شلل في الزراعة بمنطقة "شواقة"، غربي داريا.. فما هو السبب؟


يواجه عشرات الفلاحين المقيمين في منطقة شواقة، غربي مدينة داريا، صعوبات كبيرة في الزراعة خلال الموسم الحالي، أدت لتقلص المساحة المزروعة، في منطقة تعتمد على الأرض كمصدر أساسي للعيش، عقب الحملة التي قادها النظام على مدينة داريا في تشرين الثاني 2012.

المتاعب تعود لأسباب طبيعية، كما أثرت السياسات الحالية لمديرية زراعة ريف دمشق التابعة للنظام، في تأزمها.

فور بدء الحملة العسكرية على داريا لجأت مئات العائلات التي نزحت من المدينة للإقامة في أرض شواقة الواقعة بين داريا وصحنايا غرباً. واستقر العشرات في مزارعهم وأراضيهم بينما حصل آخرون من أبناء المدينة على بيوت في المنطقة عن طريق استئجارها في أغلب الأحيان.

ويقول فلاحون من المنطقة إن ما ينتجه الموسم الصيفي الحالي يعتبر "متواضعاً بخلاف المواسم السابقة"، وذلك كنتيجة طبيعية لجفاف العديد من آبار المنطقة التي حُفرت خلال العقود السابقة على يد أهالي داريا. كما ساهمت الإجراءات التي اتخذتها حكومة النظام والتي تمثلت بمنع سقاية المزروعات بمياه الصرف الصحي، ما أدى لتقلص الناتج الزراعي بشكل كبير.

مديرية زراعة ريف دمشق هددت بقلب جميع المحاصيل الزراعية التي تروى بمياه الصرف الصحي ضمن حملة المديرية الواسعة لإيقاف الري بـ "المياه الآسنة"، على حد تعبيرها.

وبثت المديرية صوراً لقلب عشرات الدونمات في منطقة "شواقة" نتيجة لمخالفتها، وتمت فلاحة 600 دونم من المحاصيل الزراعية في المنطقة بإشراف رئيس دائرة زراعة قطنا والوحدة الارشادية في جديدة عرطوز، وبمؤازرة من مركز الشرطة في جديدة. كما تم تنظيم ضبوط بحق المخالفين بحسب ما أوردته صفحة المديرية التي نشرت صوراً لضبوط المخالفات.

وطالت حملة ضبط الري بالصرف الصحي عشرات الدونمات في كل من جديدة عرطوز وخربة الورد والمليحة وغيرها من بلدات الريف الدمشقي.

ومنذ نزوحهم يعيش المئات من أبناء داريا على ما تنتجه المساحة الزراعية الكبيرة لأرض شواقة سواء كانوا مزارعين أصليين أو عمالاً يشتغلون بـ "الفاعل" لقاء أجر يومي أو ساعي. كما خسرت العديد من الأسر أهم مواردها المالية نتيجة لتقلص الناتج الزراعي.

في السنوات الماضية كان الفلاحون يزرعون عشرات الأنواع من الخضراوات إلى جانب عنايتهم بعشرات البساتين التي تضم دوالي العنب والأشجار المثمرة، لكن شح المياه أدى لموت الكثير منها ما أدى لاعتماد المزارعين على مياه الصرف الصحي. والآن وبعد الحملة التي تشنها مديرية الزراعة يؤكد أحد سكان المنطقة أن عدداً من الأراضي أصبحت فارغة تماماً من المزروعات.

تحكي إحدى سيدات المنطقة أنها كانت تنتظر موسم حصاد الملوخية بفارغ الصبر كونه يؤمن مردوداً مالياً جيداً بعد قيام النسوة بتمشيقها في البيوت. لكن وبعد مشاهدتها للجوء عدد من الفلاحين إلى حراثة محاصيلهم من هذه النبتة التي أوشكت على الموت جراء انقطاع الماء أو قيام محراث تابع لمديرية الزراعة بفلاحة عشرات الدونمات المزروعة بالملوخية، فقدت الأمل في الحصول على مصروف الشتاء.

ويقول "أبو محمد" (اسم مستعار) الذي يقيم في شواقة منذ نهاية العام 2012، إنه لم يكن قادراً على العمل نتيجة الظروف الأمنية التي كانت تعيشها المنطقة قبل إخلاء داريا، وهذا ما جعله يعتمد على فرص التشغيل التي كانت توفرها المواسم الزراعية المتوالية في المنطقة.

أبو محمد، كان يرسل أبناءه الذكور لقطف محاصيل الفول والبازلاء وتجريز البقدونس والفجل والكزبرة في حين كانت النسوة في مزرعته التي استأجرها بمبلغ 20 ألف ليرة شهرياً، منشغلات بـ "تمشيق" الملوخية، و"تقميع" البامياء، و"تفسيخ" الفول والبازلاء. أما اليوم فيشتكي الرجل من صعوبة الحصول على هذه الأعمال جراء الأزمة الزراعية الراهنة.

وقال أبو محمد: "هذه المنطقة تضم عدداً كبيراً من النازحين الذين يعتمدون على الزراعة، لا يمكننا التكهن بمصير محاصيلنا خلال المواسم القادمة، لكنه ليس مصيراً جيداً على الإطلاق".

ترك تعليق

التعليق