آلاء الزهوري.. لاجئة سورية تحمي سلاحف البحر من أكياس البلاستيك في لبنان


بصنارة معدنية صغيرة وخيطان مأخوذة من أكياس النايلون المهملة تُحيك الشابة اللاجئة "آلاء الزهوري" مع عدد من السوريات اللاجئات حقائب ملونة من مختلف الأشكال والألوان والأحجام ومجسمات طريفة لحيوانات برية وبحرية ضمن مشروع أطلقن عليه اسم جيلي فيش jellyfish بهدف حماية الطبيعة والبيئة البحرية ومنها السلاحف من خطر الأكياس البلاستيكية وتأمين مدخول صغير لسيدات نازحات سوريات يعشن حالياً في لبنان.


درست آلاء المتحدّرة من مدينة القصير بريف حمص الصف العاشر قبل الحرب، وحاولت خلال وجودها في سوريا أن تتقدم لشهادة البكالوريا ولكنها لم تتمكن بسبب الأوضاع التي كانت تعيشها من قصف ونزوح من مكان إلى آخر ضمن مدينتها ونظراً لعدم وجود إمكانية للدراسة كانت تشغل نفسها بالإطلاع على بعض أشغال جاراتها في الحياكة والتطريز إزجاءً للوقت دون أن تتعلم هذه الحرفة.


بعد نزوحها إلى لبنان شاركت آلاء –كما تروي لـ "اقتصاد"- في العديد من النشاطات مع منظمة العمل للأمل، وأثناء ذلك أعلنت منظمة اليونسكو عن دورة لقيادة المشاريع المجتمعية فالتحقت بها وتعرفت من خلالها على كيفية تطوير فكرة أي مشروع وتأسيس فريق له والسعي للعمل على أفكار جديدة ومبتكرة من ناحية، ومن ناحية أخرى تأمين دخل ولو بسيط لفريق أي مشروع، مضيفة أنها قدمت فكرة مشروع حول الأشغال اليدوية والخياطة ورغم أن فكرة المشروع تبلورت ووصلت إلى مرحلة متقدمة ولكنها لم ترى النور بسبب عدم الحصول على منحة من اليونسكو لوجود أفكار مشاريع مبتكرة أقوى من مشروعها.


بعد الانتهاء من التدريب تعرفت آلاء على الدكتورة "ليلى زاهد" وهي دكتورة لبنانية مهتمة بفنون الأشغال اليدوية والخياطة فعرضت عليها فكرة تصميم أشغال يدوية من خيوط البلاستيك (كيس البلاستيك) بدل خيوط الصوف، وبالفعل بدأت بتدريب سيدات الفريق على كيفية قص الكيس البلاستيكي واستخلاص خيوط طولانية منه ومساعدة اللاجئات السوريات المقيمات في المخيمات وخارجها ممن يمتلكن مهارة في الحياكة والأشغال اليدوية على تأمين دخل يومي يعينهن على ظروف اللجوء الصعبة وخصوصاً أن بعضهن كن يعملن مع بعض المنظمات والجمعيات ولا يحصلن إلا على النذر اليسر من الأجر.
 

وتروي المتطوعة الشابة التي تقيم في البقاع الغربي أنها بدأت مع أختها "مزنة" وفتاة أخرى من داريا تُدعى إيمان إلى جانب عدد من السيدات بالبحث عن أكياس النايلون المستعملة، وبدأن بتنفيذ قطع صغيرة تُستخدم لزينة عيد رأس السنة وعيد الميلاد عرضنها في سوق الطيب ببيروت، وهناك بدأت بتعريف الناس على المشروع وأهميته ومنتجاته، مضيفة أن الكثير من الأشخاص أحبوا الفكرة لأنها جديدة وشجعوهن على إكمال المشروع.


 ولفتت المتطوعة القادمة من ضفاف العاصي إلى أن من أهداف مشروعها حماية البيئة من أكياس البلاستيك عن طريق سحب الأكياس المستخدمة وجمعها من البيوت والمحال بدل أن تُلقى في القمامة، وذلك بغرض التخفيف قدر الإمكان من التلوث المترتب على هذه الأكياس.


 وتابعت آلاء أن الأكياس عندما تطير بطريقة أو بأخرى فهي تصل إلى البحر وبذلك تؤذي السلاحف وتتسبب بموتها، وتردف موضحة أن "السلاحف في البحر تأكل عادة (الجيلفيش) قنديل البحر وعندما يصل الكيس إلى البحر تظنه السلاحف قنديل بحر فتلتهمه وبهذه الطريقة تموت السلاحف وتتكاثر قناديل البحر المضرة بالبيئة البحرية".


ولفتت صاحبة المشروع 22 سنة إلى بعض الصعوبات والعراقيل التي تواجه مشروعها ومنها عدم تجاوب البعض من الناس مع الفكرة وجمع أكياس البلاستيك وبعض الناس-كما تؤكد- يطلبون ثمناً للأكياس التي يلقونها عادة في القمامة، ومن الصعوبات ما يتعلق بالتعامل مع الأكياس ذاتها الذي يحتاج لتعب وجهد ووقت لكونها مادة جامدة وكتيمة والسنارة معدن لذلك تضطر المتدربات-حسب قولها- لاستعمال الفازلين أو الكريمات من أجل تسهيل دخول السنارة، علاوة على صعوبات التسويق لأن بعض المقتنين يرون أن سعر القطعة غال نظراً لأنها من البلاستيك المستعمل رغم أنها مشغولة باليد وتحتاج إلى جهد وتعب شديدين لإنجازها.


ويواجه مشروع jellyfish بحسب آلاء صعوبات في تأمين مكان للعرض، مشيرة إلى أن بعض أصحاب المعارض يطلبون أجوراً مرتفعة مما يحد من تواجد فريق المشروع ومنتجاتهم في المعارض، ولذلك يتم التركيز على تسويق المنتجات عن طريق برامج التواصل الاجتماعي "فيس بوك" الإنستغرام"أو "واتس آب" ويتم عرض بعض المنتجات في سوق الطيب ببيروت بعض الأحيان.


وختمت آلاء مثنية على جهود بعض الأشخاص الذين ساعدوها في إطلاق ونجاح مشروعها ومنهم الدكتورة "ليلى زاهد" والمدرب "زياد حدارة" ورابطة الطلاب الجامعين إلى جانب عائلتها الصغيرة الذين كان لهم دور في التوجيه والإرشاد وتوصيل الأكياس أو إستلام القطع.


وتشير إحصاءات دولية إلى أن نحو 500 بليون كيس بلاستيك تستعمل في أنحاء العالم كل سنة، ولا يعاد تدويرها إلا بنسبة أقل من 1 في المئة. القليل منها يعاد استعماله أو يستخدم في سلال المهملات، لكن المليارات تنتهي في الطبيعة، فتنتشر في الحقول وعلى الأشجار والأسيجة في جميع البلدان، وتترسب إلى قاع المحيط وتخنق نحو مائة ألف حوت ودلفين وفقمة وسلحفاة وطائر كبير كل سنة.


ترك تعليق

التعليق