النظام يخلف بوعوده الخدمية لسكان جنوب دمشق


بعد مرور أكثر من شهرين على إتمام ملف المصالحة أو التسوية في بلدات جنوب العاصمة، (يلدا، ببيلا، وبيت سحم)، لازالت الأخيرة تعاني من أوضاع سيئة للغاية نتيجة الإهمال وعدم تنفيذ الوعود التي قطعها النظام بتحسين الواقع الخدمي في المنطقة، فكانت تلك الوعود بالنسبة للأهالي كالجمل الذي تمخض فولد فأراً.
 
تذمر وشكاوى من الأهالي جراء حالة لم تعد تطاق. فأكوام النفايات تملأ الشوارع، والروائح الكريهة والحشرات الضارة الناتجة عنها لا تحتمل. فيما تهمل البلديات واجباتها بترحيل القمامة، حيث يقتصر عملها على الشوارع الرئيسية فقط، بحجة عدم توفر الإمكانيات إضافة لعدم إزالة السواتر وترحيل الركام.

 مصادر محلية قالت لـ "اقتصاد" إن الأهالي يعملون على تنظيف شوارعهم بجهودهم الخاصة وعلى نفقتهم بعد أن فقدوا الأمل من الوعود الكاذبة التي لا يُنفّذ منها إلا القليل، وأمام عدسات الكاميرات فقط.
 
"محمد أبو أسامة" من سكان جنوب العاصمة، أفاد لـ "اقتصاد" بأن رئيس بلدية بلدته، أبلغه أنه من الأفضل أن يتشارك أبناء حيه على استئجار تريكس لترحيل الركام من مدخل الحي. "قمت بزيارة لرئيس بلدية البلدة لمطالبته بالعمل على إزالة أكوام الردم من مدخل الحي حتى أتمكن من الدخول وإجراء الصيانة اللازمة للمنزل لكن رده كان مفاجئاً، حيث قال لي إذا تمكنا من إزالة النفايات بكون كثر خير الله، ممكن نأمن تركتور لترحيل الردم، لكن بالنسبة للتريكس شكلوا لجنة للحي، وتعاونوا على دفع كلفة تشغيل التريكس".

وأردف أبو أسامة قائلاً: "كنا نتوقع أن نعود إلى منازلنا في رمضان، وعلى أسوأ تقدير بعد عيد الفطر، لكن الوضع سيء للغاية. بالنسبة لتنظيف الشوارع دفعنا الكلفة أنا وجيراني، حيث بلغت كلفة إزالة السواتر والركام من حيينا 200 ألف ليرة سورية، لكن نحن كمواطنين كيف يمكننا أن نعالج مشاكل الكهرباء والماء والتي تضررت شبكاتها بشكل كبير خلال الفترة السابقة والتي يكلف إصلاحها الملايين هل سيتعاون الأهالي أيضاً على دفعها".
 


وكانت الفرقة الحزبية في بلدة يلدا عقدت منذ بضعة أيام، أول اجتماع لها في البلدة لمناقشة جميع الأمور التنظيمية والاقتصادية والخدمية. ومن بين التوصيات التي أقرتها الفرقة الحزبية ضرورة إحداث صندوق مالية في بلدة ببيلا، كي يدفع المواطنون التزاماتهم المالية، وإحداث كوة لدفع فواتير الكهرباء في البلدة، الأمر الذي أثأر سخرية الأهالي مطالبين بأكبال الكهرباء قبل إحداث الكوة.
 
"مروان" من بلدة يلدا يقول لـ "اقتصاد": "لازالت منطقتنا تعاني من انعدام الخدمات مع العلم أن البلدات الثلاث عادت لسيطرة النظام من 10/5/2018. أدنى مقومات الحياة مفقودة. على رأس مشاكلنا المياه والكهرباء والنظافة. المنطقة في وقت حصارها كانت أفضل مما هي عليه الآن، حتى أوراق التسوية لم يتم تسليمها للشبان حتى يتمكنوا من الخروج عبر حاجز ببيلا - سيدي مقداد، للبحث عن عمل في دمشق. حتى هذا الحاجز كان هناك وعود بإزالته، ما قاموا به فقط إلغاء النسبة التي كانت تفرض على دخول البضائع إلى المنطقة عبر الحاجز إضافة لزيادة عدد ساعات الكهرباء". 

وتابع "مروان" قائلاً: "إن معظم أعمال التنظيف داخل الحارات تمت بالتعاون بين الجيران حيث يتفقون ويدفعون لأصحاب الآليات لأنهم سئموا من انتظار المحافظة والبلديات حتى تباشر بعمليات التنظيف وإزالة الردم، حيث يُطلب من كل عائلة في الحي دفع مبلغ 10000 ليرة سورية مقابل تنظيفها. عدد كبير من أهالي البلدات المقيمين في منازل بالإيجار في دمشق قرروا تأجيل عودتهم إلى منازلهم بعد أن صُدموا بواقع المنطقة من نقص الخدمات وعدم توفر المياه إلا بالصهاريج وقلة ساعات الكهرباء. حتى مركز طبي غير موجود في المنطقة".
 
تقاعس الجهات الرسمية التابعة لنظام الأسد عن مباشرة مهامها في تأهيل المنطقة، دفع عدداً من شبان حي سيدي مقداد لتنظيم حملة تطوعية لتنظيف شوارع حيهم ومساعدة الأهالي. وبدأ الفريق بخمسة عشر شخصاً، حيث تم دعوة الشباب للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي لبدء العمل التطوعي وتنظيف الحي. وأنجز الفريق قسماً كبيراً من أعمال التنظيف، دون تدخل أي جهة رسمية. ونشر الفريق على صفحته في "فيسبوك" تنبيهاً للأهالي بعدم دفع أي مبلغ مالي لأي شخص لقاء أي عمل يقوم به باسم فريق سيدي مقداد التطوعي.

ولعل أكثر المتضررين من الواقع السيء الذي تعيشه البلدات الثلاث، هم أهالي البلدات المقيمين في دمشق، والذين تأملوا كثيراً بالخلاص من دفع الإيجارات والعودة لمنازلهم. فيما لا يشكل الوضع الحالي للأهالي المقيمين في البلدات مشكلة كبيرة كونهم اعتادوا العيش في ظروف أسوأ في ظل الحصار.

ترك تعليق

التعليق