مدنيون زاروا داريا اليوم.. هذا ما شاهدوه


ابتدأ مئات المدنيين من أهالي داريا زيارتهم للمدينة الفارغة تماماً من سكانها، بالزغاريد، لكن سرعان ما غدا البكاء سيد الموقف لدى العديد من الأشخاص لاسيما النساء بعد رؤية حجم الدمار الذي "لا يوصف"، كما يتحدث البعض، وذلك بعد أن سمح النظام للأهالي بزيارة مدينتهم يوم الثلاثاء 28 آب في الذكرى الثانية لإخلاء داريا.

وتوافد الأهالي منذ العاشرة من صباح يوم الثلاثاء إلى دوار الزيتون وسط المدينة بصحبة محافظ ريف دمشق علاء إبراهيم، الذي ألقى خطبة وسط الجموع ثم سمح لهم بالتجول في مدينتهم لتفقد المنازل.

وبينما بدت الشوارع الرئيسية نظيفة بعد قيام المكتب التنفيذي لداريا بترحيل الركام ومخلفات القصف عنها خلال الأشهر الماضية أحالت الحرب التي شنها النظام يوم 8 تشرين الثاني 2012 معظم بيوت وأبنية ومحلات المدينة إلى أماكن غير صالحة للسكن بنسبة دمار تفوق 90 بالمائة في بعض الأحياء.

صدمة

"لم ينم الجميع ليلة أمس"، يقول "عبد الله" أحد أبناء المدينة الذين قرؤوا بيان المكتب التنفيذي لمدينة داريا والذي يحدد موعد دخول الأهالي.

يتابع عبد الله لـ "اقتصاد": "ست سنوات حرمنا من رؤية بيوتنا. عند العاشرة صباحاً تجمهرنا عند المدخل الرئيسي لداريا. مشينا كل الطريق الواصل بين اللوان ومقبرة داريا وسط المدينة. ألقى المحافظ كلمة أمام المئات ثم انتشرنا في المدينة لتفحص منازلنا".

عقب إخلائها نهاية آب 2016 بدأ النظام بتنفيذ مشاريع خجولة تمثلت في تنظيف شوارع داريا وتأهيل بعض المؤسسات مثل المخفر والهاتف ومبنى البلدية كما تم ترميم مدرستين في المدينة. تقول "حياة" التي زارت المدينة فجر الثلاثاء لـ "اقتصاد": "لاحظنا أن الكهرباء تم توصيلها إلى منطقة المقبرة تقريباً. لكن هناك حفر عميقة وخنادق لم يتم ردمها حتى الآن".

زارت "حياة" بيتها الذي تهدم بفعل القصف العنيف كما سرقت جميع محتوياته حتى الأسلاك الكهربائية التي نزعت من جدران المنزل.

الدمار الهائل وخلو المنازل من محتوياتها شكل صدمة للبعض مثل الحاجة "أم محمود" التي فقدت وعيها فور مشاهدتها منزل العائلة كومة من الحجارة.

سيدات أخريات أجهشن بالبكاء لنفس المشهد.

دمار في كل مكان وسرقات

تبرر "فاطمة" وهي من أبناء داريا عدم تأثرها بهذا الدمار الكبير للمدينة بأنها كانت تتوقع مثل "هذا المشهد المؤلم". وتتابع لـ "اقتصاد": "محتويات بيوتنا بيعت أمام أعيننا في مناطق النزوح بجديدة وصحنايا وغيرهما. كان الجنود يعفشون منازلنا ثم يبيعونها. ونحن نشاهد بمرارة لا توصف".

دخلت "فاطمة" منزلها في ساحة شريدي، فلم تجد سوى بعض الثياب البالية. "السجاد وغرف النوم ومحتويات المطبخ جميعها سرقت. وجدت البيت فارغاً".

حارات كثيرة سويت بالأرض لاسيما في المنطقة التي كانت تقع تحت سيطرة الثوار في الحي القبلي وأرض المراح وحارة الغزي وشارعي الثورة والوحدة. في حين بقيت الأبنية الطابقية سليمة إلى حد ما في شارع المخفر ودوار الزيتون ومدرسة الحكمة وأجزاء من أحياء الشاميات والنكاشات وشريدي، وهي المنطقة التي كانت تحت سيطرة النظام.

الحاج "مسعود" لم يجد من بيته الذي كان واسعاً ويضم 7 غرف وساحة داخلية كبيرة (أرض ديار)، سوى غرفة النوم التي بقيت صامدة رغم أن جميع جدران وغرف المنزل تعرضت للحرق والتدمير. يقول "مسعود" لـ "اقتصاد": "سأعود إلى منزلي. تعبت من حياة النزوح والتشرد ومن الإيجارات الغالية للمنازل في الخارج. حتى لو اضطررت للعيش في خيمة قرب البيت فسوف أرجع إلى بلدي".

يقول الأهالي إن النظام سمح بزيارة المدينة يومياً بين التاسعة صباحاً والخامسة مساء. ويؤكد المكتب التنفيذي لداريا أن هذا الإجراء مؤقت ريثما يتم توطين الأهالي في المدينة ضمن ترتيبات معينة تساعد على تقديم الخدمات اللازمة لهم.

في 8 تشرين الثاني شن النظام حملة عنيفة على مدينة داريا ما أدى لنزوح القسم الأكبر من سكانها -يقارب عدد السكان 400 ألف نسمة- بينما بقي أقل من واحد بالمائة من السكان في المدينة ثم تم إخلاؤها تماماً في 2016 ضمن اتفاق وقعه الثوار مع قوات النظام يقضي بترحيل المقاتلين نحو إدلب ومن يرغب من المدنيين إلى مخيمات الإيواء في حرجلة بريف دمشق.

ترك تعليق

التعليق