السوريون والعيد في تركيا.. طبقاتهم، وألبستهم


ثياب العيد، بهجة الأطفال وهاجس الأهل مع إطلالة كل عيد، حيث يتزاحم الناس في الأسواق وتتوجه الأقدام إلى مبتغاها، فترى وجوهاً مستبشرة، وأخرى كالحة، أتعبها الضنك والحاجة الملحّة.

إلّا فرحة الأطفال

الأطفال لا يعلمون إمكانية أهاليهم على شراء ملابس جديدة لهم مع إطلالة كل عيد. يدركون أنهم أطفال وحسب، ويستعدون للّعب مع أقرانهم وزيارة الأهل والأقارب، ويحلمون بالمراجيح والمهرج والحلويات والطائرات الورقية.

العائلات اللاجئة في تركيا ترغب أيضاً بإدخال السعادة إلى قلوب أطفالها، وقد تجّرحت قلوب الآباء من ألم الفقر، وتعبت أجسادهم من إرهاق العمل.

جلس "أبو محمد الحلبي" الذي يبلغ من العمر 35 عاماً على كرسي هرم من كثرة الاستعمال، بعد أن انتهى من تفريغ حمولة سيارة شاحنة محملة بالإسمنت.

تنفس الصعداء، قال لزميله في العمل: "الآن أستطيع ان أشتري لطفلتيّ ثياباً جديدة، فالعيد بعد يومين، ويبقى عليّ تأمين تكلفة الذهاب إلى مدينة الألعاب".

وتابع: "إن كنا لا نستطيع أن نفرح بسبب ما خسرناه من أموال وأهل، فعلينا أن نجعلهم يفرحون ولا يشعرون بآلامنا".

للأغنياء عالمهم

ينقسم اللاجئون السوريون في تركيا إلى طبقات. فمنهم من يستطيع شراء أفضل الثياب لهم ولأطفالهم، ومن أرقى المحلات وأفخم الماركات، ويتحضر للذهاب في رحلات ونزهات.

وترى بعضهم يركب السيارات الفارهة، ويسهر في النوادي، ويشتري أفخم الثياب. وهؤلاء كما يقال، أغلبهم من محدثي النعمة، لا هم لهم سوى كسب الأموال بمختلف الطرق، وكثيراً ما يشار إليهم بالبنان على أنهم من لصوص الثورة، وكأنهم ولدوا في عالم آخر ولم يروا معاناة أهاليهم، أو لم يعيشوا معاناة قط، مع أن أغلبهم لم يكن يملك في سوريا سوى تعبه أو وظيفته.

وتشهد في تركيا، التجار الذين جاؤوا بأموالهم، وحسب رأي "الحاج أبو أسعد"، (لاجئ سوري في تركيا)، فهؤلاء نقلوا مصانعهم وتجارتهم إلى تركيا، فمنهم من يؤيد الثورة، وهؤلاء يعملون على تشغيل السوريين وبرواتب تتناسب مع العمال الأتراك، ويقدمون ما يستطيعون من معونات وخدمات للفقراء والمحتاجين والمصابين، ويعملون للكسب وتقديم المساعدة. ومنهم من يعادي الثورة، وهؤلاء يستغلون اللاجئين ويسعون للكسب السريع، وهم ينتظرون الفرصة للخروج من تركيا إلى البلاد الأوروبية، أو يراهنون على انتصار الأسد لكي يعودوا إلى حضنه، وهؤلاء حسب رأي "أبو أسعد" هم من الذين أثروا في سوريا بطرق غير مشروعة، أو من كبار الموظفين المرتشين، وأغلبهم مازال على علاقة مع نظام الأسد وأفرعه الأمنية.

وللفقراء عالمهم

وهناك الذين استطاعوا الدخول إلى سوق العمل، وتمكنوا بعملهم وجهدهم أن يؤمنوا دخلاً مقبولاً، وهؤلاء يتوجهون إلى المحلات العامة، ويشترون ثياب أطفالهم الجديدة بما يتناسب مع دخلهم، وقد يتمكنون من التوجه إلى الحدائق القريبة مع أقل التكاليف.

وهناك من لم يجد له عملاً من كبار السن والمثقفين وأصحاب الشهادات الذين لا مجال لعملهم في تركيا "المهندسين والمحامين ووو..." وهؤلاء نأوا بأنفسهم وأغلقوا أبوابهم، ويعتمدون على عمل أبنائهم إن وجدوا، أو بعض المساعدات التي تصلهم من أقرانهم وأقربائهم بصمت.

وتجد الطبقة الفقيرة المسحوقة وتشمل العائلات كثيرة العدد، وعائلات المصابين وأسر الشهداء، والنساء الذين ليس لهم معيل.
وهؤلاء يتوجهون إلى شراء الألبسة المستعملة من محلات البالة، أو ما يأتيهم من مساعدات الأغنياء والمواطنين الأتراك أو المنظمات والجمعيات الخيرية.

وتبقى فرحة العيد بالنسبة للجميع بسمة على شفاه طفل ولو لم يدرك ما يلبسه من ثياب.

ترك تعليق

التعليق