تعرف على تجربة مشاريع الملاعب المعشبة في إدلب


حظي عشاق كرة القدم في بلدة سرمين بريف إدلب، أخيراً، بملعب معشب ومنظم بعد أن كانوا مضطرين لإقامة مبارياتهم في باحات المدارس والحواري أو الذهاب لمناطق أخرى.

في ساحة اللعب كانت أحداث المباراة تتسارع والأقدام تتصادم للحصول على الكرة وتحقيق هدف. وبالقرب من باب الملعب جلس صاحب الملعب "أبو حسن" وشريكه، يتابعان بشغف. "يُعتبر ملعبنا أول ملعب في سرمين، ولقد حقق شهرة وإقبالاً منذ افتتاحه قبل أشهر"، تحدث "أبوحسن".

وتابع: "لكن تكلفته كانت مرتفعة جداً ما يقارب ٣٠ ألف دولار".

يبلغ طول الملعب ٤٧ متراً بعرض ٢٧ متراً ومساحة مرماه ٣ أمتار ونصف، بمترين ارتفاع. وهذا الصنف من الملاعب يُعرف وفق معايير الفيفا بـ "الملعب السداسي"، ويتسع لخمسة لاعبين وحارس.

وتصل تكلفة أرضية الملعب "العشب الصناعي" إلى ١٢ ألف دولار، وهي ذات عمر محدد وتحتاج للتبديل بعد فترة بحسب "أبو حسن" الذي انتهى من متابعة المباراة وتسلم الكرات وأُجرة الحجز من اللاعبين.

في بلدة بنش أيضاً عمل "غيث السيد" وشريكه على إنشاء ملعب سداسي وهو الأول في بنش. "كنا نذهب إلى مدينة إدلب للعب أو إلى الفوعة قبل الثورة"، يقول "غيث" لـ "اقتصاد".

ويتابع بأن "تكلفة الملعب مرتفعة ولا يمكن تعويضها إلا بعد عشرات السنين وقد يكون الملعب وقتها يحتاج إلى صيانة".

أرباح الملاعب تتلخص في حفظ الأموال على شكل ملعب، ومدخول شهري ما يعادل ١٠ آلاف ليرة يومياً، يتقاسمها شريكان على الأقل. تنخفض الأرباح وترتفع، حسب الظروف الراهنة والإقبال على الملعب. وتصل أجرة الملعب لساعة ونصف إلى ٣٠٠٠ ليرة سورية نهاراً، و٤٥٠٠ ليرة سورية ليلاً، نظراً للحاجة لتشغيل مولدة كهرباء للإنارة، حسبما يوضح "غيث".


لا تقتصر أرباح الملاعب على أصحابها فقط، فيلجأ البعض إلى استثمار دوري كرة قدم، تشارك فيه عدة فريق، برسم اشتراك معين، متوسطه ١٠ آلاف ليرة، وتقوم بحجز الملعب لعدة أيام.

"غيث السيد" قال لـ "اقتصاد" أن "فكرة الدوري جيدة وقد تحقق دخلاً إضافياً. لكننا لم نقم بها، وتركناها للمستثمرين، ونستفيد من تأجير الملعب فقط".

وحول السبب، استدرك بالقول: "الدوري بحاجة لتفرغ وتنظيم وخبرة بالرياضة وأيضاً يحتاج إلى حكم يدير المباراة وتصل أجرته إلى ٢٠٠٠ ليرة على المباراة الواحدة".



بطولة وملعب السلام

"فقط نحن نبحث عن السلام للجميع؛ دعونا نعيد ترتيب الحياة والأمان لأهلنا ولو بمنافسة طيبة وسمحة.. وبكرة قدم بيضاء.. تطير بالقلوب قبل الأقدام.. لتكتب أغنية.. وصرخة.. ونشيد.. عن المحبة والسلام.. تجمعنا.."، بهذه العبارات أُعلن عن انطلاق ملعب السلام بمدينة سراقب، وفق مواصفات الفيفا المعتمدة بطول ٩٠ متراً وعرض ٤٧ متراً، وجُهز بالعشب الصناعي، ومدرجات للجمهور.

جُهّز الملعب خلال ٨ أشهر من العمل المتواصل وبتكلفة مرتفعة جداً بسبب مساحة الملعب الكبيرة مقارنة بالملاعب السداسية.

لم يرغب مدرب نادي سراقب وصاحب الملعب "أحمد محمد باكير" أن يفصح عن المبلغ الذي استثمره هو وشركاءه لتجهيز الملعب.

ويوضح "الباكير" أن "مردود الملعب وفق احتمالات الخسارة والربح، يجعله مشروعاً فاشلاً، نظراً لتكلفته، ولكن الفكرة التي بنينا المشروع لأجلها هي تحقيق بطولة، مرةً لكل عام، تحت عنوان (السلام)".

تجرى الآن مواجهات "بطولة السلام ٢" بمشاركة ٢٤ فريقاً من مدن وبلدات مختلفة بريف إدلب تتنافس على الفوز باللقب. كما ويقيم الملعب أكاديمية للتدريب وتضم أعمار مختلفة يشرف عليها الكابتن "باكير".

"هو حلم راودني أنا وشريكي منذ الصغر وقبل الثورة كان دائماً يقابل بالرفض من الجهات الحكومية واستطعنا الآن تحقيقه"، قال "الباكير" وقد ارتسمت السعادة على وجهه.

تُعتبر أرباح مشاريع الملاعب منخفضة مقارنة بالتكلفة المرتفعة والتي من الممكن أن تستثمر بمشاريع أخرى وتحقق مرابح كبيرة على سبيل المثال تعهدات سكنية أو مشاريع تجارية؛ لكن عشق أصحابها لكرة القدم دفعهم لاستثمارها وإحياء هذه الرياضة المفضلة لدى الكثيرين، وإيجاد متسع لمواهب قد تحقق نجاحات يوماً ما في المستقبل.

ترك تعليق

التعليق