في التهريب إلى تركيا.. كيف يتقاسم تجار البشر، الأموال؟


تشكل مئات الكيلو مترات من الحدود بين محافظة إدلب وتركيا، كنزاً ثميناً لأصحاب مهنة تهريب البشر، التي ازدهرت بشكل كبير عقب اندلاع الثورة السورية في آذار 2011. ومع مرور الزمن، غدت لهذه المهنة أساسيات معينة لا يمكن لأحد أن يتغافل عنها.

أهم نقطة في التهريب -وفقاً للعديد من المصادر- هي التعرف على طريق غير مرصود من حرس الحدود الأتراك سواء كانت طبيعته الجغرافية لا تسمح بكشف المجموعات المتسللة نحو الحدود أو عبر المداومة على رصده على مدار الـ 24 ساعة.

وحين يكون الجو خالياً من خلال تبديل نوبات الحرس أو تقلص عدد الحراس أو غفلتهم عن المراقبة يقوم المهرب بتسيير زبائنه (يطلق عليهم اسم الركاب) على شكل مجموعات وتمريرهم نحو إحدى الضيع التركية.

ويلجأ المهربون في بعض الأحيان لحيل عديدة وذلك عندما تشتد الحراسة من قبل الأتراك ويصعب التسلل.

ومن هذه الحيل قيام المهربين بإرسال مجموعة تضم نساء وأطفالاً وكباراً في السن ومن خلال إيقاعهم بين يدي حرس الحدود يقومون بتمرير مجموعات كبيرة من الشبان مقتنصين فرصة انشغال الحرس بالمجموعة السابقة.

الشخص الذي يرصد الطريق يأخذ النصيب الأوفر من المال. وكلما كان الطريق الذي اكتشفه سهلاً وقصيراً وبعيداً عن أعين الأتراك كلما ارتفع السعر.

يُعرف الشخص الذي يرافق (الركاب) من أول الطريق الحدودي وحتى وصولهم إلى أقرب ضيعة تركية، بـ "الدلال". ويكون هذا الشخص في العادة من الشبان المتصفين بالسرعة والنشاط ومعرفة الطرقات. ويُعيّن لكل مجموعة اثنان أو ثلاثة من "الدليلة" الذين يختارهم صاحب الطريق بعد أن يدلهم على الممرات جيداً.

هؤلاء الأشخاص يقودون المرحلة الأخطر من عملية التهريب. ويقع عليهم مهمة تأمين الزبائن خلال اجتياز الحدود. وخطورة هذه المرحلة تكمن في حرس الحدود الذين يحاولون دائماً معرفة هؤلاء "الدليلة"، وفي حال وقع أحدهم في أيديهم فسيتعرض لأقسى درجات التعذيب والتنكيل وأحياناً القتل.

عقب وصول (الركاب) إلى إحدى ضيع إقليم "هاتاي"، تبدأ مرحلة تأمينهم نحو أنطاكية أو الريحانية، وهنا يستقبلهم أحد الأتراك ويختاره سائق الحافلة الذي يحمل الركاب من الضيعة باتجاه هاتين المدينتين.

وفي العادة؛ لا يسمح صاحب البيت التركي للأشخاص بمغادرة المنزل نحو بغيتهم في تركيا دون أن يحتال عليهم بأخذ مبلغ من المال لا يقل عن 50 دولاراً.

يمارس السمسار الذي يمتلك مكتباً للتهريب دور الدلالة فقط. وتنتهي مهمته عند الاتفاق مع أحد الزبائن وتوصيله إلى أحد المهربين الذين يرصدون الطرقات.

بالنسبة لتقاسم الأموال، يحصل الشخص الذي يرصد الطريق على أكثر من نصف المبلغ، في حين يأتي "الدليل" في المرتبة الثانية، وبعده السمسار (صاحب المكتب)، ثم السائق، وصاحب المنزل الذي يكون في العادة من الأتراك.

فإذا اتفق مكتب التهريب مع الزبون على مبلغ 600 دولار مثلاً: يتقاضى المكتب 50 دولاراً، والسائق وصاحب المنزل 50 أيضاً. أما الدليل فيأخذ مبلغاً يتراوح بين 100 و 150 دولاراً، ببنما يحصل صاحب الطريق على باقي المبلغ.

وتتراوح أسعار التهريب في الوقت الحالي بين 550 دولار و 1600 دولار، عن الزبون الواحد، وفقاً لمدى وعورة الطريق وطوله ورصده من قبل حرس الحدود.

خلال حديثهم لـ "اقتصاد"، قال عدد من الأشخاص الذين حاولوا العبور من إدلب نحو الأراضي التركية، "نحن لسنا سوى حفنة من الدولارات في نظرهم"، والحديث طبعاً عن مئات تجار البشر ممن يمتهنون التهريب نحو تركيا، حيث غدا العشرات منهم في عداد أصحاب الملايين خلال سنوات قليلة.

ترك تعليق

التعليق