هل كل رجل أعمال هو "رائد أعمال"؟.. ماذا تعرف عن هذا المفهوم الجديد؟


يشوب مفهوم "ريادة الأعمال" الكثير من الغموض، نظراً لحداثته. ويخلط كثير في مجتمعاتنا بينه وبين مفاهيم أخرى، حيث يرى البعض أن كل مستثمر هو رائد أعمال.

وفور حضور هذا المفهوم يتبادر إلى الذهن الكثير من التساؤلات، من قبيل، هل كل شخص هو مؤهل لأن يكون رائد أعمال؟

 وحول البوابة للدخول إلى هذا المفهوم الواعد، وللوقوف على هذه التساؤلات وغيرها، حاور "اقتصاد" مدير عام منصة "حرابيء"، المنصة المهتمة بعالم "ريادة الأعمال"، الدكتور سنان حتاحت.

وحتاحت، يحمل درجة دكتوراه في مجال أمن المعلومات، وعمل سابقاً في مجال التقانة لما يقارب الــ 15عاماً، إلى جانب تجاربه في مجال الشركات الناشئة.


بداية، ما هو الفرق بين رجل الأعمال وبين رائد الأعمال؟

رجل الأعمال هو شخص لديه استثمار أو أكثر، أي هو شخص لديه رأسمال ويستثمر هذا المال بالطرق التقليدية المعروفة سواء بالتجارة أو بتقديم الخدمات، ضمن سوق مستقر إلى حد ما.

بمعنى آخر رجل الأعمال لديه تاريخ من العمل والعملاء. أما رائد الأعمال فهو الشخص الذي يبدأ بتأسيس مشروعه القائم على فكرة إبداعية من الصفر.

والإبداع الذي أشرت إليه، لا يعني أن الفكرة قد تكون ناجمة عن بحث تقليدي أو تعني فكرة غير مطروقة من قبل، بل يمكن أن يكون الإبداع بطريقة تقديم المنتج، أو بالمنتج ذاته.

هذا الجانب الإبداعي ينطوي على شيء من المخاطرة، لأن الفكرة غالباً هي فكرة غير مجربة من قبل.

من جانب آخر، هناك فروقات بين شخصية رجل الأعمال ورائد الأعمال، أي ليس بالضرورة أن يكون رجل الأعمال هو ريادي ناجح، والعكس أيضاً.

ريادي الأعمال يعتبر ذو شخصية مقدامة وعلى قدرة كبيرة من المثابرة والتفكير وعلى حس عال للمخاطرة، والأهم في شخصية الريادي القدرة على القيادة والتحكم بفريق العمل، وصولاً للثبات.

هل يمكن لأي شخص أن يصبح رائد أعمال، ولماذا؟

قد يكون ممكناً ذلك. لكن إذا نظرنا إلى تحليل نمط الشخصية، كما أشرنا من قبل، هناك سمات معينة تجعل من شخص معين مؤهل لأن يكون رائد أعمال، وبحسب أرقام مصدرها علماء في النفس فإن نسبة رواد الأعمال في أي مجتمع 10 بالمئة فقط.

هذه النسبة تشمل المجتمع السوري؟

هذه النسبة تخص أي شريحة مجتمعية كبيرة كانت أم صغيرة.

فور ذكر مفهوم ريادة الأعمال يتبادر إلى الذهن المشاريع المبتكرة في حقل التقانة، هل بالضرورة ذلك، أم أن ريادة الأعمال تشمل كل الحقول بما فيها التقليدية؟

على العكس تماماً، ريادة الأعمال ممكنة في أي مجال من المجالات، ومن الممكن أن يكون الإبداع في التقانة كما في غيره من المجالات التقليدية.

لنأخذ مثال على ذلك، أحد رواد الأعمال عمل على تأسيس مطعم (فكرة تقليدية) لتقديم الطعام الصحي المخصص للبدانة، بعدد سعرات حرارية قليل، وهذه الفكرة هي فكرة رائدة في حقل تقليدي بعيد كل البعد عن الشبكات والحواسيب، علماً بأنها فكرة رائدة.

على ذلك نستطيع الجمع ما بين الفكرة التقليدية والفكرة الرائدة في آن؟

نعم بشرط أن يكون الإبداع موجود، لكن أحد الفروق الرئيسية بين المشروع الناشئ الريادي وبين المشروع الاستثماري التقليدي، أن المشروع الريادي قد يبدأ بقدرات محدودة، وأحياناً قد يقدم رائد الأعمال على الاستدانة لإطلاق المشروع، وصولاً إلى طرح المنتج أو الخدمة، وهنا تبدأ المراحل الأخرى ولعلها الأصعب، أي المتعلقة بتجربة مشروعه وعرضه على العملاء.

الشركة التقليدية تحتاج إلى رأسمال كبير إلى حد ما، قريب من حجم عمل الشركة، بينما الشركة الناشئة هي شركة تبدأ بأقل مبلغ ممكن حتى يتم إثبات نجاح الفكرة.

على ذكر الشركات التقليدية، من الملاحظ أن السوريين في تركيا يعملون في مجالات محددة من بينها المطاعم ومحال بيع الألبسة والمواد الغذائية، وغالباً ما يتكبد قسم كبير منهم خسائر فادحة، هل يعزا ذلك إلى غياب الإبداع أو الابتكار، وما هي النصائح لهؤلاء؟

ولذلك نقول أن الاستثمار في المجالات التقليدية ينطوي أحياناً على مجازفة أكبر من المجالات الريادية، وحتى نوضح أكثر لا يحتاج ريادي الأعمال إلى رأسمال كبير حتى يبدأ مشروعه، وهو يستطيع كذلك استثمار جزء من رأسماله في سبيل نجاح الفكرة، وهذا لا يعني أن المشاريع الريادية لا تكون خاسرة، غير أن الرأسمال يكون دائماً في الحد الأدنى.

بجميع الأحوال حتى تبدأ مشروعاً تقليدياً لا بد من إعطاء المشروع حقه من مصروف ومتطلبات، على عكس المشروع الريادي.

أما النصائح، فلا بد للمستثمر السوري في تركيا دراسة جدوى المشروع قبل الشروع بتنفيذه، وكذلك لا بد من دراسة السوق، والأهم من ذلك الحرص على التوجه إلى العميل التركي والسوري في آن واحد، هذا مع إدراكنا بأن التوجه للعميل التركي مكلف جداً في بعض الأحيان.

"حرابيء" هي مشروع ريادي أيضاً، نود أن تحدثنا عن هذه التجربة؟

نعم "حرابيء" هي مشروع ريادي بشكل أو بآخر.

المنصة مشروع بدأنا فيه بخطوات بسيطة وبتمويل ذاتي، وهو مشروع بصفات ريادية، والهدف منه خلق مجتمع افتراضي من رواد الأعمال السوريين والعرب.

نحاول في هذه المساحة تبادل الأفكار والخبرات، ونسعى إلى التكامل في تقديم الخدمات، لأن هذا النوع من العمل بحاجة إلى تضافر المجتمع، وهذه أهم مشكلة تواجه رائد الأعمال، أي لا يجد رائد الأعمال المساعدة الكافية بسبب غرابة هذه الفكرة وجديتها، إلى جانب محاربة الشركات الكبرى التي لا ترغب في المنافسة.

الفكرة الرئيسية من حرابيء، هو تمكين نواة من رواد الأعمال، على أمل خلق قاعدة لهذا المجال.

هل تقدمون التمويل إلى رواد الأعمال الأعضاء في منصة "حرابيء"؟

حالياً لا، نحن في مرحلة بناء النواة من خلال التدريب وتبادل الخبرات، لكن مستقبلاً من خلال دراسة السوق نركز في مراحل قادمة على التمويل أي التشبيك بين أصحاب رؤوس الأموال وبين رواد الأعمال.

للآن لم نصل لهذه المرحلة، أي نحن نعمل كشركة ناشئة ونحن في مرحلة التجريب.

ترك تعليق

التعليق