مصر.. مزوّر يجعل مستقبل عشرات الطلبة السوريين في مهب الريح


لم تمض أسابيع على فضيحة تزوير شهادات ثانوية من قبل سوريين مقيمين في تركيا، بجامعة عينتاب، ليتم اكتشاف ذات الأمر من قبل وزارة التعليم العالي المصرية، وتقرر على إثرها، عبر إدارة شؤون الوافدين فيها، إحالة المتهمين للقضاء الإداري ووقف الطلبة المتهمين عن إكمال دراستهم وتقديم امتحاناتهم، بانتظار قرار القضاء بالقضية التي حملت رقم 1403 لعام 2018.

وبحسب مصادر خاصة مطلعة على تفاصيل هذه الحادثة التي هزت أوساط الطلبة السوريين في الجامعات المصرية، فإنها تمت عبر طالب جامعي يحمل جنسية سورية وجنسية عربية بمساعدة بعض الشركاء، ربما داخل إدارة شؤون الوافدين ذاتها وخارجها، والشخص ذاته تم توقيفه من قبل الأمن المصري في قسم شرطة مدينة 6 اكتوبر عام 2016 بتهمة تزوير مستندات رسمية وحيازة آلات طباعة غير مرخصة أصولاً.

قالت المصادر لـ "اقتصاد"، إن الطالب المشار إليه ترك فريقه السابق، بعد حادثة إلقاء القبض عليه، وعاد ليؤسس فريقاً للخدمات الطلابية في مدينة 6 أكتوبر، وبدأ عمله خلال عامي 2016 و2017 من خلال إقامة محاضرة تشرح عن التسجيل بالجامعات المصرية وطريقتها والأسلوب الأفضل لها والأسهل، ومن ثم تقديم خدمة التسجيل المجاني عبر الانترنت للطلبة المستجدين عبر موقع إدارة الوافدين المصري.

 ومع بداية عام 2018 تم توقيف الشخص المذكور من قبل قوات الأمن المصرية وإغلاق مكتبه.

"اقتصاد" التقى أحد أولياء أمور الطلاب الذين تم الإيقاع بهم من خلال هذا المكتب، وهو طبيب يتحدر من محافظة حماه السورية، روى لنا ما حصل معه. يقول الدكتور: "بعد أن نجح ابني بالثانوية العامة ونتيجة جهلنا كسوريين بطريقة التسجيل بالجامعات المصرية والقبول وطريقة التنسيق لجأنا إلى أحد مراكز الخدمات الطلابية عبر حضور محاضرة يشرح فيها المركز عن كل ما نرغب بالسؤال عنه، وبعد نهاية المحاضرة تحدثت قليلاً مع مدير المركز وسألني عن عملي وعن مجموع ابني وشرحت له أن مجموعه لا يؤهله لإكمال دراسة الطب فحسب نتائج المفاضلة ينقصه حوالي 10 درجات وأني سأضطر الى تسجيله في جامعة خاصة أو بكلية أخرى".

تابع الدكتور: "عندها قام الشخص المذكور بإبلاغي بأن بإمكانه تسجيله في كلية الطب على الرغم من أن مجموعه لا يؤهله لذلك، عبر استثناء من شؤون الوافدين. وطلب مبلع خمسة آلاف دولار ومقدم ألفي دولار. وبالفعل بعد عدة أيام دفعت له المبلغ، وبعدها تراجعت عن قراري وأبلغته بذلك خوفاً من أن يكون ما سيقوم به عملية تزوير، بعد أن تلقيت تحذيرات حول الشخص. ووعدني بإرجاع المبلغ. وسجلت لابني في جامعة حكومية في إدارة أعمال. وعند التقدم لامتحان الفصل الدراسي الأول عام 2018 تفاجئت قبل الامتحان بأيام بتعليق اسم ابني على لوحة إعلانات الجامعة لمراجعة شؤون الطلاب، حيث تم إبلاغه أنه ممنوع من دخول الامتحان بقرار من إدارة شؤون الوافدين، وعلى إثر ذلك ذهبت لإدارة الوافدين وسألت الموظف عن المشكلة فأبلغني أن لدى ابني قبولين، الأول في كلية الطب والثاني في إدارة الأعمال، ولكن ملف كلية الطب غير مستكمل الأوراق وعلي إزالة الالتباس، وهكذا دخلت في دوامة استمرت شهوراً لإزالة هذا اللبس، ولدى اتصالي بالشخص في مركز الخدمات الطلابية كان هاتفه مغلق، لأعلم أنه تم توقيفه من قبل السلطات المصرية، وليظهر لدي أنه بعد أن قبض المبلغ بدأ بتسجيل ابني دون أن يتمكن من التراجع عن تسجيله".

طالب سوري آخر يشرح لـ "اقتصاد" ما حصل معه، حيث يقول: "راجعت المركز للتسجيل الالكتروني بالمفاضلة"، وكان من يملئ له الطلب ويرفق المستندات هو ذات الشخص مدير المركز. تابع: "وعند ملئ الرغبات وبسبب مجموعي المتدني اخترت معهداً للتعويضات السنية وهنا قال لي لماذا لا تسجل طب أسنان، ضحكت وأجبته مجموعي لا يسمح، لكنه أبلغني أنه بإمكانه جلب شهادة ثانوية سورية لي من سوريا، وأن يسجلني على أساسها بكلية الطب والتكلفة 5000 دولار أمريكي، وهنا ضحكت وأجبته لا أملك المبلغ وأحمد الله أني لم أتورط معه خاصة بعد أن تم اغلاق مكتبهم واعتقاله، ولكن مما لاشك فيه أنه قبض الكثير من الأموال ودمر مستقبل طلاب كثيرين وما قام به سيضر كل الطلبة السوريين في مصر".

وللوقوف على الوضع القانوني للواقعة حاور "اقتصاد" المحامي المصري، عصام حامد، على اعتباره محامٍ عن بعض الطلبة المتهمين بهذه القضية، وقد اعتذر عن الإدلاء بأية تفاصيل خاصة بالقضية كونها مازالت منظورة أمام القضاء، مؤكداً صحتها وأنه جارٍ التحقيق فيها من قبل النيابة العامة، وأن عدد الطلاب السوريين الذي تم إيقافهم عن إكمال دراستهم الجامعية من قبل وزارة التعليم العالي بالعشرات، متحفظاً عن ذكر أسمائهم.

وقد أكد حامد أن المتضرر الأكبر هؤلاء الطلبة الذين اعتبرهم ضحايا لعملية تزوير لم يكن لديهم العلم بها. وختم حديثه متوجهاً للطلبة السوريين في مصر الراغبين في التسجيل بالجامعات المصرية، بأن يسجلوا بأنفسهم، وأن يكملوا أوراقهم بأنفسهم، ولمن هم خارج مصر توكيل محامين للقيام بهذه المهمة، تجنباً لأي حادثة من هذا النوع، قد يدفع فيها الطالب ثمناً لها، حياته الدراسية، وربما توجه له تهم جنائية أيضاً بسبب بعض السماسرة.

وختاماً، وبعد تحويل هذا الملف إلى القضاء، ينتظر الطلبة وذووهم نهاية التحقيقات لمعرفة مصير أبنائهم دراسياً وقانونياً مع توجيه تهمة التزوير لهم، علماً والكلام يعود للطلاب، أنهم كانوا ضحية لخداع من الشخص المزور ولم يكن لديهم أي علم أو دراية بواقعة التزوير.

ترك تعليق

التعليق