اللاذقية.. فقراء معارضون، وأثرياء شبيحة، والعيد يكشف الفوارق بينهم


تستغرق تكلفة العيد في مدينة اللاذقية دخل الأسر لأكثر من شهر، فالأطفال يجب أن يعيشوا لحظات فرحهم، والحلويات ضرورة من أجل تقديمها للضيوف والأقرباء، بينما انفرد الأغنياء بمدن الملاهي وحضور حفلات المجون.

أسعار جنونية

عاد "أبو محمد الصليباوي" إلى منزله يحمل "4" كغ من بقلاوة الجوز و"2" كغ أسوارة الست و2 كغ شيكولاته.

استقبلته زوجته مستبشرة ضاحكة، تناولت منه ما كان يحمله، تجنبت النظر إلى عينيه كي لا ترى غرغرتهما بالدمع، هي تعلم أنه قد اقترض 50 ألفاً على راتبه من الشركة الخاصة التي يعمل بها من أجل أن يعيش أطفاله فرحة العيد.

قالت دون أن تنظر إليه "عوضك الله خيراً، أنا متأكدة أنك قد صرفت المبلغ الذ اقترضته بكامله، الحمد لله لقد اشترينا ألبسة الأطفال منذ بداية الشهر، لا تهتم سوف ندبر أمورنا خلال الأيام المتبقية".

أجابها: "لنا الله، فالأطفال لا يعلمون ما نعانيه، ولا يستطيعون استيعاب الحالة التي نعيشها".

وأضاف: "تصوري أنّ أدنى سعر لأسوأ أنواع الحلويات في السوق 7 آلاف ليرة سورية، وسعر الكيلوغرام الواحد من البقلاوة بالفستق يبلغ 2000 ل س، أتمنى أن تشيدي بما جلبته أمام الأطفال كي يحبّوا تناوله".

أما أسعار الملابس فقد كانت فوق طاقة كل حرّ شريف يعيش من تعبه، ولا يكفي راتب موظّف لتأمين بدل جديد لطفل.
 
ساحة العيد

بينما كان "أبو محمد" يتحدث مع زوجته كانت أصوات المطارق تعلو في ساحة العيد بالصليبة، ذلك الحي الذي دفع ثمناً غالياً لمعارضته نظام الأسد، وكان محور المظاهرات السلمية الأولى.

كانت المطارق تصنع ألعاباً لكي يحتفل أطفال الحي بأرخص الأسعار، بينما كانت مدن الملاهي تتحضر لاستقبال أبناء الشبيحة والأغنياء، بتكلفة لا يطيقها من يعيش على راتبه أو جهده العضلي.

في أول أيام العيد كان العم "مصطفى" يدفع عجلة لعبة "القليبة" ويغني "هيلا هيلا"، وتعلو أصوات الأطفال بالترديد خلفه، ويتساقط الدمع من عينيه وهو يتذكر أبناءه الإثنين "معتقل وشهيد".

العم مصطفى كان يتقاضى من كل طفل "5" ليرات سورية عن كل ربع ساعة، بينما كان يتقاضى العامل في مدينة ملاهي الملعب البلدي "50" ليرة، وعامل مدينة الملاهي في الشاطئ الأزرق يتقاضى "100" ليرة عن نفس المدة، ولكن لـ "قليبة" أبو مصطفى طعم ولون وحميمية مختلفة، وتعلو البسمات على وجوه الأهالي وهم يعايدون بعضهم.

حفلات ومشروب للأغنياء

بينما كان الأهالي الفقراء ينطوون على أنفسهم، ويسعون لإسعاد أطفالهم بأقل التكاليف، كان هناك على الطرف الآخر حفلات ومطربين وراقصات في المطاعم والملاهي الليلية، وكانت تنتشر الإعلانات على الطرقات وفي الصفحات الفيسبوكية الإخبارية الموالية لنظام الأسد.

وكان رسم الدخول إلى حفلة لأربعة أشخاص يكلف 14 ألف ليرة سورية مع الأكل والمشاريب الروحية بالنكهة الروسية "فودكا وبيرة".

وحسب ما نشرته صفحة "اللاذقية الآن" الإخبارية الموالية، عن دراسة واستطلاع قامت بها إحدى وسائل الإعلام المحلية، فإن الأسرة السورية التي تتكون من خمسة أفراد تحتاج شهرياً لكي تعيش بالحد الأدنى إلى مبلغ مالي يتراوح بين "400 و500 ألف ليرة"، في حين يبلغ راتب مهندس بقدم وظيفي 20 عاماً،  50 ألف ليرة فقط.

وتشير مصادر من مدينة اللاذقية إلى تحول سكان الأحياء التي تقطنها غالبية معارضة لنظام الأسد، إلى طبقة مسحوقة مادياً.

ترك تعليق

التعليق