السوريون في أوروبا.. لا عيد ولا سعيد


يشكو الكثير من الأهالي المقيمين في أوروبا، أنهم يجدون صعوبة بالغة في إفهام أولادهم أن عيد الأضحى المبارك على الأبواب، وأنها مناسبة كبيرة عند المسلمين، يجب الشعور بالسعادة خلالها.

فالطفل الذي ولد في أحضان الحرب، وترعرع في مناطق اللجوء في المخيمات وفي دول الجوار، لا يعرف معنى العيد ولا مزاياه، فما بالك بالطفل الذي وصل إلى أوروبا، منذ أكثر من ثلاث سنوات، بينما وفق المفهوم البسيط للعيد الذي يحمله الأهالي لأبنائهم، لا يعني أكثر من أنه مناسبة تعويضية عن أيام الفقر والحرمان والتعتير طوال أيام السنة، فكيف سيشعر الطفل بالعيد، إذا كانت أيامه كلها أعياد من خلال هذا المفهوم..؟
 
أما بالنسبة للكبار، الذين تربوا على مفهوم أن بهجة العيد للصغار فقط، فإنهم يخرجون أنفسهم سلفاً من معادلة السعادة في العيد أو الفرح به، فهو هنا في أوروبا، لا يعدو أكثر من مناسبة للاتصال بالأهل والأقارب المشتتين في أقصى أصقاع الأرض ومبادرتهم بالتهاني والتبريكات، وما عدا ذلك فإنه يوم عادي، ككل الأيام.
 
محاولات للفرح

ورغم كل ذلك، فإن بعض الأسر التي لجأت إلى أوروبا، تصر على ضرورة الإحساس بالعيد ولو بحده الأدنى، ويتجلى ذلك من خلال استحضار بعض الطقوس المتعارف عليها في سوريا، كالذهاب إلى المسجد صباحاً لحضور صلاة العيد، برفقة أطفالهم، وجعلهم يستمعون للتكبيرات، وما يتبعها، من تبادل للتهاني بين المصلين أمام المسجد، وهذا بحسب "أبو حسين" المقيم في فرنسا، الذي اعتبر أن ذلك لا بد أن يترك أثراً في نفس الطفل، ومن ثم يرسخ المناسبة في ذهنه.

أما السيدة هدى، وهي أم لثلاثة أطفال، أعمارهم جميعاً دون 14 عاماً، وتعيش في ألمانيا برفقة زوجها، فتقول، إنها بدأت تردد منذ عدة أيام، على مسامع أطفالها، بأن موسم الحج قد بدأ وأنه في نهايته هناك عيد كبير، يحتفل به الجميع ويتبادلون التهاني خلاله.. وتتابع أنها تستعين كثيراً بالقنوات الفضائية العربية التي تنقل مناسبة الحج وتجعل أطفالها يشاهدونها، وتردُّ على جميع استفساراتهم فيما يتعلق بموضوع الحج وأهميته وقيمته الدينية والروحية.

وتضيف السيدة هدى، أنها في كل عيد تصنع طعاماً مميزاً لأطفالها، وهي "الكبة بسماقية" فقط، بحيث أن هذه الأكلة تظل مرتبطة بالعيد في أذهان أولادها.

لا عيد ولا سعيد

ويلف التشاؤم فئة كبيرة من السوريين المقيمين في أوروبا، تجاه مناسبة العيد. فأكثرهم بات يرى أن الفكرة كلها لم تعد موجودة في أذهانهم، لأن العيد يعني المجتمع الذي حولك، فهو أكثر ما يشعرك به، ويحثك على أن تعيش أجواءه.

وفي أوروبا، هذا الطقس غير متوفر، فما معنى أن يكون اليوم عيد، بينما أنت مرتبط بعدد من المواعيد مع بعض الجهات الرسمية، أو مع طبيب أو غيره..؟

هكذا تساءل "أبو عمر" المقيم في هولندا منذ أربع سنوات، لافتاً إلى أنه منذ نحو العامين، توقف حتى عن تذكير أولاده بهذه المناسبة، كي لا يتعرض لأسئلتهم التي لم يعد يملك إجابة عليها.

ويضيف أبو عمر، أن أخبار القتل والدمار في سوريا من الأسباب التي جعلته ينأى بنفسه عن تذكر هذه المناسبة. ففي كل شهرٍ تقريباً، يتلقى خبراً سيئاً عن أحد الأهالي أو الأقارب، الذين قضى بعضهم تحت التعذيب، أو أولئك الذين يموتون بمرض بعيداً عنه.. ويرى أبو عمر في ختام حديثه، أن العيد بالنسبة له ولأسرته، فكرة مؤجلة حالياً، إلى أن تتاح الفرصة له لممارسته، وسوريا محررة من الطغيان، وقد عاد الأمن والاستقرار إليها.

ترك تعليق

التعليق