمسؤولين الحكوميين وشبه العسكريين لغسل أموالهم.

كانت تهديدات سابقة ضد دبي قد أثارت استجابة حكومية فورية. ففي نوفمبر / تشرين ثان 2017، على سبيل المثال، نشرت صحيفة "كيهان" الإيرانية المتشددة عنوانا رئيسيا يؤكد أن دبي هي "الهدف التالي" للحوثيين بعد أن أطلقوا صاروخاً باليستيا على الرياض. وفرضت السلطات حظر نشر لمدة يومين على الصحيفة بسبب هذا الخبر.

لكن المسؤولين الإيرانيين هذه المرة لم يتخذوا حتى الآن أي إجراء ضد وكالة فارس. يأتي ذلك في الوقت الذي بدأ فيه الرئيس حسن روحاني، الذي تفاوض على الاتفاق النووي مع القوى العالمية في عام 2015، في اتخاذ موقف أكثر تشددا بعد انسحاب ترامب من الاتفاق.

أثناء رحلته الأخيرة إلى أوروبا، أحيا الرئيس تهديدا إيرانيا قديما بإغلاق مضيق هرمز، وهو الفم الضيق للخليج العربي الذي يمر من خلاله ثلث النفط المتداول بالبحر.

ليس أمام إيران سوى اختيار المواقف المتشددة في الأشهر المقبلة. ففي الرابع من نوفمبر / تشرين ثان، ستعيد الولايات المتحدة تطبيق العقوبات على صادرات النفط الخام الإيرانية، التي توفر مصدرا ضروريا للعملة الصعبة لبلد يعاني اقتصاده بالفعل. وبينما تظل الاتفاقية النووية قائمة حتى الآن، فقد تختار إيران نتيجة لذلك التخلي عنها والشروع في التوسع سريعا في تخصيب اليورانيوم.

كما يمكن لإيران أن تعتمد على حلفائها في المنطقة، أي الحوثيين. وفي حين زعم المتمردون زيفا أنهم شنوا هجوما على مطار دبي، فإنهم يستطيعون استهداف السفن التجارية وناقلات النفط التي تمر باليمن في البحر الأحمر. ويمكن لقواتهم إطلاق صواريخ وشن هجمات أخرى. ومن المرجح أن يدفع ذلك أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع، خاصة مع توقف الإمدادات الإيرانية عن السوق.

تستضيف الإمارات، كغيرها من دول الخليج العربية الأخرى، الآلاف من القوات الأمريكية وتعتمد على الدعم العسكري الأمريكي كقوة معادلة لإيران. ووجود هذه العلاقة يساعد على الحد من أي أعمال انتقامية محتملة، فضلا عن مخزونها من الأسلحة الأمريكية الصنع.

مع ذلك، فإن أي ادعاء حول شن هجوم ولو كان كاذبا مثل الذي صدر هذا الأسبوع يظهر أن هناك خطرا حقيقيا قد يلوح في الأفق.

ترك تعليق

التعليق