الخدمات الحكومية في حمص.. للمؤيد، ولأصحاب الأموال


في عام 2017 بدأ اهتمام حكومة النظام يتركز على أحياء حمص (الورود ووادي الذهب والفردوس والباسل)، وهي أحياء سكانها من مؤيدي النظام، ويتغنى النظام بتمسكهم بهويتهم "الأسدية" وليس السورية، وتطوع شبابهم ضمن مجموعات الدفاع الوطني.

 واعتبرت حكومة النظام أن الواقع الخدمي في هذه الأحياء متردٍ جراء ظروف الحرب، مع العلم أن هذه الأحياء لم تُهجّر ولم "تُعفّش" ولم تشهد أعمالاً قتالية. وتم تخصيص مبلغ (600) مليون ليرة سورية لإعادة تأهيل المراكز الطبية ومؤسسات الصرف الصحي والأرصفة والشوارع، في تلك الأحياء.

مع بداية عام 2018 انتقلت خطة الحكومة لتحسين الواقع الخدمي في أحياء (المهاجرين والعباسية والباسل والفردوس)، وهي أيضاً أحياء مؤيدة للنظام ولم تشهد أعمال قتالية، ومع هذا فُضّلت على الأحياء المُدمّرة، حيث تم تنفيذ أعمال مدّ القمصان "الزفتية" في حي المهاجرين الواقع جنوب وشمال شارع المهاجرين الرئيسي، حيث بلغ مجموع أطوال الشوارع المنفذة بحدود (4000م.ط) بقيمة(65) مليون ليرة سورية. كما تم تنفيذ مد خطوط شبكة المياه والصرف الصحي.

 وتم في بداية شهر تموز / يوليو الجاري، البدء باستعادة السطوح لحفريات خطوط الصرف الصحي في شارع الجلاء من "شارع الخضري" حتى "دوار الفاخورة". كما تم تنفيذ مشروع الصرف الصحي من "دوار الفاخورة حتى وادي الدهب". ولكن لم يشمل المشروع تزفيت الشوارع بعد عمليات الحفريات، فأبقوا على الشوارع "محفرة" لحين إبرام عقد جديد للتزفيت. وهنا يبرز السؤال: أليس التزفيت جزء من مشروع الصرف الصحي؟

وتأخر إنجاز المشروع ضمن مدة العقد المبرم نتيجة التأخير بمنح الرخص للمتعهد (الشركة العامة للبناء) الأمر الذي أدى إلى سخط الأهالي وتقديم مئات الشكاوي.

كما شملت خطة حكومة النظام "حي الشماس" فتم التعاقد بقيمة (25) مليون ليرة سورية لمد "قمصان إسفلتية". كما تم التعاقد لترميم وإعادة "السطوح بالمجبول الإسفلتي" لحفريات الصرف الصحي بقيمة (50) مليون ليرة سورية. وتم رصد الإعتمادات اللازمة لمد "المجبول الزفتي" بعام 2019 لحي الشماس بقيمة تقريبية (100) مليون ليرة سورية.

ويتم التعاقد عن طريق إجراء المناقصة بطريقة "الضم أو التنزيل" على الكشف التقديري، أو المناقصة عن طريق استدراج عروض أسعار يفوز بها العرض الفني الأعلى والسعر المالي الأدنى وبالتالي السعر الاقتصادي (المقارن) الأفضل، حسب وصف وسائل إعلام موالية.

ولكن بالمجمل يتم التعاقد بالاتصال المباشر بشركات أو متعهدين متخصصين. وبكل الأحوال تلعب "المحسوبيات" الدور الأكبر بالتعاقد. كما يتم التعاقد بالتراضي مع شركات القطاع العام، بعد الاتفاق على الأسعار بين الطرفين، وتقدم عروض المناقصات إلى ديوان مجلس مدينة حمص.

مطالب بإنارة مقبرة قتلى النظام
 
على الرغم من أن كل الجهود تنصب في تخديم الأحياء التي تضم مناصري النظام، إلا أن سكان تلك الأحياء لا يتوقفون عن المطالبة بالمزيد من الخدمات، وكثرت الصيحات حول تخديم وإنارة مقبرة قتلى النظام وشبيحته (مقبرة الفردوس) ومحيطها وتزفيت شوارع هذا الحي (مقبرة الفردوس بحمص تضم أكبر تجمع لقتلى النظام وشبيحته بسوريا).

وكثر الاحتجاج حول عدم وجود إنارة في هذا الحي ولكون شوارعه غير "مزفتة" باعتبار غالبية سكان الحي من ذوي قتلى النظام وشبيحته. فطالب سكانه المحافظ بجعل موضوع مقبرة الفردوس ومحيطها من أولوياته، كما طالبوا بجعل هذه المقبرة وما حولها مزارع للورود والرياحين، فكان الرد بالوعد بجعل موضوع المقبرة ومحيطها من الأولويات.

وهنا يتساءل مواطنون: "أليس الأولى يا محافظ حمص إنارة شوارع الأحياء المهجرة وإزالة الأنقاض من الشوارع لتأمين عودة الأهالي النازحة ليعيش الإنسان في وطنه وتعود الناس إلى منازلها بدلاً من مقبرة؟!".

أحياء تعيش في الظلام

يشتكي أهالي أحياء حمص المدمرة والمهجرة من التركيز على تخديم الحارات المذكورة سابقاً، والتي لم تشهد تخريباً أو تدميراً، مقارنة مع أحيائهم التي تحتاج إلى نهضة خدمية كبرى.

وتعاني أحياء حمص في غالبيتها من ظلام حالك. فـ "(الشبابية) كلها ما فيها ولا لمبة شغالة"، وكذلك الأمر بالنسبة لحي (كرم شمشم) الذي قدم أهله مئات الشكاوي ولكن "عالوعد ياكمون"، الأمر الذي اضطر بأهالي الحي إلى التنازل عن كافة طلباتهم الخدمية والاقتصار على الطلب بإزالة الأوساخ والأنقاض والسواتر من داخل الحي. مع الإشارة إلى أن الحي منضوي تحت سيطرة النظام منذ ثلاث سنوات، وحتى اليوم لم يتم إرسال "تريكس" واحد لإزالة الأنقاض، فكيف للناس أن تعود إلى بيوتها وإلى متى..؟

أما بالنسبة لحي القصور الفوقاني، فقد كثرت المطالب بعد أن تم مدّ شبكة الكهرباء للحي، ولكن من دون تزويدها بالتغذية. وعند الاستفسار عن السبب كانت الحجة جاهزة وهي عدم ترحيل الأنقاض من الحي من أجل تأمين دخول سيارات شركة الكهرباء. فكلما دخلت سيارة "بيخرب" دولاب أو أكثر. وحتى اليوم لم تُرحّل الأنقاض من الحي والناس معها موافقة عودة نظامية، فإلى متى..؟

الاهتمام والخدمات لأحياء أصحاب الأموال

عوضاً عن تخديم الأحياء المدمرة والمهجر سكانها، يتركز اهتمام محافظ حمص ومجلس مدينة حمص على إعادة افتتاح وتجهيز مجمع السيارات (مكاتب بيع وشراء السيارات) في شارع القاهرة لعودة التجار إليه، وإعادة ترميم وافتتاح كافة مكاتب السيارات في شارع البرازيل وقرب جامع "الدروبي"، فبلغت كلفة إعادة تأهيل الشبكة الأرضية في سوق السيارات في حي البياضة نحو 13.5 مليون ليرة سورية.

وتابع مجلس المدينة تأمين الخدمات من كهرباء ومياه وإنارة واتصالات في سوق السيارات في حي "البياضة" تمهيداً لعودة أصحاب مكاتب بيع وشراء السيارات إلى السوق، وأعلنوا أنه سيتم الانتهاء من أعمال الشبكة الكهربائية خلال النصف الأول من الشهر السابع، وأنه سيتم بالتوازن تأمين أعمال إنارة السوق واستعادة السطوح والنظافة، وتم إعطاء أصحاب مكاتب السيارات مهلة حتى 15 تموز 2018 لتجهيز وفتح مكاتبهم وإلا سيقوم مجلس مدينة حمص، كما هددت رئيسة مكتبه التنفيذي "ناديا كسيبي" ونائبها "أحمد خضور" بتأجير هذه المكاتب واستثمارها، وهذا ما سيتم فعلاً باعتبار أن غالبية أصحاب المكاتب باتوا مهجرين خارج سوريا، فهدف حكومة النظام من إعادة افتتاح سوق السيارات ربحية بحتة، ولتخليص هذه المكاتب من ملاكها الأصليين.

إنها خطة إعادة الإعمار في حمص، التي لم تشمل شوارع حمص الغارقة بالأوحال، بل شملت رصد مبلغ (19) مليون ليرة سورية لترميم قصر المحافظ.

حدث في حمص وحدها، أن تُعوّض أضرار بناية منهارة بمبلغ (450) ألف ليرة سورية فقط، بينما يتم تأهيل محلات تجارية في أبنية آيلة للسقوط بهدف استثمارها. وتبقى الأحياء المزدحمة بالسكان النازحين أو المهجرة والمدمرة والمنهوبة، في غياهب النسيان.

ترك تعليق

التعليق