موالون للنظام يعلنون موت "العاصي" في سوريا.. ويطلبون من "نبوخذ نصر" التدخل


أعلن موالون للنظام، في منطقة "القصير"، الحدودية مع لبنان، عن موت "نهر العاصي"، والذي يعد من أهم الأنهار في سوريا، حيث ينبع من "الهرمل" في لبنان، ويدخل الأراضي السورية ليمتد فيها أكثر من 500 كم.

 وحمّل الموالون، مسؤولية موت أهم نهر في سوريا، للأشقاء اللبنانيين، الذين كثرت اعتداءاتهم على مجرى النهر خلال الصيف الحالي، ما أدى لحرمان مئات المزارعين في "القصير وربلة" من حقهم الطبيعي من مياه "العاصي"، وبالتالي يباس المئات من الدونمات المزروعة بالخضروات الصيفية.
 
هذا وقد نشر أحد الموالين للنظام، وهو من منطقة القصير، صورة له وهو يقف في مجرى النهر المار من بساتين "ربلة"، والذي جف كلياً. وكتب منشوراً تحت صورته على "فيس بوك" قائلاً: " العاصي ينتظر (نبوخذ نصر).. هنا حيث أقف دارت معركة ضخمة بين جيش الملك الكلداني (نبوخذ نصر)، وجيش الحثيين.. قضى فيها العديد من جنود الطرفين غرقاً بمياه نهر العاصي.. اليوم لن تتمكن جلالتك أن تتابع طريقك إلى الهيكل.. لأن جنودك سيقضون عطشاً هذه المرة، ولن تجد من مياه العاصي، إلا ما يكفي لتغسل يديك أنت وجنودك.. عندها واتوقع - والكلام ما زال للموالي - أن تقود جنودك إلى مكان يبعد من هنا 2 كم عند الحدود اللبنانية.. حيث هناك بضع كتل أسمنتية وبوابات حديدية تمنع المياه عن عاصيها وتحولها إلى وجهة أخرى، وهناك مولانا ستعصي أوامرك إلى جنودك لتحطيم تلك الكتل الأسمنتية وتحرر المياه من حجزها وتطلقها إلى مجراها.".

وقال مخاطباً الجهات ذات الشأن مثل، وزارة الري ومديريتها في حمص، ومحافظة حمص والمجلس الأعلى السوري – اللبناني، "هل تتوقعون عودة (نبوخذ نصر) لإعادة المياه إلى (العاصي)".
 
ومن خلال متابعة مراسل "اقتصاد" لظاهرة جفاف نهر العاصي، ضمن مساره في سوريا، والذي يحدث لأول مرة في تاريخ النهر المذكور، لاحظ بأن هناك رأيان مختلفان حول الموضوع، الأول رأي الناس، وخاصة المزارعيين في المناطق الحدودية مع لبنان مثل "ربلة والقصير" مفاده أن عملية جفاف" العاصي"، سببها الأول والأخير بعض المتنفذين في الجانب اللبناني، حيث قاموا بتحويل نصيب سوريا من مياه "العاصي" إلى أراضٍ زراعية داخل منطقة "الهرمل"، وبيع جزء منها إلى بعض المزارعيين السوريين بالمنطقة الحدودية. والرأي الثاني، وهو رأي المسؤولين بمحافظة حمص، ومنهم مدير الموارد المائية، المهندس اسماعيل اسماعيل، الذي أوضح أن انخفاض منسوب مياه العاصي، عند دخوله الأراضي السورية، بشكل ملحوظ إلى أقل من 5 متر مكعب/الثانية، يعود لسببين، أولهما الجفاف الذي تمر به منطقة الشرق الأوسط، وقلة أمطار شتاء هذا العام، وبالتالي انخفاض غزارة النبع، الذي يغذي نهر العاصي في الأراضي اللبنانية، علماً أن حصة الجانب اللبناني من مياه النهر لا تتجاوز 20 بالمائة من واردات النهر و80 بالمائة حصة الجانب السوري.

ونفى "اسماعيل"، ما يشاع على مواقع التواصل الاجتماعي بمنطقة "القصير" عن سرقة مياه "العاصي"، معتبراً بأن المياه لا تسرق لأنها أملاك عامة. لكنه اعترف في الوقت نفسه، بوجود تعديات على مآخذ الأقنية من الجانب اللبناني.

من شريان للحياة إلى بؤرة موبوءة

هذا وكان يعد "العاصي" في السابق شريان الحياة بالنسبة لمنطقة القصير، ومدينة حمص وريفها الشمالي، وتحوّل في العقدين الأخيرين إلى بؤرة تلوث كبيرة. فالمزارع "أبو حسن"، أحد سكان منطقة "القصير"، ما زال يحمل في ذاكرته صوراً عن ذلك النهر "النظيف"، الذي كان مقصداً لطالبي مياه الشرب، أو التنزه على ضفتيه، مشيرا إلى أن المئات من أصحاب الأموال في منطقة "القصير "و"حمص"، وريفها الشمالي، كانوا يتسابقون قبل نصف قرن من الآن، لشراء الأراضي على جوانب نهر العاصي الذي يمر بمدينة حمص ونحو 30 بلدة وقرية بريفها الجنوبي الغربي (ربلة والقصير) وشمال حمص (الدار الكبيرة - الرستن - الغنطو وتير معلة).

اليوم حوّل تلوث النهر البلدات والمدن، التي يمر فيها، إلى أماكن موبوءة، وتحول نهر "العاصي" إلى سبب رئيسي في تهجير محيطه السكني. فمياه النهر، والتي كانت صالحة للشرب عند دخولها الأراضي السورية في بلدة "ربلة"، جفت تماماً، وتراكم النفايات والملوثات حوّله إلى مجرور للصرف الصحي، بدءاً من مدينة حمص مروراً بريفها الشمالي وصولاً إلى مركز مدينة حماة، ما ينذر بأمراض خطيرة تهدد حياة الحمصيين والحمويين المنتشرين على طول مجرى النهر.

 وقد لاحظ مراسل "اقتصاد" ، خلال زيارته مؤخراً لمدينة حماة، أن العشرات من المنشآت السياحة بمدينة حماة، وخاصة الموجودة على جوانب النهر، تعاني هذا الصيف من ندرة السائحين والزبائن بسبب الروائح الكريهة جداً المنبعثة من النهر.

(نهر العاصي يتحول إلى أشبه بمجرور صرف صحي في مركز مدينة حماة)

بقي أن نشير إلى أنه بالرغم من موت النهر عند دخوله الأراضي السورية، إلا أنه ما زال يعد المصدر الرئيسي لتأمين مياه الشرب لمدينتي "حمص وحماة" وعشرات القرى الواقعة بينهما.

 وقد علم مراسل "اقتصاد"، بأن النظام يستجر مياه الشرب مباشرة من أعالي العاصي بلبنان عبر خطوط جر كبيرة.

ترك تعليق

التعليق